يعدّ تداول العملات أحد أهمّ وسائل العمل على الإنترنت، ولعلّ الكثير من الباحثين عن دخل إضافيّ يطّرحون السّؤال نفسه، ألا وهو: هل تداول العملات مربح؟

يعرف مصطّلح تداول العملات بأنّه عمليّة شراء العملات وبيعها بغيّة تحقيق الأرباح في سوق العملات الأجنبيّة، أو ما يُعرف بالفوركس. حيث يجسّد هذا السّوق مصدرًا رئيسيًّا للعملات الأجنبيّة، والصّرف. علاوة على ذلك، يعدّ هذا السّوق الماليّ هو الأضخم، والأكثر ربحًا في العالم. حيث أنّ متوسّط حجم التّداول اليوميّ فيه يتعدى 5.1 تريليون دولار أمريكيّ. وذلك وفقًا لتقارير بنك التّسويات الدوليّة الذي يعتبر بمثابة بنك عالميّ للبنوك الرئيسيّة الوطنيّة.

بالإضافة إلى ذلك، بإمكانك أن تقوم بعمليّات البيع، والشراء القصيرة، والطّويلة الأجل من خلال تلك العملات، وعقد الصّفقات عليها، والاستفادة من فرق البيع، والشراء، وإحراز أرباح من ذلك. وفي مقالنا هذا سنتحدّث عن كيفيّة تداول العملات، وأهمّ استراتيجيّاته، وعيوبه، وميّزاته، وهل هو مربح أو لا؟

كيفية تداول العملات

بما أنّك مهتمّ بمعرفة فيما إذا كان تداول العملات مربح. فلا بد من أنّك تريد معرفة كيف تتمّ هذه العمليّة.

في البداية يمكن القول إنّ تداول العملات يقوم على مبدأ بيع عملة محدّدة لشراء عملة أخرى. ولهذا يُشار إلى هذه العمليّة دائمًا في أزواج من العملات. على سبيل المثال: زوج الجنيه الإسترلينيّ، والدّولار الأمريكيّ (GBP/USD)، يشمل هذا الزّوج شراء الجنيه الإسترلينيّ البريطانيّ، وبيع الدّولار الأمريكيّ. مع العلم أنّ الرّمز المستعمل لكلّ عملة مؤلّف من ثلاثة أحرف، يمثّل أول حرفين منه اسم الدّولة، والحرف الأخير اسم العملة.

علاوة على ذلك، تدعى العملة الأولى الموجودة في زوج العملات الظّاهرة من الجّهة اليسرى بالعملة الأساسيّة، بينما تسمّى العملة الثّانية الظّاهرة على الجّهة اليمنى باسم عملة التّسعير. بالإضافة إلى ذلك، ممكن أن تعبّر عن سعر صرف زوج العملات بقدر ما تساوي الوحدة الواحدة من العملة الأساسيّة في عملة التّسعير. مثال على ذلك:  يمثّل زوج العملات اليورو، والدّولار الأمريكيّ (EUR/USD)، كميّة الدّولارات الأمريكيّة الذي يستطيع اليورو الواحد شراؤها. نتيجة لذلك، فإنّ تجّار العملات يفضّلون شراء اليورو بالدّولار الأمريكيّ، إذا عرفوا أنّ سعر اليورو سيرتفع مقابل الدّولار الأمريكيّ. بينما يبيعون اليورو لكسب الأرباح حين يزداد سعر الصّرف. أيّ نستطيع القول إنّ تجّار العملات يشترون زوج العملات، عندما يرتفع سعر العملة الرئيسيّة مقابل عملة التّسعير. بينما يقومون ببيع زوج العملات، حينما يقلّ سعر العملة الرئيسيّة مقابل عملة التّسعير.

استراتيجيات تداول العملات

هناك عدّة استراتيجيّات يتّبعها المهتّمون في تداول العملات المربح في سوق الصّرف الأجنبيّ. وهناك العديد من العوامل التي تميّز تطبيق استراتيجيّة على حساب غيرها. مثال على ذلك: حال السّوق الماليّ، وأسعار العملات بشكل عام، والفرص المتوفّرة عند التّداول. لذلك لا يفضّل كافّة متداوليّ العملات التّمكن من استراتيجيّة تداول واحدة فقط وتنفيذها، إنّما يعتقد البعض أنّه من الأفضل إتقان العديد من استراتيجيّات الفوركس وإجراؤها على عدّة حالات متوفّرة. ومن أهمّ هذه الاستراتيجيّات ما يأتي:

  • الاختراق Breakout Trading: هذه الاستراتيجيّة لا تستلّزم وقتًا، ولكنّها تركّز على النتائج طويلة المدى.
  • تتبّع الاتجاه Trend Following: تعني تحرّك السّوق بنفس الاتّجاه لفترة معيّنة. لذلك يجب على المتداولين مراقبة توجّه السّوق بشكل مستمر، ليكونوا من أوائل المنتفعين عند معرفة الاتّجاه المطلوب.
  • التداول المتناقل Carry trade: وهي استراتيجيّة متخصّصة بأزواج العملات التي لا تتغيّر كثيرًا، وتحرز نسب فائدة كبيرة. حيث تُؤخذ العملة ذات نسبة الفائدة العالية، أو تُباع العملة ذات نسبة الفائدة القليلة.
  • التداول الشبكي Grid Trading: تعتمد هذه الاستراتيجيّة على وضع أوامر وقف البيع والشراء، بحيث تنفّذ على مسافات معيّنة مسبقًا. بالإضافة إلى ذلك، تعيّين حجم مسبق للأرباح دون تعليق الخسارة.
  • الاختراق المتلاشي Breakout Fading: في كثير من الأحيان يحدث اختراقات كاذبة في مخطّطات سوق فوركس. نتيجة لذلك، تتوفّر فرصة مثاليّة لهذا النّوع من الاستراتيجيّات.
  • انخفاض التقلبات المفاجئة Decreased Volatility Breakout: هذه الاستراتيجيّة مماثلة لاستراتيجيّة الاختراق. وهي تستلّزم تسجيل فترة من التّقلبات القليلة نسبيًّا.

مميزات تداول العملات

لكلّ الذين يتساءلون فيما إذا كان تداول العملات مربح، يجب عليكم أوّلًا الاطّلاع على أهمّ مميّزاته. ونذكر منها:

  • التنفيذ اللحظي لأوامر التداول: إنّ تنفيذ صفقاتك على العملات ينجز بشكل فوريّ، أيّ دون تأخّر في أوامر البيع والشراء، لوجود كميّات ضخمة من العروض والطّلبات على كافّة الأسعار.
  • الشفافية وصعوبة التلاعب في حركة الأسعار: إنّ التّلاعب في أسعار السّوق من قبل المتداولين يعدّ أمرًا مستحيلًا. لأنّ ذلك سيستلّزم سيولة كبيرة، بخلاف ما يجري في أسواق الأسهم.
  • تداول الفوركس يتم بطريقة غير مركزية: لا يمتلك سوق العملات فوركس حدودًا جغرافيّة، ولا يلتزم التّداول فيه بمكان معيّن. بالإضافة إلى ذلك، يعمل السّوق عبر شبكات الاتّصال الإلكترونيّة بنظام OTC. الأمر الذي يمكّنك من الوصول للسوق وعرض الأسعار والتّداول فيه من أيّ منطقة حول العالم.
  • سهولة المتابعة وحصر أخبار العملات: نعلم أنّه هناك الآلاف من أسهم الشّركات المدرجة في البورصة. الأمر الذي يعقّد عمليّة اختيار الفرص الأفضل من بينها للاستثمار، أو التّداول. ولكن من ناحية أخرى، يمتلك سوق العملات عددًا محدّدًا من أزواج العملات، والتي يمكن التّركيز عليها.
  • إمكانية تحقيق الربح أثناء صعود أو هبوط العملات: تستطيع في سوق العملات التّداول في المسارين الصّاعد بالشراء، والهابط بالبيع، وذلك بفضل نظام الأزواج. الأمر الذي يُمكّن المتداول من اغتنام مناطق الدّخول، في حال الدّخول بيعًا.
  • إمكانية التداول بمبالغ بسيطة بفضل الروافع المالية: استطاع صغار المضاربين الأفراد من التّداول في الفوركس، بعدما كان هذا الأمر مقتصرًا على كبار التّجار، والبنوك، والمؤسّسات الماليّة. ويعود الفضل بذلك إلى نظام الرّافعة الماليّة، والهامش في سوق العملات.
  • سهولة فتح حساب حقيقي: بإمكان أيّ متداول مبتدئ التقدّم بطلب إنشاء حساب مع شركات الوساطة، وفتحه في دقائق معدودة. ولكن يجب الانتباه إلى مقاييس وشروط معيّنة عليك اتّباعها عند اختيار شركة الوساطة.

عيوب تداول العملات

بعد الاطّلاع على المميّزات، وقبل أن نخبرك فيما إذا كان تداول العملات مربحًا أو لا. لا بدّ من التّطرق إلى أبرز العيوب التي قدّ تواجهك، وهي كالتالي:

  • درجة التقلب ونشاط الأسعار: تواجه أسعار العملات في أغلب الأحيان تقلّبات كثيرة في العرض والطّلب. وذلك بسبب حساسيتها للعوامل الاقتصاديّة، والسياسيّة المتباينة. بالإضافة إلى ذلك، قد ينتج أحيانًا تحرّكات تعدّ قويّة وغير متوقّعة، الأمر الذي يؤدي إلى العديد من الخسائر للمضاربين.
  • المخاطرة المرتفعة: يحتوي تداول الفوركس باستعمال نظام الهامش، والرّافعة الماليّة على مخاطر كثيرة. حيث أنّ الرّافعة الماليّة تُستخدم لزيادة الأرباح النّاتجة من الفوركس. لكن من ناحية أخرى، فهي تتسبّب بخسائر فادحة إذا ما تحرّكت الأسواق عكس المتوقّع.
  • ضعف الجانب الإشرافي أو التنظيمي: لا توجد بورصة أو مقاصّة تنسّق عمليّات سوق العملات، بنفس الإمكانات المتّبعة في سوق الأسهم. لذلك يجب توخّي الحذر، واختيار الوسطاء بحرص، لتجنّب الاحتيال.

هل تداول العملات مربح

جوابنا على هذا السؤال هو: بالطّبع يعتبر تداول العملات أمرًا مربحًا. فقد استطاع العديد من المتداولين تأمين عائدهم وحياتهم عبر تداول العملات. علاوة على ذلك، فقد حققوا عائدات هائلة مكّنتهم من التّخلي عن أيّة وظيفة أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، بإمكان المتداول المبتدئ تحقيق أرباح مستمرة من تداول العملات، حتى إذا كان كميّة استثماره الأولى قليلة نسبيًّا. ولكن الأمر يستلزم الصّبر، والتّدريب الكافي، والتّعلّم المستمر لتحقيق ربح دوريّ متواصل.

ومن ناحية أخرى، لا يستطيع أحد أن يضمن دخل هذا المجال. ولكن مع استمرار التّدريب، وامتلاك خبرة كافية للتّداول، يصبح بمقدور الشّخص تحقيق أرباح ثابتة، ودخل منتّظم.

في الختام يمكن القول إنّه في أيّامنا هذه لا تحتاج الى مغادرة منزلك للاستثمار بأسعار العملات، حتى أنّك لست محتاجًا لشراء العملات فعليًّا. وذلك بفضل تداول العملات عبر الإنترنت. فكل شخص يستطيع الآن أن يستثمر بالعملات المختلفة من داخل بيته، ومن خلال حاسوبه، أو حتى عبر هاتفه الذكيّ.