مع دخولنا في العام الثالث على جائحة كوفيد 19، يمكن القول كانت أعوام صعبة، حملت معها تغييرات ثورية في مختلف جوانب الحياة. فمن كان يتخيل أن يشارك زملاؤه درس الموسيقى أو علم الأحياء من غرفته، أو أن يخضع لدورة تدريبية دون النظر في عيني مدربه. حسنًا لقد طالت هذه التغييرات مجال التعلم بمختلف أنواعه، فظهرت منصات وأنظمة إدارة التعليم الإلكتروني لتتبع عملية التدريس في المؤسسات التعليمية والشركات والمؤسسات. وللتعرف على نظام إدارة التعلم في السعودية تابعوا معي هذا المقال.
فكرة التعليم الإلكتروني ليست وليدة لحظتها، هذا ما بينه تاريخ التعليم لنا، فالفكرة طُرحت منذ بدايات القرن العشرين بمحاولات فردية، ثم جاء معهد ماساتشوستس التقني عام 2011 وقدم جميع مواده بشكل مجاني. تبعه موقع سليمان خان التعليمي المجاني، وجامعة بنسلفانيا وميشيجن، ومبادرات أخرى. ومع تطور الحاجة لإدارة عملية التعلم وتنظيم المحتوى ومتابعة تقدم الطلاب ظهرت نظم إدارة التعلم كوسيلة تواصل بين المعلم والمتعلم، ولاقت رواجًا وانتشارًا في دول العالم. وكذلك السعودية، فاستخدمت الجامعات السعودية مختلف نظم إدارة التعلم في مواكبة التطور الإلكتروني في مجال التعليم.
نظام إدارة التعلم
يمكن النظر إلى نظام إدارة التعلم Learning Manegment System (LMS) كمستودع للمعلومات، يسمح للمستخدمين بالوصول إليها أينما أرادوا. فهو عبارة عن برنامج يعتمد على الإنترنت، يساعد في تخطيط وتنفيذ وتقييم عملية التعليم، وبيئة عمل افتراضية لممارسة التعليم الإلكتروني. يُقسم إلى عنصرين:
- خادم: مهمته الوظائف الأساسية.
- واجهة المستخدم: حيث تحدث عملية تلقين العلم، فيستخدمها المدرسون والطلاب والإداريين لاستكمال عملية التعليم.
المهمة الرئيسية لنظام إدارة التعلم، هي تكوين المحتوى ومشاركته مع الطلاب بما يتناسب مع كل مستوى، وتقديم أدوات متابعة وتقييم واختبار الطلاب. بالإضافة لبعض الميزات التفاعلية لتمكين أداء العملية التعليمية مثل مؤتمرات الفيديو والمنتديات والمناقشات.
كذلك الأمر بالنسبة للشركات والوكالات بمختلف أحجامها، والتي تُخضع موظفيها لدورات تدريبية عبر نظام إدارة التعليم بحيث تقسم أدائه لتحديد أماكن الضعف لدى كل موظف ونقاط قوته، مما ينعكس بنتائج إيجابية على الشركة أو المؤسسة، ويوفر في الوقت والتكاليف. كما يوفر النظام أتمتةً لعمليات التعلم، من تسجيل وعرض وتقييم وتواصل وإشعارات وشهادات، فهو يعمل على:
- إدارة محتوى المادة التعليمية.
- تنظم وإدارة المستخدمين سواء كان طالبًا أو مدرسًا أو مديرًا أو متدربًا.
- إدارة العملية التعليمية بمختلف أنشطتها من واجبات ودروس ومحاضرات واختبارات وتقييمات وغيرها.
- تنظيم الاتصالات بين المعلم والمتعلم.
خدمات نظام إدارة التعلم في السعودية
يتيح النظام عدة عمليات تتكامل فيما بينها لإنجاز العملية التعليمية عبر الإنترنت بأكمل وجه، وهي:
- التسجيل: لجميع المستخدمين.
- جدولة المقررات، أو الدورة التدريبية، وتوضيح المخطط التفصيلي للتقديم.
- توصيل المحتوى للمتعلم.
- متابعة أداء المتعلم، وإنشاء تقارير عنه.
- الاتصال بين المعلم والمتعلم من خلال الإيميل والبريد، ومنتديات المناقشة ومشاركة الملفات.
- اختبار المتعلم وتقييمه.
أنواع أنظمة إدارة التعلم
هناك عدة تصنيفات لأنظمة إدارة التعلم، فهي تقسم من حيث المصدر إلى مفتوحة ومغلقة المصدر، أما من حيث العمومية فهي نوعان؛ عامة وخاصة. وفيما يلي سنتعرف على كل منها:
- نظام إدارة التعليم المفتوح المصدر: هي أنظمة مجانية، وغير قابلة للبيع، يمكن تطويرها والتعديل عليها بما يتناسب مع تطور العملية التعليمية، ومن الأمثلة عنها في السعودية نظام مودل Moodle.
- أنظمة إدارة التعليم المغلقة المصدر: هي أنظمة تجارية ربحية، وتعود ملكيتها لشركات محددة تعمل على تطويرها ومنع استخدامها دون ترخيص. ويعد نظام بلاك بورد أشهرها في العالم والسعودية.
- أنظمة إدارة التعلم العامة ( الجاهزة): هي الأنظمة المأجورة، وتعود أرباحها لجهة الإنتاج مثل بلاك بورد.
- نظم إدارة التعلم الخاصة (المطورة): تطورها جهات خاصة تلبية لرغبات محددة وخاصة بها لم تجدها في نظم أخرى، مثل نظام جسور التابع لوزارة التعليم العالي في السعودية.
أنظمة إدارة التعلم في السعودية
كانت المملكة العربية السعودية من المبادرين الأوائل في تخصيص عمادات ومراكز مختصة بأنظمة التعلم في جميع جامعاتها الحكومية (24 جامعة) والأهلية (8 جامعات). فاستخدمت نظم إدارة التعلم بأنواعه المختلفة. على سبيل المثال، تستخدم جامعة الملك سعود كل من البلاك بورد وجسور وموودل. أما في جامعة الملك خالد فتستخدم البلاك وبرد وجسور وتدارس، بالإضافة لأنظمة أخرى.
بعض أنظمة إدارة التعلم في السعودية
- نظام جسور JUSUR: تماشيًا مع التطور التقني في المجال التعليمي، ودعمًا للمنظومة التعليمية في السعودية، تعاون المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في المملكة العربية السعودية مع الجامعة الماليزية المفتوحة لتقديم نظام جسور كبرنامج لإدارة كل من العملية التعليمية والمحتوى. فخضع المدرسون بدايةً للتدريب والتأهيل، وطُرحت فيه آلاف المقررات من مختلف الجامعات، معظمها لجامعة السعود بن فيصل.
- نظام تدارس Tadarus: من أشهر الأنظمة في السعودية لإدارة المقررات والتدريبات عبر الإنترنت. طورته شركة حرف التقنية، لمساعدة المدارس والجامعات والشركات ومراكز التدريب على الوصول للمحتوى العلمي أو الخضوع للدورات لأكبر شريحة من المتعلمين وفي أي وقت ومن أي مكان. ويتميز بانخفاض تكاليفه مقارنة بالتعليم والتلقين التقليدي، والقدرة على المتابعة الدقيقة لكل حالة بين المتعلمين، مما يهيئ لبيئة تعليمية متكاملة، فاستخدمه كل من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والإدارة العامة لتلاوة القرآن وغيرهم.
- نظام مودل Moodle: من الأنظمة المفتوحة المصدر القوية والمرنة؛ يتوفر بأكثر من 45 لغة بالإضافة للعربية. يمكن استخدامه بشكل شخصي كما يمكن للجامعات، وذلك إما لإدارة المحتوى أو لإدارة عملية التعلم. وهو من البرامج القابلة للتعديل والتخصيص لتتناسب مع المبادئ التربوية. استخدمته كل من منظمة اليونيسكو والجامعة المفتوحة في بريطانيا.
- بلاك بورد: من الأنظمة المغلقة المصدر والعامة (التجارية)، تستخدم لتدريب الشركات بنفس الواجهة تقريبًا في العلم الجامعي. انتشر في معظم المؤسسات التعليمية والشركات حول العالم؛ فيتواجد باللغة العربية والإنكليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية. كما يقدم العديد من الخدمات التعليمية كالإعلانات والتقويم الزمني، والمهام، والتقديرات، ودفتر العناوين، والملفات التعليمية، والمراجع، ووسائل الاتصال.
مع كل ما يحدث حولنا وعلى جميع الأصعدة استطاع نظام إدارة التعلم في السعودية مواجهة التحديات الراهنة، إذ استطاع المحافظة على سير العمليات التعليمية في المؤسسات والشركات السعودية، وكان مركزًا لموارد التعليم والتدريب.