يعتبر العسل أحد كنوز الطبيعة ومن أكثر العناصر فائدةً للإنسان على مرّ العصور. وقد تعلَّمَ الإنسان منذ القدم طرق تربيّة النّحل، بالإضافة إلى طرق وموعد جني العسل. كما طور أساليب تعامله مع هذه الحشرة من حيث تربيته في مراعٍ خاصّة وفّرَ فيها كل المعدّات والوسائل المتاحة سواء للعناية به أو لجني العسل من خلاياه. مع العلم يختلف موعد جني العسل باختلاف البلدان والمناطق، نتيجة اختلاف المناخ والعوامل الطبيعية المحيطة بالنّحل وخلاياه. لذلك عزيزي القارئ سنسلّط الضوء في مقالنا هذا على كل ما يتعلّق بجني العسل في وطننا العربيّ.
الظروف المناخيّة وتأثيرها على موعد جني العسل
تتنوع المناخات المسيطرة على أراضي الوطن العربي، نظرًا لمساحته الكبيرة، حيث يختلف المناخ من دولة إلى أخرى ضمن تلك المساحة الشاسعة. وهذا ما يسبّب اختلافًا في أوقات إزهار النباتات. ولكن عادةً ما يكون فصل الرّبيع الوقت المناسب للجني. حيث يتغذى النّحل على رحيق أزهار الرّبيع فيما يسمّى بمرحلة ( تدفٌّق الرَّحيق).
حيث يتميز فصل الرّبيع بانتقال الطقس من البارد إلى الدّافئ، ليخرج النحل من الخليّة باحثًا عن الرحيق في الأزهار. ويستمر في عملية الجني هذه خلال فصلي الربيع والصيف مستغلّاً المناخ المناسب قبل وصول الطّقس البارد مع بداية فصل الخريف. وبسبب تنوّع المناخ في وطننا العربيّ فإننا نلاحظ تنوّعًا في الغطاء النّباتي، مما يساهم في تعدد أنواع العسل تبعًا للغذاء الّذي يحصل عليه النّحل.
الأمور الواجب مراعاتها خلال الجني
على النّحال أن يترك كمية من العسل في الخليّة كمؤونة ضروريّة للنّحل في فصل الشّتاء. كما من الضروري وأن يكون حذرًا بحيث لا يقطف الأقراص المليئة بالحضنة حتى لا يعرّضها للتلف، وبالتالي يتسبّب في أذيّة كبيرة للخليّة. ويتوجّب عليه اختيار الأقراص سداسيّة الأعين المختومة بالشّمع لأنّ العسل فيها يكون كامل التّركيز على عكس الأقراص غير المختومة بالشّمع، حيث يتعرّض العسل المنتج منها للتّلف السّريع بسبب احتوائه على نسبة عالية من المياه.
موعد جني العسل
هو الوقت الّذي تمتلئ فيه طبقات وإطارات الخلية بالعسل. وتختلف هذه الأوقات من بلد إلى آخر بحسب العوامل المناخيّة المحيطة. وبشكل عام فإنّ عمليّة جني العسل تتم في عدّة أوقات. حيث تكون المرّة الأولى للجني مع نهاية فصل الرّبيع. مع العلم يكون الإنتاج وفيرًا في كثير من الأحيان خلال هذه الأوقات نظرًا لغنى فصل الرّبيع بالأزهار والنّباتات المزهرة. في حين تكون المرّة التّالية للجني مع نهاية فصل الصّيف.
ولكي تمتلئ الإطارات بالعسل فإن النّحل يغادر الخليّة مع بداية فصل الرّبيع ودفء الطّقس، ليجمع الرّحيق من الأزهار وتجميعه في الخليّة. حيث أنّ النّحل لا يغادر الخليّة طالما كان الطّقس باردًا. ويستمر النّحل بعملية جمع الرّحيق من الأزهار طيلة فصل الرّبيع والصّيف إلى أن يبدأ الطّقس بالبرودة، وتبدأ درجات الحرارة بالانخفاض مع بداية فصل الخريف والّذي يعتبر إشارة لعملية جني العسل للمرة الأخيرة في الموسم قبل ملازمة النّحل للخليّة.
وأفضل مواعيد جني العسل من الخلية هو في الصباح الباكر. حيث أن النحل لا يكون قد خرج للعمل في جمع الرحيق بعد. ولا بدّ من التّأكد من نضوج العسل قبل جنيه لحماية العسل المجني من التّخمر والتّلف. ومراعاة عدم جني كامل كميّة العسل من الخليّة، وترك مؤونة كافية منه للنحل كغذاء له في فصل الشّتاء.
عدد مرّات جني العسل
إذا كانت مدّة تدفّق العسل طويلة، فإن الطّبقات الّتي استخرج منها العسل ستعود لتمتلئ من جديد، ولذلك يجب وضع هذه الإطارات فوق نافذة ملكة النحل أو على طبقات مليئة بالعسل تكون خلاياها متقشرة قليلاً.
يعتقد الخبراء بأنّ هذه الإطارات محبوبة جدًا للنحل، وحتى الملكة إذا كانت قريبة من هذه الإطارات فإنها ستضع البيض عليها. ولكن يؤخر الكثير من النحالين المحترفين جني العسل حتى تمتلئ جميع الأرضيات خلال موسم العسل، بهدف استخدام الإطارات ونصف الإطارات مرة واحدة فقط في السنة. مما يساهم في تقليل تكاليف استخراج العسل.
بالرغم من أنّ النّحل قادر على التّغذي من الطبيعة المحيطة به إلا أنّ بعض مربّي النحل يستخدمون الماء والسكر لإطعامه. والعسل المصنوع من السُّكر لهُ خصائص أقل من العسل الطبيعي. وتبذل العديد من الجّهات الحكومية وجمعيّات النّحالة في بلادنا العربيّة قصارى جهدها لمنع حدوث ذلك من خلال مراقبة عمل النّحالين بانتظام. وتقديم العسل الطبيعي مباشرةً من النّحالين الموثوق بهم.