تشكّل العلاقات الاجتماعيّة أحد المكوّنات الأساسيّة في حياتنا. وسواءٌ أكانت على المستوى الشّخصيّ أم المهنيّ، نحاول دائمًا أن نوظّفها بشكلٍ صحيحٍ يعود علينا بالفائدة. إلّا أنّنا نفشل أحيانًا في ذلك، وهذا ما يفسّر فشل البعض في إدارة محطيهم خصوصًا في مجال العمل.
كتاب “فقط أنصت” يعالج هذه المسألة بوضوح، ويحدّد أهمّ الأسباب المرتبطة بها. كما أنّه يتحدّث عن كيفيّة تحقيق التّواصل الفعّال مع الآخرين على اختلاف أطباعهم وشخصيّاتهم، وفي هذا المقال سنلخّص ما يتحدّث عنه الكتاب، وسنذكر مختلف الآراء حوله. كما سنلقي نظرةً على كاتبه، تابعوا معنا.

 

مؤلّف كتاب فقط أنصت

لنتعرّف بدايةً على المؤلّف لنكوّن فكرةً عامّةً عن المواضيع التي تتحدّث عنها كتبه.
مارك غولتسون Mark Guolston – طبيبٌ نفسيّ، ومؤلّفٌ ومستشارٌ للشّركات الكبرى. وهو مخترع العمليّة المسمّاة “التّعاطف الجراحي” التي يستخدم فيها التّعاطف الموجّه لإزالة حواجز التّواصل بين النّاس، وتحريرهم من المشاكل النّفسيّة والعاطفيّة، والتي قد تمنعهم من تكوين حياةٍ اجتماعيّةٍ صحيّة. ممّا قد يؤثّر على إنتاجيّتهم وبشكلٍ أهمّ سعادتهم. كما قدّم العديد من النّدوات والمقالات لوسائل الإعلام الكبيرة حول الصّحّة النّفسيّة، ولديه أكثر من 5 كتب في هذا المجال.
نشر كتاب “فقط أنصت” عام 2009، والذي حقّق نجاهًا باهرًا في مجاله بعدما شرح فيه قواعد التّواصل الجيّد مع الآخرين، وملأه بالكثير من الأمثلة التي توضّح أفكاره. كما تُرجم أيضًا إلى 24 لغةً، وتصدّر قائمة الكتب في العديد من المجلّات.

 

ملخّص كتاب فقط أنصت

يوفّر كتاب “فقط أنصت” في صفحاته العديد من الاستراتيجيّات التي يمكن للقارئ استعمالها، لتحقيق تواصلٍ أفضل مع الآخرين سواءٌ أكان السّامع أم المتحدّث. كما أنّها مذكورةٌ بشكلٍ سلس، ومزوّدةٌ برسوماتٍ وقصصٍ خلفيّة، حتّى يسهل فهمها لدى القارئ ولا يشعر بالملل أثناء قراءتها. إلّا أنّنا سنركّز في مقالنا على بعض هذه التّقنيّات، وسنترك الباقي كي يتمكّن القارئ من فهمها بشكلٍ كاملٍ عند قراءة الأمثلة الموضّحة في الكتاب. لذلك من أهمّ الاستراتيجيّات المذكورة:

دورة الإقناع

وهي من الأشياء الأولى التي كتب عنها مارك. وكما يشير الاسم تعبّر عن عدّة مراحل يجب المرور بها حتّى تقنِع الشّخص الذي أمامك بما تريد قوله (خاصّةً إن لم يكن مهتمًّا). وهم:

  • المقاومة.
  • الاستماع.
  • التّفكير.
  • نيّة العمل.
  • العمل.
  • تقدير العمل والاستمرار به.

يتحدّث كتاب “فقط أنصت” عن أوّل ثلاث خطوات، وهو ما ينقلنا إلى التّقنيّة التّالية:

الانعكاس

ما يقصد بالانعكاس هو تغيير طريقة سلوك الشّخص الذي تكلّمه أو قَلْبَها (إن صحّ التّعبير). فبدل أن يكون متحدّثًا بسرعةٍ وبنبرةٍ عالية، يخفّف نبرته ويتكلّم بهدوءٍ أكثر. أو يغيّر طريقة جلوسه/ وقوفه أثناء الحديث. إلّا أنّ غولتسون يتجاوز أشكال الانعكاس القديمة، ويناقش مستوًى أعلى يصل به إلى كشف ما يفكّر به الآخرون، ويسألهم عنه.
تعزّز هذه الطّريقة التّواصل اللّاشعوريّ مع الآخرين، وتهدف إلى نقلهم من مرحلة المقاومة إلى مرحلة الاستماع.

إظهار الضّعف

يمكننا شرح ذلك من خلال ما قاله مارك: “أظهر لهم رقبتك، وسيريدون إظهار رقبتهم لك”.
يحدث ذلك بسبب ما يسمّى “الخلايا العصبيّة المرآتيّة أو العاكسة” فلدى مشاركة نقاط ضعفك مع الآخرين، سيشعرون بك وسيرغبون بفعل المثل. بالتّالي عليك مشاركة مخاوفك مع الآخرين حتّى تضمن مساعدتهم لك وترخي دفاعاتهم.

الأسئلة التّحويليّة وأسئلة المعاملات

من الأمور المهمّة التي يجب اتّباعها لتحقيق تواصلٍ فعّالٍ مع الآخرين هي طرح الأسئلة عليهم، وليس فقط الاستماع لهم. وهنا نفرّق بين نوعين من الأسئلة بحسب الكتاب: تلك التي تتعلّق بالمادّيّات والتي تملك جوابًا واضحًا، وتلك التي تتعلّق بالأشياء المعنويّة والتي تحتاج إلى تفكيرٍ أكثر للإجابة عليها. حيث يطلق مارك على النّوع الأوّل اسم أسئلة المعاملات، وعلى النّوع الثّاني اسم الأسئلة التّحويليّة.
للتّوضيح، يمكن طرح السّؤال التّالي على الطّرف الآخر: “أين عثرت على الكتاب؟” كمثال على أسئلة المعاملات، ويمكن توضيح النّوع الآخر من خلال السّؤال: “هل تشعر أنّك في المكان المناسب في عملك؟”.
تفيد الأسئلة التحويليّة في تعميق علاقاتك مع الآخرين وجعلها أكثر خصوصيّةٍ، ممّا يدفع الآخرين إلى التّحرك والبدء بأخذ القرارات بدل التّفكير فيها فقط.

قوّة الشّكر

على الرغم من بساطة المفهوم وكونه من “البديهيات” إلّا أنّ له أثرٌ كبيرٌ في تعزيز العلاقات مع الآخرين. ويقول الكاتب في كتابه “فقط أنصت” إنّه على الرغم من كون الشّكر يقع في فئة “المعاملات” إلّا أنّ قيمته “تحويليّة”. ويرى أن الشّكر يتألّف من 3 أجزاء:

  • شكر الطرف الآخر على شيءٍ محدّدٍ فعله من أجلك.
  • الاعتراف بالجهد المبذول من قبل الشّخص الآخر، من خلال قول شيءٍ مشابهٍ لـ ” أعلم أنّك لست مضطرًّا لذلك…”.
  • إخبار الطّرف الآخر بالفرق الذي أحدثه تصرّفه معك.

 

تقييم الكتاب:

حصل كتاب “فقط أنصت” على تقييم عالٍ على موقع (goodreads) لتقييم الكتب. حيث ساهم أكثر من 7500 شخصٍ بإدلاء آرائهم حوله، حاصلًا على تقدير 4.02 من أصل 5 نجوم. ويعود ذلك لأهمّيّة المعلومات المطروحة فيه (وصحّتها) في الحياة اليوميّة. حتّى بالنسبة لأولئك الجيّدين في الاستماع لمشاكل الآخرين سيجدون بعض المعلومات القيّمة والجديرة بالاهتمام.
سلبيّته هي أنّه يركّز على “الاستماع” إلى الآخرين دون ذكر التّقنيّات الأخرى. كما أن بعض الطرق الأخرى المذكورة تعتبر متقدّمة، وتحتاج إلى الكثير من التدريب.
إن أردت، يمكنك المشاركة في تقييم الكتاب. لكن تأكدّ من قراءته أوّلا من خلال الضّغط هنا.

 

معلوماتٍ عامّة عن كتاب فقط أنصت:

  • الكاتب: مارك غولستون Mark Goulston.
  • العنوان الكامل للكتاب: فقط أنصت: اكتشف سر التواصل مع كلّ أنواع الشّخصيّات.
  • عدد صفحات الكتاب باللّغة العربية: 246 صفحة.
  • عدد صفحات الكتاب باللّغة الإنكليزيّة: 256 صفحة.س
  • تاريخ نشر أوّل نسخةٍ إنكليزيّة: 1/10/2009.
  • تاريخ نشر آخر نسخةٍ إنكليزيّة: 1/10/2009.

 

في النهاية، يمكننا القول إنّ كتاب “فقط أنصت” أحد أفضل 10 كتب في مجال تطوير الذّات، لكون المعلومات المقدّمة فيه مهمةً في كلّ مجالات الحياة وليست فقط المهنيّة. حتّى من هم جيدون في هذا المجال سيجدون كمًّا هائلا من الأفكار التي يمكنهم التحسّن فيها. لذلك إن كنت تبحث عن تعميق علاقاتك مع من حولك فعليك بالتّأكيد قراءة هذا الكتاب!