نُظّمت الكثير من قصائد الشعر في حُبٍّ الطيور، والتغزّل ببديع خلقها، وعذب صوتها، وجاذبية حضورها. وبمرور الأيام زاد الولع بهذا الحيوان الأليف حول العالم، وزادت الرغبة في امتلاكه والتمتع به. من هنا كانت ولادة فكرة أحد أهم أفكار المشاريع التجارية وهي تربية الطيور. في تونس، تنامى الطلب عليها في السنوات الأخيرة بشكلٍ غير مسبوقٍ، وامتهن العديد من المربين هذه المهنة وتفرّغوا لها  بشكل كامل. واليوم سنتعرف معًا على مستلزمات مشروع طيورٍ ناجحٍ في تونس.

تعلّق التونسيون بالطيور وتولهّوا بها، فانتشرت هواية امتلاكها وتربيتها، حتى لم يكد يخلو منزلٌ في المناطق الشعبية من طيور الحسون أو أحد أنواع الببغاوات كالكناري والماكاواو البادجي أو الغابوني أو طيور الحب وغيرها. وبلغ الأمر بالكثير منهم لدفع المبالغ الطائلة والإسراف في تدليلها والرعاية والعناية بها، من باب المفاخرة باقتناء أجود أنواع الطيور أو بهدف المتاجرة بها.

برزت تجارة الطيور في الأسواق المحلّية التونسية كتجارةٍ مربحةٍ في الآونة الأخيرة. ولم تقتصر على بيع الطيور فقط بل توسّعت لتشمل كل ما يتعلّق بها من مستلزماتٍ لتربيتها؛ كالأقفاص وأطعمة الطيور الخاصة، والأدوية والأعشاش وألعاب الطيور وغيرها، مُشكلةً مصدر رزقٍ وربحٍ وفيرٍ، وهو ما يعتمد على مقدار ما تولي الطيور من عنايةٍ واهتمامٍ، فإن كنت تمتلك الصبر والإلمام الكافي، والقدرة على التواصل الجيد معها، فأنصحك بالتفكير جيدًا في هذا المشروع.

العوامل الأساسية لنجاح مشروع الطيور في تونس

كغيره من المشاريع الأخرى يحتاج مشروع الطيور الناجح لعدة عوامل رئيسية يرتكز عليها للبدء والانطلاق. وعلى قدر الالتزام بها يكون نجاح المشروع، وهي:

  • الاهتمام بالنظام الغذائي للطيور، لتزويدها بكافة احتياجاتها من العناصر الغذائية، ولضمان النمو الصحي والجيد لها.
  • العناية بصحة الطيور، فأيّة مشاكل صحية تواجه الطير تعرّضه لخطر النفوق؛ وبالتالي فشل المشروع.
  • تأمين البيئة المناسبة لنمو فراخ الطيور؛ لحمايتها من الهلاك.
  • الرؤية المستقبلية لدى المربي ليطوّر من مشروعه، وذلك بالجمع بين سلالاتٍ متنوعةٍ من الطيور، للحصول على طفراتٍ جديدةٍ وسلالاتٍ نادرةٍ ومرغوبةٍ تعود عليه بالربح الجيد.
  • الإلمام بأسس تربية الطيور، فعلى الرغم من أنها لا تتطلب خبرةً كبيرةً إلّا أن هناك مستوىً لابد منه من المهارة والصبر، والدراية بشروط واحتياجات كل نوع من الطيور المُرباة.

مستلزمات مشروع تربية الطيور الناجح في تونس

قفص الطيور

  • وفقًا لحجم الطائر يختلف حجم القفص، فيجب أن يكون متناسبًا مع حجم الطائر بما يسمح له بحرية الحركة وفرد الجناحين، لأنها كائنات حيوية ونشيطة بطبيعتها.
  • أن تكون المسافة بين القضبان صغيرةً بما يمنعه من إخراج رأسه خلالها.
  • مكان تعليق القفص مهمٌّ لمحاكة البيئة الطبيعية البرية للطائر مهما كان نوعه، فيجب أن يكون مكانًا جيد التهوية والإضاءة لعدد كافٍ من الساعات، مع مراعاة حماية الطائر فيه من الظروف الجوية السيئة مثل التيارات الهوائية الباردة والأمطار شتاء، وأشعة الشمس وحرارتها العالية صيفًا.
  • تنظيف القفص بشكلٍ مستمرٍّ، والتخلّص من فضلات الطائر، لذلك لابد من استخدام  شبكةٍ خاصةٍ فوق أرضية القفص، لتشكل فاصلًا بين الطائر وفضلاته.
  • تزويد القفص بأوعية متخصصة لمياه الطائر وغذائه، وتنظيفها بشكلٍ دوريٍّ.
  • تأمين الألعاب الحركية لشغل الطائر بشكل مستمر، والحافظ على لياقته ونشاطه. يمكن استخدام فروع خشبية لحماية قدمي الطائر بوقوفه عليها.
  • فرش أرضية القفص بأكواز الذرة أو المناديل الجافة أو نشارة الخشب، واستبدالها بشكل يومي.
  • متابعة روتين الطيور الطبيعي، فتستيقظ هذه الكائنات مع بزوغ الفجر، وتنام مع غياب الشمس أي لمدةٍ تتراوح بين 10-12 ساعة. لذلك احرص على عدم تعرضها للأضواء الصناعية ليلًا كي لا تمنعها من النوم وتسبب لها الأرق؛ مما ينعكس سلبًا على ربحية مشروع الطيور.

تغذية الطيور

  • من مستلزمات مشروع الطيور الناجح التغذية الجيدة للحصول على طائر مرغوب وقوي البنية، هو تأمين النظام الغذائي الكامل العناصر الغذائية ومتوازن المحتوى من الفيتامينات والمعادن والبروتينات والكربوهيدرات والدهون، وهو ما يجب تحديده لكلّ نوعٍ بالرجوع للطبيب المختص. فتعتمد أغلب الحميات الغذائية المتبعة للطيور في تونس على البذور والحبوب، وهو ما لا يحقق كفايتها، ويُضعف جهازها المناعي وأنظمة الجسم، فيصبح الطائر معرّضًا للإصابة بخطر الوعكات الصحية، مما يهدد نجاح المشروع.
  • يجب تدعيم الغذاء بمكملات الفيتامينات والمعادن لتقوية وتحسين جودة الطيور، ومنح ريشها اللمعان والألوان الزاهية. ويمكن الحصول عليها من الصيدليات.
  • المياه النظيفة والمعقمة ضرورية أساسية لحياة الطائر وبشكل خاص في موسم الحر، فيمكن تقديم المياه المعدنية أو المغلية مسبقًا للطائر.

تزاوج الطيور

  • بدايةً لابد من تأمين طيور جيدة النوعية من مكان مضمون، ثم البدء بعددٍ قليلٍ من الأزواج ما بين 6-8 من الذكور والإناث.
  • افصل بين الذكور والإناث في أقفاص قريبة من بعضها حتى تبلغ عمر التزاوج، أي بعد ستة أشهر تقريبًا. ثم يمكنك نقلهما لقفص واحد.
  • تضع الأنثى سنويًّا بين 3-7 بيوض، لذلك لابد من تعويضها بالكالسيوم الذي تحتاجه خلال التزاوج بتقديم البيض بعد تفتيته وخلطه مع البقسماط (الكعك).
  • تثبيت القفص طوال فترة الرقود على البيض.

بعد تأمين جميع مستلزمات مشروع الطيور لا بد من التوجه نحو سوق التصريف. يوجد في تونس العديد من الأسواق الخاصة بالطيور يمكنك التسوق فيها أو عرض طيورك للبيع.

أشهر الأنواع لمشروع الطيور في تونس

  • الحسون: (المقنين) أو (البومزين) محبوب التونسيين، ذو الرأس القرمزي الأحمر والريش المتموج بين الأسود والأصفر. من أغلى أنواع الطيور لديهم، وذلك لندرته وصعوبة تكاثره في الأقفاص. للأسف أصبح في العقد  الأخير من الطيور المهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر له.
  • الدوري: الفنان بتغريداته ونغماته وزغرداته المختلفة. من الطيور الأليفة المتواجدة بكثرةٍ، لسهولة تكيفها مع جميع الأجواء، فيُعدّ من الناجين القليلين من عمليات الصيد في تونس.
  • الكناري: كائنٌ موسيقيٌّ، ينسجم  مع جميع الأصوات والألحان من حوله. يمتلئ بالحيوية والنشاط، ويزهو بألوان أغلبها الأصفر والبرتقالي. وعلى الرغم من ارتفاع ثمنه إلا أنه يلقى إقبالًا شديدًا في الأسواق التونسية.

استأثرت هواية تربية الطيور بالتونسيين لعقودٍ طويلةٍ، فكانت وليفهم وأنيسهم في وحدتهم. أما اليوم فيعد مشروع الطيور في تونس من أنجح المشاريع وأسهلها لمن يرغب في استثمار تلك الهواية.