شهدت الأسواق في الآونة الأخيرة اتّساعًا كبيرًا على المستوى الجغرافي. فبعد أن كانت مرتبطةً بالسوق المحليّ أضحت مقترنةً بالأسواق العالميّة. الأمر الذي ساهم في تعدّد مزايا تجزئة السوق segmentation. ولا بدّ أن نشير إلى كثرة الأسباب التي أدّت إلى هذا التّطور منها: تعدّد الأسواق الإنتاجيّة، والوعي الاستهلاكي لدى الفرد. بالإضافة إلى ذلك التطوّر التكنولوجي الذي ساهم في تقصير المسافات بين المناطق والدّول والقارّات، وجعل الكون قريةً كونيّةً واحدةً قائمةً على التّواصل العالمي الإكتروني، وبالتّالي اتّساع شبكة الأسواق.
يحتّم ذلك وجوب تجزئتها بما يتماشى مع متطلّبات الأفراد والعملاء مع مراعاة احتياجات الشركات المصنّعة وضمان تحقيق أهدافها الأساسيّة. وتتمثّل هذه الأهداف بالقدرة التنافسيّة، وتحقيق أكبر نسبة ممكنة من الأرباح، وكسب السمعة الاستهلاكيّة الحسنة، لضمان استمراريّتها في الأسواق الإنتاجية كما الاستهلاكيّة. ولا ننس أنّ أي إغفال في تطبيق أسس تجزئة الأسواق segmentation سيؤدّي إلى نشوء العيوب التي تسبّب خسائر ماديّةً ضخمةً للشركات والعملاء نذكر منها: زيادة نسبة التكاليف الإنتاجية، وهدر أموال الأعمال التسويقية.

شروط تجزئة السوق

تَتَطَلَّب تجزئة السوق وجود العديد من المتغيرات مثل إستراتيجيات البيانات التي يجب أن تتوافر فيها الشروط التالية:

  • أن تكون متغيرات تجزئة السوق قابلةً للقياس. التي يسهل الوصول إلى نسبها نَظَرًا لكثرة وجود البيانات.
  • سهولة الوصول إلى المتغيرات، لكن هذه العمليّة تعترضها قِلَّة الخبرة وانخفاض إمكانيّة تمويل القطاعات التي تسمح بذلك.
  • تلاؤم المتغيرات مع متطلّبات الشركات واحتياجات الأسواق الفرعيّة.
  • استقرار المتغيرات في الأسواق الذي يضمن التنبؤ بسلوكيّات الأفراد داخل الأسواق، وكيفية تعاطيهم مع المنتجات لا سيّما الحديثة منها.
  • اتباع جميع الأسس الأساسيّة في عمليّة تجزئة الأسواق.
  • مراعاة المجموعات الفرعيّة التي تمتنع عن شراء منتج معيّن ومحاولة ضَخّ منتج بديل يتناسب واحتياجاتها.
  • تمتع المنتج بمميّزات خَاصَّة فريدة لا يتمتّع بها أي منتج آخر، مِمَّا يساهم في جذب فئة كبيرة من المستهلكين.
  • تحديد مركز السّلع أو الخدمات أو المنتجات جغرافيًّا بما يتناسب مع الفئة الاستهلاكيّة الموجودة ضمن كُلّ منطقة.
  • الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي قد تواجهها عمليّة تجزئة السوق لا سيما تلك الناتجة عن القوة القاهرة.

معايير تجزئة السوق

تخضع عمليّة تجزئة السوق segmentation للمعايير التالية:

  • حجم السوق: دراسة حجم السوق لدى تجزئته، نسبة الإنتاج وزيادته، وتحديد عدد العاملين بالتوازي مع توسّع دائرة المجموعات أو الفئات. ولا بدّ من الإشارة إلى وضع دراسة شاملة، حيث تكون نسبة الإيرادات أكثر من كلفة الإنتاج.
  • رغبات المستهلك: لكل مستهلك رغباته واحتياجاته الخاصّة. لذا على الشركات مراعاتها والاهتمام بكلّ التفاصيل المتعلّقة بها لتقديم أفضل نوعيّة من المنتجات.
  • إمكانية الشركة على المنافسة: حيث تعمد إلى تصنيع منتج منخفض الكلفة لدى دخولها حديثًا إلى السوق كونها لا تزال تفتقر إلى قاعدة المستهلكين. بعد تمرّسها في الأسواق، تبدأ بالتصعيد خطوةً تلو الأخرى لتبني قاعدةً كبيرةً تستطيع تصريف إنتاجها من خلالها. ومن ثمّ المغامرة في طرح منتج ذات جودة وكلفة عالية تستطيع جني الأرباح من خلاله. وبالتالي تجزئة الأسواق إلى أكثر من فئة أو مجموعة.

مزايا تجزئة السوق segmentation

تتعدّد مزايا تجزئة السوق نوجزها وفق الآتي:

  • تكشف تجزئة السوق segmentation الفرص التسويقية وتسمح للمقارنة بينها. بالإضافة إلى ذلك، تحدد احتياجات كل فئة، إضافة إلى ذكر مدى قدرة الشركات على تلبية متطلبات السوق من هذه الاحتياجات.
  • تساعد على معرفة عدد الفئات داخل الأسواق والمنتجات المخصصة لكلّ فئة، ممّا يساعد المستهلك على وضع ميزانية إجماليّة للتسوق. أضف إلى ذلك إمكانيّة العملاء والعاملين في مجال التسويق تخصيص الأموال اللازمة لتسويق المنتجات وضخّها في السوق دون هدرها.
  • قدرة المسوق على تعديل المنتجات والخدمات لتتلاءم مع متطلبات الفئة المستهدفة. بالإضافة إلى ذلك، تحديد أهداف وأولويات البيع. كما يمكن للإدارة تحديد قطاعات جديدة مربحة تستحق اهتمامًا خاصًا.
  • زيادة إمكانيّة المنافسة في الأسواق من خلال حسن استخدام الموارد وتوظيفها عن طريق البرنامج التسويقي واختيار الأكثر كفاءةً. وبالتالي تطور الخدمات والمنتجات التي تقدّمها الشركات بواسطة عملائها.
  • توسع الدائرة الاستهلاكيّة، حيث تساهم تجزئة السوق في انتشار خدماتها الإنتاجيّة التي تقدّمها لفئة معيّنة لتطال شريحةً أكبر عدد من المستهلكين، ممّا يضمن زيادةً في نسبة الأرباح.
  • تحديد أسعار السلع والخدمات وفق دخل الفئات التي تتوجه لها. خصوصًا الفئات ذات الدخل المحدود أو المنخفض. بالإضافة إلى ذلك، حسن توزيع المنتجات وفق تقسيمات الفئات حيث تستهدف المنتجات ذات الجودة العالية الطبقة العليا الغنيّة، أمّا المنتجات الأقلّ جودة فتوزّع ضمن الفئات الوسطى أو ذات الدخل المحدود.

عيوب تجزئة السوق segmentation

على الرغم من وفرة مزايا تجزئة السوق إلّا أنّها عرضة لعيوب كثيرة منها:

  • ارتفاع كلفة إنتاج الخدمات أو السلع بسبب انتشارها على نطاق عالمي. بالإضافة إلى ذلك قصر الفترة الإنتاجية لها واختلاف نوعية المنتجات.
  • تخزين الشركات كميّة وفيرة من المنتجات بحيث تكفي متطلبات السوق. ممّا يعرّضها للتّلف بسبب القوة القاهرة كحريق المستوعبات مثلًا. وبالتّالي تكبّد الشركات خسارةً كبيرةً.
  • زيادة نفقات التسويق، الإعلانات الدّعائيّة والتوزيع نظرًا لاتّساع سوق السّلع وتوزّعها مناطقيًّا، محليًّا ودوليًّا.
  • عدم الاستفادة من استثمارات المنتجات نظرًا لتغير خصائص فئات السوق ورغباتها.
  • افتقاد الشركات لليد العاملة المتخصّصة في مجال التسويق والإعلان بسبب هجرتها. ولجوئها لتوظيف الأقلّ كفاءة وبالتّالي تراجع وجود السلع والمنتجات في الأسواق.

تلجأ الشركات إلى عملية تجزئة السوق segmentation لما لها من مزايا جمّة. بالإضافة إلى ذلك إمكانيّة زيادة نسبة أرباحها بسهولة وتطوّر مسارها العملي على مستوى التسويق والإنتاج. لكن هذه العمليّة تعترضها عدّة عيوب من شأنها تحوير مسار الشركة عن الهدف الأساسي المتمثّل بالمنافسة وجني الأرباح، إلى تكبّدها الكثير من الخسائر لعلّ أهمّها هدر أموال كلفة الإنتاج.