ما هي المركبات المستقلة ذاتية القيادة، لا يغفل أحدنا عن التطور الملحوظ الذي يمر به العالم في الآونة الأخيرة. ومن التطورات التي شهدها العالم هو المركبات (السيارات) المستقلة ذاتية القيادة؛ وهي عبارة عن تقنية جديدة تضمن التنقل من مكانٍ إلى آخر دون الحاجة لتدخل بشري مُباشر. ونستطيع اعتبار هذه التقنية على أنها ذروة التطور البشري في وقتنا الحالي، نظرًا للفوائد والآثار الإيجابية التي قد تنجم عن تطبيقها. فهذه التقنية سوف تضمن مع مرور الأيام انعدام حوادث المرور، التقليل من الازدحام المروري، وانخفاض كبير في معدلات التلوث البيئي. فما هي هذه المركبات المستقلة ذاتية القيادة؟ وما أنواعها؟ وكيف تعمل؟

لكي تعرف المزيد عن هذه المركبات والسيارات تابع معنا القراءة.

المركبات المستقلة ذاتية القيادة وتاريخ ظهورها

كما ذكرنا في بداية المقال أنّ المركبات (السيارات) ذاتية القيادة هي عبارة عن آليات تستطيع التنقل من مكانٍ إلى آخر دون الحاجة لتدخل بشري. بالإضافة إلى أنها مركبات لها القدرة على الاستشعار بالبيئة المحيطة لها. ولعل البعض يعتقد أنّ هذه المركبات حديثة التطوير، وان هذه التقنية لم تظهر إلا منذ سنواتٍ قليلة، إلا أن هذا التفكير مغالط.

فتعود التجارب الأولية لصنع مثل هذه المركبات إلى خمسينات القرن الماضي، وقد ظهرت أول سيارة حقيقية ذاتية القيادة في الثمانينات لذلك القرن وبالتحديد عام 1984. وكان ذلك خلال مشروع تابع لجامعة “كارنيجي ميلون”، وسرعان ما تبعه مشروع تابع لشركة مرسيدس وإحدى الجامعات في ميونيخ في ألمانيا عام 1987.

ومنذ ذلك الوقت بدأت جهود الشركات الكبرى تنصبُ على هذا الموضوع، ولكنها ازدادت في الآونة الأخيرة وبنتائج مرضية بحكم التطورات التي شهدها العالم. ففي العام 2009 باشرت شركة غوغل بتصنيع وتطوير التقنية الخاصة بالقيادة الآلية، وبالفعل تمّ اختبار أول سيارة ذاتية القيادة لغوغل Google Self-Driving car من نوع تويوتا. وبعد ذلك ب4 أعوام أصدرت ولاية نيفادا في الولايات المتحدة الأمريكية أول رخصة قيادة لسيارة ذاتية القيادة، وقد حصل ذلك بعد أن أكملت السيارة تقريبًا نصف مليون كم دون أي ضرر أو حادث.

مستويات أو أنواع المركبات “السيارات” ذاتية القيادة

وقد يعتقد البعض أن السيارات ذاتية القيادة لا تتطلب تدخلًا بشريًا أبدًا، إلا أن هذا الشيء يعتمد على نوع تلك السيارات والمركبات. ونستطيع القول إن هناك خمسة مستويات أو أنواع للمركبات المستقلة ذاتية القيادة والتي هي:

مركبات ذاتية القيادة بأنظمة متطورة “المستوى الأول”

ويبقى الغرض الأساسي من هذه السيارات هو تقديم الراحة والمساعدة الضرورية للسائق. فعندما تكون سيارتك مزودة بنظام القيادة الآلي فهي أيضًا مزودة بنظام الأمان والتحذير، وخاصةً التحذير عند مغادرة المسار الصحيح. كما أنها ستكون مزودة بمثبت للسرعة، وبمساعد للمكابح، ونظام التنبيه. وهذا الأخير يشغل أضواء المرايا الجانبية لينبه السائق على انتقال السيارة إلى المسار التالي. كما أن هناك ميزات أخرى قد ترافق هذا المستوى من السيارات ذاتية القيادة، مثل خاصية الركن الآلي أو الذاتي.

مركبات ذاتية القيادة مؤتمتة بشكل جزئي “المستوى الثاني”

وفي هذا المستوى يختص النظام الآلي بالجوانب الوظيفية للسيارة ذاتية القيادة، حيثُ يتحكم بضبط توجيه المركبة وسرعتها. على أية حال، يبقى لسائق السيارة دور كبير لأن عليه الاهتمام والانتباه إلى البيئة التي تحيط بالمركبة. كما يجب أن يراقب الظروف التي يتم القيادة بها آليًا.

مركبات ذاتية القيادة مؤتمتة بشكلٍ مشروط “المستوى الثالث”

وفي هذا النوع تراقب المركبة ذاتية القيادة ظروف أو بيئة القيادة ولكن بشروطها الخاصة. فهنا سيعبر نظام القيادة الآلي العوائق والمطبات التي قد تواجهها السيارة. ولكن هناك بعض العوائق، مثل ظروف طبيعية سيئة أو طرق جدًا وعرة، فهنا يجب على سائق السيارة التدخل والتحكم هو بقيادة السيارة.

مركبات ذاتية القيادة مؤتمتة بشكلٍ عالي “المستوى الرابع”

ويتميز نظام التحكم الآلي في هذا المستوى بأتمتة عالية ومسؤولية ذاتية عن كافة أمور المراقبة والتنفيذ في نفس الوقت. ولكن المركبات ذاتية القيادة التي تحتوي على هذا المستوى من النظام ليست موثوقة أو آمنة بشكلٍ كامل. فهناك بعض الظروف والوضعيات لا يتمكن نظام التحكم الآلي من تولي القيادة فيها. أي أنها غير مجهزة لتخطي وتجاوز جميع المواقف والعقبات التي قد تواجهها.

مركبات ذاتية القيادة مؤتمتة بشكلٍ كامل “المستوى الخامس”

وهذا هو المستوى المطلوب الذي تسعى إليه كافة الشركات. وما نقصده بالأتمتة الكاملة هو القيادة التي تخلو من أي تدخلٍ بشريٍ. ففي هذا المستوى ستتعامل المركبة مع كافة الظروف البيئية والطبيعية، وكافة العوائق التي قد تواجهها، وجميع أنواع الطرق التي قد تسير عليها. أي بمعنى آخر السيارة ستسير وكأنّ بشرًا يقودها، إلا أنها هي التي تقود نفسها بنفسها.

سلبيات المركبات المستقلة ذاتية القيادة

وكما هو الحال بالنسبة لأي اختراعٍ أو تطورٍ في هذا العالم؛ فهو سيف ذو حدين لا يخلو من بعض السلبيات. ومن أبرز السلبيات التي قد نلاقيها في المركبات ذاتية القيادة:

ارتفاع معدلات البطالة نظرًا للسيطرة المحتملة لهذا النوع من السيارات على خدمات ووسائل النقل. فلن نعود بحاجة إلى سائقي سيارات أجرة أو وسائل نقل عامة.

فقدان الخصوصية واختراق المعلومات الشخصية. وهذا الأمر قد ينجم عن الاختراق الذي قد تتعرض له السيارات ذاتية القيادة.

استخدام السيارات ذاتية القيادة لمطامع إرهابية مثل تحميلها بالمتفجرات أو المواد الممنوعة. وبالطبع هذا الأمر سوف يساعد أصحاب هذا الهدف على إخفاء هوياتهم وتحقيق مطامعهم بسهولة.

اختفاء مراكز ومحلات صيانة السيارات وتضرر أصحابها.

إيجابيات المركبات المستقلة ذاتية القيادة

ومن منا لا يتعرض لموقفٍ ما خلال قيادته لسيارته قد يسبب الأذى لنا وللآخرين من حولنا. وهنا يأتي دور المركبات ذاتية القيادة فلا نستطيع إنكار الأهمية الكبيرة التي تحظى بها والإيجابيات التي قد نلاقيها فيها. فهي مركبات أكثر أمانًا وستمنع الجهد والمشقة التي قد يشعر بها السائق. كما أن استخدامها سوف يخفض من مستويات حوادث السير، وبالتالي إنقاذ الأرواح وتوفير أموال الرعاية الطبية والصحية.

وبذلك انتهت جولتنا مع المركبات المستقلة ذاتية القيادة واستطعنا أن نعرف عن تاريخها، وأنواعها، وسلبياتها والإيجابيات. ومن يدري لعلّها في العام القادم ستغزو جميع الشوارع وستتواجد في جميع البيوت.