ما هي الأوراق التجارية؟ وبماذا تختلف عن الأوراق النقديّة؟ تعد الأوراق النقديّة أداةً أساسيّةً للتّعاملات بين الناس، وبشكلٍ خاصٍّ في العمليّات التجاريّة، إلّا أنّ أغلبيّة التّجار لا يحتفظون غالبًا في خزائنهم بالنّقود بدون استثمار، ولذلك فإنّهم دائمًا بحاجة إلى الائتمان، ويكون ذلك في شكل منح المستدين أو المشتري فترة زمنيّة يسدّد بعدها القيمة المطلوبة، ولذلك نتجت الحاجة إلى مستندات تنظّم هذه الأعمال التجاريّة، أُطلق عليها اسم الأوراق التجاريّة. وتعتبر هذه الأوراق مختلفة عن الأوراق الماليّة مثل الأسهم، والسندات، والنقود، وأذون الخزينة.

بدايةً سنعرّفها باختصار على أنّها أداة دين قصيرة الأجل تصدرها الشركات لجمع الأموال بشكلٍ عام لفترةٍ زمنيّةٍ تصل إلى عام واحد. كما أنّها أداة سوقٍ ماليّةٍ غير مضمونة أصدرت على شكل سند إذني وقدّمت في الهند لأوّل مرة في عام 1990. وفي مقالنا هذا سنتوسّع في الحديث عن ماهيّة الأوراق التجاريّة، وتاريخها، وكل ما يتعلّق بها من مميّزات ومخاطر.

تاريخ الأوراق التجارية

ظهرت الأوراق التجاريّة للمرّة الأولى في إيطاليا بسبب تطوّر المبادلات التجاريّة، وازدهار النشاط التجاري. الأمر الذي أدّى إلى التفكير في حل لأنّ النقود أصبحت صعبة التداول بسبب زيادة النّشاط التّجاري.

وقد قام المجتمع الدولي سنة 1910 في مؤتمر لاهاي بتعيين الشّكل العام لها وتوحيدها. كما قاموا بتعيين المسؤوليّات التي تنشأ عن الورقة التجاريّة، وبعد ذلك قد عُقدت الكثير من الاتفاقيّات إلى أن تمّ الاتّفاق سنة 1930 على الشكل الأخير لها.

ومع التطوّر التّكنولوجي الذي شهده العالم في وسط القرن العشرين، كان الميدان التجاري من بين أكثر الميادين تأثّرًا وتغيّرًا بهذا التطور التّكنولوجي. وهذا التطوّر قد تسبّب في ظهور التجارة الإلكترونيّة الأمر الذي أدّى إلى ظهور وسائل الائتمان الإلكترونيّة، والأوراق الإلكترونيّة واحدة منها.

ما هي الأوراق التجارية

هي محرّرات مكتوبة وفقًا لأوضاع شكليّة يعيّنها النّظام، كما أنّها قابلة للتداول بالطّرق التجاريّة. وتمثّل حق موضوعه مبلغ من النقود، وتستحق الوفاء في موعد محدّد، أو قابل للتحديد. بالإضافة إلى أنّ العُرف يستقر على قبولها كأداة لتسوية الديون مثلها مثل النقود.

أهمية الأوراق التجارية

  • إثبات حق: الأوراق التجاريّة هي مبلغ من المال بحوزة شخصٍ ما، وغالبًا يكون هو محرّر السند، ويجب على الشّخص الذي حرّر السّند أن يسدّد ما في ذمّته من مال عند الاطّلاع على السّند، أو عند تاريخ الاستحقاق الذي كتب فيها. وقد يكون الإيفاء بواسطته شخصيًّا أو من خلال طرف ثالث يسمّى المسحوب عليه.
  • قابليتها للتداول: وهذا يعني أن يُنقل الحق من شخص لشخص آخر، وذلك عن طريق التوقيع في ظهر السند، أو بواسطة نقل ذلك الحق مباشرةً بعد امتلاك الورقة التجاريّة.
  • تسهيل العمليات التجارية: إنّ ظهور الأوراق التجاريّة والتداول بها قد كان من أجل تسهيل كافّة العمليّات التجاريّة التي تتطلّب السلاسة وتجنّب كل التعقيدات.
  • الأوراق التجارية أداة ائتمان: إنّ التّجار يستخدمونها لكي يؤخّروا تاريخ الوفاء بالدّين إلى أجل محدّد، ممّا جعلها أفضل وسيلة ائتمان. وذلك لسهولة تداولها بين التجار، وهذه الميزة قد جعلتها بمثابة المعاملات التجاريّة بين الأشخاص القائمة أساسًا على الائتمان والثّقة.
  • استعداد الأوراق التجارية لسداد الدين: فعند حلول أجل الاستحقاق فهي السبيل لتسديد الدين بها، كما أنّها تحفظ حقوق كل الأفراد، وتؤمّن للدائن أخد ماله من المدين.

أنواع الأوراق التجارية

  • الكمبيالة: تعد من أقدم الأوراق التجاريّة، وهي عبارة عن ورقة تجاريّة حُرّرت وأُنشئت وفق الشروط التي يحدّدها القانون التجاري. علاوة على ذلك، إنّ هذه الكمبيالة تتضمّن أمرًا صادرًا من الشخص الذي أنشأها إلى شخص آخر يدعى المسحوب عليه. حيث يتكفّل بدفع مبلغٍ ماليٍّ معيّن عند حلول أجل الاستحقاق في تاريخ محدّد إلى طرف ثالث يدعى المستفيد.
  • سند السحب: وهو أمر من قبل أحد الأشخاص يدعى محرّر السند إلى شخص آخر يدعى المسحوب عليه. وبموجب سند السحب يقوم بدفع مبلغ معيّن من المال إلى طرف ثالث يدعى المستفيد عند حلول تاريخ الاستحقاق.
  • الشيك: هو عبارة عن ورقة تجاريّة وهو الهيئة المتطوّرة للكمبيالة. فهو يضم ثلاثة أشخاص وقابل للتظهير، لكنه يختلف عن الكمبيالة في كونه لا يصدر إلّا من البنك. فالشيك هو أمر يقوم بإصداره الساحب إلى شخص ثاني وهو البنك بدفع مبلغ مالي محدّد لشخص ثالث وهو المستفيد. ويختلف أيضًا الشيك عن الكمبيالة، بأنّه إذا حلّ تاريخ الاستحقاق ولم يكن في الشيك أيّ رصيد فإنّ القانون قد فرض عقوبة جزائيّة تصل إلى الحبس.

خصائص الأوراق التجارية

الأوراق التجارية صكوك تمثل حقا نقديا

تمثّل الأوراق التجاريّة حقًّا بمبلغ من النقود. وتسمح هذه الخاصيّة باستثناء بعض الصكوك المتداولة في الحياة التجاريّة من مجال الأوراق التجاريّة كسند الشحن البحري مثلًا. إذ أنّ هذا الصّك يمثّل بضاعة، ولا يمثّل حقًّا بمبلغ نقدي وبإيصالات الإيداع التي تمثّل البضائع والأشياء المودعة ولا تعبّر عن حق نقدي.

الأوراق التجارية صكوك قابلة للتداول بالطرق التجارية

تمثّل الطّرق التجاريّة للتداول في التظهير والتسليم. فالصكّ إذا كان لإذن أو لأمر شخصٍ محدّدٍ، فإنّه ينتقل فور الكتابة على الصك التي تفيد تنازل صاحبه عن حقّه الثابت فيه إلى الغير دون أن يتطلّب الأمر إجراء آخر. ولا تنتقل الأوراق التجاريّة إلّا بهاتين الطريقتين للتداول، بينما إذا كان الصك يتداول عن طريق حوّالة الحق المدنيّة فلا يعدّ من الأوراق التجارية.

الأوراق التجارية صكوك قصيرة الأجل

تكون الأوراق التجاريّة مستحقّة الأداء إمّا بمجرد الاطّلاع بها أو بعد أجلٍ قصيرٍ. فإذا كان الحق الثّابت في الورقة مستحقّ الأداء بعد أجلٍ طويلٍ، فلا تعتبر الورقة من الأوراق التجاريّة. وأيضًا لا تعتبر الأوراق الماليّة الذي يصدرها الأشخاص من الأوراق التجاريّة، لأنّها إذا كانت قابلة للتداول بالطرق التجاريّة، وتمثّل مبلغًا من النقود، فهي عادةً ما تكون طويلة الأجل، ومثال: عن الأوراق الماليّة السندات، والأسهم التي تصدرها الشركات.

الأوراق التجارية صكوك يقبلها العرف التجاري كأداة للوفاء

إنّ الخصائص الثّلاثة السابقة للأوراق التجاريّة هي التي تفسّر لنا قبول العرف التجاري لها كأداة للوفاء. فهي تمثّل حقوقًا نقديّةً من السهل تداولها بسبلٍ سريعةٍ، وغير معقدةٍ. بالإضافة إلى ذلك، فهي قصيرة الأجل من حيث استحقاق قيمتها إلّا أنّ ذلك لا يقصد أنّ العرف التجاري يقبل بالضرورة أيّة ورقة تحتوي على هذه الخصائص كأداة للوفاء.

مميزات الأوراق التجارية

هناك الكثير من مميّزات الأوراق التجاريّة، نذكر منها على سبيل المثال:

  • أداة دين قصيرة الأجل تم تعيينها لفترة استحقاق.
  • بالعادة قد يكون دينًا غير مضمون، حيث لا تتعهّد الشركة بأيّ أصلٍ. ولكنها لا تزال مؤهّلة للحصول عليه بناءً على سيولة الشركة، وقدرة توليد الإيرادات والإنجازات.

عيوب الأوراق التجارية

  • إنّها متاحة فقط لعددٍ قليلٍ من الشركات الممتازة والمربحة.
  • من خلال إصدار الأوراق التجاريّة، قد يخفّض الائتمان المتاح من البنوك.
  • يُنظّم إصدار الأوراق التجاريّة عن طريق إرشادات RBI.
  • يمكن استعمال هذه الورقة كشهادة للديون غير المضمونة

التمييز بين الأوراق التجارية والنقدية

على الرغم من اعتبار الأوراق التجاريّة والأوراق الماليّة أداة ائتمان قابلة للتداول، وتمثّل حقًّا في مبلغ من النقود إلّا أنّ هناك فروقات عديدة تميز بينها، نوجزها كما يلي:

  • تتمتع النقود بقوّة إبراء مطلقة من الديون، بينما الأوراق التجاريّة أداة وفاء احتماليّة ولا ترتّب الإبراء إلّا عند الوفاء بقيمتها.
  • يتوقّف حق إصدار النقود في الدولة وحدها، بينما يتمكّن كل فرد أن يصدر قدر ما يريد من الأوراق التجاريّة.
  • يقوم التعامل بالنقود على الثقة في الدولة، بينما يقوم التعامل بالأوراق التجاريّة على الثقة بموقّعي السند.
  • تصدر الأوراق الماليّة على شكل مجموعات، وتكون متساوية الثمن. على العكس من الأوراق التجاريّة التي تُحرّر منفصلة بهدف عمليّة معيّنة، وتختلف من عمليّة لأخرى.
  • لا اختيار في قبول الأوراق النقديّة لورقةٍ ماليّةٍ، إذ يُجبر الأفراد على قبولها في الوفاء. بينما الأمر ليس كذلك في الأوراق التجاريّة، بحيث تستطيع بعض الأوساط أن ترفض الوفاء عن طريقها وتشترط الوفاء نقدًا.
  • تخضع كل ورقة تجاريّة إلى التقادم. بينما الأوراق النقديّة لا يسري عليها ذلك، إلّا إذا تم تغيير العملة ذاتها بينما الحق فيها لا يتغير ولا يتقادم.

في الختام، يمكننا القول إنّ على كلّ من يودّ التّعامل بالأوراق التجاريّة يجب  أن يكون قد اطّلع على جميع المعلومات التي عن طريقها يستطيع أن يحدّد نوع الأوراق التجاريّة التي تناسبه.