الاستثمار في السندات؛ إن السندات بمثابة شهادة يلتزم بموجبها مُصدِر هذه الشهادة أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية لها عند تاريخ محدد يسمى بتاريخ الاستحقاق. مع أيضا الاستمرار في دفع فوائد متفق عليها بنسبة ما بناءا على القيمة الاسمية للسند. ويتم دفع تلك الفوائد بشكل دوري بغض النظر عن مدى ربحية أو خسارة مصدِر السند، أو ترتيب نقع ما سواء أكان في صورة جوائز يتم توزيعها بالقرعة أو مبالغ محددة متفق عليها سلفا. وفي هذه المقالة سوف نتعرف على حكم الاستثمار في السندات.

تعريف السند عند الاقتصادي

الاستثمار في السندات وقبل الحديث عنها ينبغي القول- يعرَّف السند بواسطة الاقتصاديين على أنه بمثابة إثبات خطي بدين ثابت لخص ما في ذمة شخص آخر.

– ووفقا لذلك التعريف الذي أقره الاقتصاديون. فإنه من الناحية الشرعية لا حرج في تلك المسألة. فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ{ (سورة البقرة- آية 282)

أحكام الاستثمار في السندات

بعدما قمنا بتوضيح تعريف السندات عند الاقتصاديين. فإن هذا يدفعنا للتساؤل: فما المشكلة في أمر السندات إذن إذا كانت بمثابة دين، و الديون يجب أن ترد لأصحابها؟ المشكلة ليست في رد القيمة الاسمية للسند و التي هي في الأساس بمثابة أصل الدين، ولكن تكمن المشكلة في تلك الفوائد التي يحصل عليها حامل السند. فهي بمثابة زيادة في قيمة القرض، أي أنها بمثابة ربا نسيئة، والربا النسيئة أمر محرُّم بالكتاب والسنة والإجماع، ولا فرق في نسبة تلك الزيادة بشكل عام هي محرمة تماما سواء أكانت كثيرة أو قليلة.

آراء الفقهاء والعلماء في الاستثمار في السندات

قام عدد من الفقهاء و العلماء المعاصرين بدراسة مسألة الاستثمار في السندات، و قد بينوا لنا حكم التعامل بها في المؤسسات المالية المختلفة. ولكنهم لم يتفقوا بشكل كامل على حكم واحد في تلك المسألة. وفي تلك النقطة سوف نقوم بتوضيح كل الآراء و أدلتها. و نشير أولا أنه قد تم التوصل أن الرأي الثاني هو الرأي الأكثر رجاحة .

الرأي الأول

هناك عدد من الفقهاء أمثال الشيخ شلتوت، الدكتور محمد موسى، الدكتور القرضاوي، و الدكتور صالح المرزوقي. الذين ذهبوا إلى تحريم التعامل مع السندات بجميع أنواعها، و قد استند هؤلاء الفقهاء – رحمهم الله – إلى عدد من الأدلة التي تثبت حُرمة التعامل في السندات حيث:

  • السندات بمثابة قروض مشروطة بفائدة محددة و ثابتة، و بناءا على ذلك فإن التعامل بالسندات هو ربا الديون المحرم بنص من القرآن الكريم. حيث يقول سبحانه و تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}.وتدل الآية بشكل واضح و صريح أن الربا أمر محرم، وبما أن التعامل بالسندات يتضمن ربا فإنها بالتالي أمر محرم.
  • هناك عدد من السندات التي تجمع بين الربا و الجهالة مث: السندات لحاملها، وآخى بين الربا والميسر. مثل: سندات الإصدار بعلاوة، سندات النصيب، و شهادات الاستثمار.
  • حامل السند ليس شريكا في الشركة المتعاملة بالسندات. أي أن حامل السند له نسبة ثابتة في الربح. و لا يتحمل مع الشركة أية خسائر قد تتكبدها، و هذا أمر محرم.

الرأي الثاني

هناك عدد من الباحثين والفقهاء الذين أدلوا و أوضحوا بجواز نوع معين من السندات و حرمة أنواع أخرى. أي أن الرأي الثاني قد توافق بشكل جزئي مع الرأي الأول في ثبوت حرمة عدد من السندات. مع عدم حرمة نوع آخر من السندات.

ما هي السندات المحرمة شرعا

وفقا للرأي الثاني والذي ذكرنا من خلاله وجود عدد من السندات المحرمة و أخرى غير محرمة وبعد الحديث عن الاستثمار في السندات ينبغي القول هناك سندات يحرم الاستثمار فيها:

  • أولا: تحَّرم السندات التي تمثل التزاما بدفع مبلغ ما مع الحصول على فائدة أو نفع عائد إليه سواء من حيث الإصدار، الشرآْ، أو التداول. وذلك لأنها قروض ربوية، ولا معنى تغيير مسماها. فإذا سميت صكوكا استثمارية، إدخارية، ربحا، ريعا، عمولة، أو عائدا. فكل ذلك لا يرفع عنها حكم التحريم أو حكم كونها ربا.
  • ثانيا: تحَّرم السندات ذات الكوبون الصفري، وذلك لكونها قرضا يباع بأقل من قيمته الاسمية. ويستفيد حاملها بفرق ما و هو الفرق بين القيمة المنخفضة التي تم البيع بها و قيمتها الاسمية التي ستَستحَق بها. وهذا الفرق أيضا بمثابة ربا.
  • ثالثا: تحَّرم السندات ذات الجوائز لأنها تعتبَر قروضا ذات شرط بنفع أو زيادة لحاملها. فهي تأخذ أيضا شَبهة المقامرة.

بدائل السندات المحرمة شرعا

هناك عدد من السندات التي يمكن الاستثمار فيها و التي لا يشوبها شَبهة الربا. والتي نطلق عليها بدائل السندات المحرمة حيث:

تُعَد السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع استثماري أو نشاط استثماري معين غير محرمة و يمكن التعامل بها. و ذلك لأن لذلك النوع من السندات لا يكون لحملة السندات فائدة محددة. بل نسبة من أرباح المشروع المتحققة بقدر ما يمتلكونه من سندات.كما أن هذا الربح ليس قطعيا. بل أنه يحصلون عليه في حالة إذا ما حققت الشركة فعلا أرباحا. ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم 30(5 / 4) لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة.

بذلك وصلنا إلى نهاية مقالنا أحكام الاستثمار في السندات.