لاشكّ أن مفهوم التسويق الهرمي من أكثر الموضوعات المثيرة للجدل في مجال التسويق، خاصّةً مع ازدياد الاهتمام بعمليّة التسويق. حيث تدور العديد من التساؤلات حول التسويق الهرمي الذي أصبح متداولًا بشكلٍ كبيرٍ حول العالم. حيث تنتشر شركات التسويق الهرمي بشكلٍ واسعٍ، وتجذب إليها آلاف الأشخاص الّذين يحلمون بتحقيق الثراء السريع. حتّى أنّها حقّقت شهرةً واسعةً في البلدان العربيّة مثل مصر وتونس والمغرب.

ومن المحتمل أنّك سمعت من أحد معارفك أو المحيطين بك عن التسويق الهرمي، أو عن أشخاص حقّقوا أرباح هائلة باشتراكهم في هذا النّظام. أو ربّما حاول أحدهم إقناعك بالاشتراك، وقدّم لك وعود ساحرة بتحقيق مبالغ هائلة خلال فترة قصيرة من الزمن. لكن ما مدى مصداقية التسويق الهرمي؟ وهل هو فعلًا الطريق السّريع إلى الثراء؟ في هذا المقال سنجيب عن هذه التساؤلات، لكن أوّلًا سنتعرّف على بداية ومفهوم التسويق الهرمي.

بداية ظهور التسويق الهرمي

بدأت هذه الفكرة مع تشارلز بونزي، إيطالي غادر بلده إلى الولايات المتحدّة بعد أن ساء وضعه بسبب أعماله في النصب والاحتيال، والتي كادت تدخله السجن. وبعد ان تنقّل بين عدّة وظائف في الولايات المتحدة، غادر إلى كندا ليعمل في أحد البنوك الإيطاليّة، إلّا أنّه ضُبط بجريمة التزوير وسجن لمدّة ثلاث سنوات. بعد خروجه من السجن عاد إلى الولايات المتحدة، وفي تلك الفترة انتشرت البطاقات البريديّة، التي تمكّن الأشخاص من أي دولة التّواصل مع العائلة والأصدقاء في الولايات المتحدة.

و عندها لاحظ بونزي فرق سعر هذه البطاقات بين الدولار الأمريكي و العملة الإيطاليّة، وأنّه بدولار واحد في إيطاليا يمكن شراء عدد أكبر ممّا يمكن شراءه في الولايات المتحدّة. وبذلك بدأت تجارة بونزي بالبطاقات البريديّة، وكان يضاعف أي مبلغ بعد شهر. كما أقنع من حوله بأخذ أموالهم ومضاعفتها، ونجح في ذلك، ثمّ انتشر الأمر بين الناس ولم يعد بحاجة إلى إقناع الآخرين، فقد تدفّق العملاء إلى مكاتبه بشكلٍ هائل.

لكنّ هذه التّجارة كانت مجرّد تغطية لعمله، كان بونزي يستخدم أموال كل طبقة جديدة لإعطاء الطبقة السابقة أرباحها. بينما يكسب هو من فرق المال بين الطبقات، وكلّما زاد عدد المستثمرين زاد ربح بونزي. وقد اكتسب ثقة النّاس لأنّه كان قادرًا على التسديد في الوقت المحدّد، وبذلك نشأت سلسلة بونزي. وعلى الرغم من انهيار إمبراطوريّة بونزي في النهاية، إلّا أنّها كانت البداية لظهور مفهوم التسويق الهرمي.

مفهوم التسويق الهرمي

عمل غير مستقر، يعتمد على خلق شبكة من المسوّقين بهدف جمع المال من أكبر عدد ممكن من المشاركين. وهو نظام غير عادل حيث أنّ المستفيد الأكبر هو شخص واحد في قمّة هذا الهرم. بينما تقّل نسبة ربح الأشخاص في قاعدة الهرم، ومنهم من يخسر المال. في التسويق الهرمي غالبًا يتمّ استهداف الشباب الذي يطمح إلى كسب المال وتحقيق الثراء بأسرع شكلٍ ممكن، إضافةً إلى طبقات المجتمع الفقيرة.

من خلال إقناعهم بالاشتراك وتحقيق الربح السريع، ليقوم كل مشترك بعد ذلك بإقناع أشخاص آخرين ليحصل على عمولة كلّما نجح في ضمّ أشخاص جُدد. إذًا حسب مفهوم التسويق الهرمي قد لا تتوقّف الخسارة على المال فقط، قد يخسر البعض عائلته أو أصدقائه أو عمله. لأنّ المشترك غالبًا يلجأ لإقناع الأشخاص المحيطين به للانضمام لهذا النظام.

كيف يعمل التسويق الهرمي

يتطلّب الاشتراك في هذا النظام شراء المنتج من الشركة، ثمّ عليك استقطاب المزيد من الأشخاص، و إقناعهم بالاشتراك من خلال شراء المنتج. بالتّالي يصبح كلّ مشترٍ للمنتج وكيلًا للشركة يروّج المنتج، ويجني المال من العمولات. ومن الجدير بالذكر أنّ هذا المنتجات رديئة الصنع ورخيصة، إلَا أنّها تُباع بأضعاف سعرها. بالتّالي الهدف من التّسويق الهرمي ليس التسويق لمنتج حقيقي، إنّما جذب المزيد من المشتركين.

ويعدّ التسويق الهرمي غير قانوني، وشكل من أشكال النصب والاحتيال. لأنّ ربح الشخص المتربّع على قمّة الهرم مبني على خسارة الأشخاص المتواجدين في قاعدة الهرم. لذلك لن تجد من يقول لك أنّ العمل هو تسويق هرمي، كما أنّ الشركات تستخدم مصطلحات أخرى مثل التسويق الشبكي أو التسويق متعدّد المستويات لتغطية عملها.

الفرق بين التسويق الهرمي والشبكي

يخلط الكثيرون بين مفهوم التسويق الهرمي والشبكي، إلّا أنّ هناك عدّة فروقات بينهما. وفيما يلي أهم الفروقات بين التسويق الهرمي والتسويق الشبكي:

  • في التسويق الهرمي يوجد شخص واحد في القمّة وعدّة أشخاص في القاعدة. بينما التسويق الشبكي يعتمد على وجود شبكة، حيث يوجد أسفل كل شخص شخصين.
  • لا يعتمد التسويق الهرمي أي نظام حسابي، بينما هناك نظام حسابي ثابت في التسويق الشبكي.
  • قد يتطلّب الاشتراك في التسويق الهرمي الشّراء في كل مرحلة، أمّا في التسويق الهرمي تصبح مشتركًا بعد الشراء لمرّة واحدة.
  • يركّز التسويق الهرمي على تسويق العضويّة وليس المنتج، بينما يقدّم التسويق الشبكي خدمة أو منتج حقيقي.
  • هناك دومًا عدم وضوح حول التسويق الهرمي، بينما يقدّم التسويق الشبكي معلومات واضحة للمشتركين.
  • يعتمد الربح في التسويق الهرمي على ضم مشتركين جدد، أمّا الربح في التسويق الشبكي فهو ثابت يعتمد على ما تمّ بيعه.
  • عدم ضمان توصيل المنتج إلى العميل في التسويق الهرمي، وضمان التوصيل في التسويق الشبكي.
  • الأهم من ذلك كلّه أنّ التسويق الهرمي غير قانوني وغير معترف به، أمّا التسويق الشبكي فهو قانوني وموثّق لدى الأمم المتحدة.

ختامًا، نتمنّى أنّ مفهوم التسويق الهرمي قد أصبح أكثر وضوحًا لكم.وأن يساعد هذا المقال في تجنّب التعرّض للنصب والاحتيال من قبل الأشخاص أو الشركات التي تستغل حاجة الناس إلى كسب المال، بتقديم وعود كاذبة بالثراء السّريع.