منذ أن ظهرت فكرة الدعاية والتسويق الإعلاني، لازمها التسويق المخادع والإعلان الكاذب. فعلى الرغم من التقدم التقني في شتى مجالات الحياة، ومن جميع المحاولات القانونية لحماية المستهلكين، إلا أنّ الكثيرون يقعون يوميًّا ضحايا للممارسات الإعلانية الكاذبة. فما هو التسويق المخادع؟ هذا ما سنستدركه في هذا المقال.

تتألف العمليات التجارية من طرفين هما المستهلك والمنتج. ولتحقيق الأهداف المشتركة لكل منها كان لابد من التسويق بأنشطته المختلفة من تسعير وإعلان وتوزيع. مما يحافظ على ازدهار العلامة التجارية ونشاطها من خلال زيادة نسبة المبيعات وجني المزيد من الأرباح. حتى أصبح التسويق عصبًا للأعمال التجارية.

ولكن ماذا يحدث إذا تجاوزت الشركات الإعلان وأساءت استخدامه بهدف التأثير المقنّع؟ هنا يكمن التسويق المخادع. بغض النظر عن الأسباب، فالنتيجة تستهدف الإرادة الحرة للمستهلك واستغفاله، من خلال جملة من التقنيات والوسائل الحديثة.

تعريف التسويق المخادع

يمكن التعبير عن التسويق المخادع أو Deceptive marketing  بأنه بثّ معلوماتٍ مغلوطةٍ أو مضللة لإثارة إعجاب المستهلك، وإقناعه بمعاملة تجارية غالبًا لا تعود بالنفع عليه، ولكنها حتمًا مفيدة للمسوقين. فتلجأ الشركات للترويج والتسويق لمنتجاتها أو خدماتها عبر وسائل الإعلان المرئية والمسموعة والمقروءة، بما في ذلك التلفاز والراديو والمطبوعات. ويعتمد التسويق الحديث بشكلٍ أساسيٍّ على البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات ومواقع التسوق عبر الإنترنت ومواقع مقارنة الأسعار ومنصات المراجعة ومحركات البحث.

يأخذ التسويق الالكتروني المخادع شكل دعاية رقمية تحمل معلومات احتيالية، تحثّ المستهلك لأخذ قراره بشراء منتجات ربما لا تلبي احتياجاته. وربما قد يكون مخادعًا بناءً على ما لا يقوله، فلبعض المعلومات الدور الحاسم في اتخاذ المستهلك لقرار شراء المنتج أو الخدمة.

أنواع التسويق المخادع

  • التعديل على الصور: هي الطريقة الأكثر انتشارًا لدى التسويق لمستحضرات التجميل أو أدوية فقدان الوزن. فجميعنا قد شاهدنا أحد إعلانات مستحضرات تصفية البشرة، والتي غالبًا ما يلجأ المسوقون فيها لاستخدام برامج التعديل على الصورة للتصفية والتنقية. يعمد هذا النوع على منح انطباع حول القدرات الخارقة للمنتج.
  • الرسوم الخفية والإضافية: قد يلجأ البعض لاستخدام بعض الرسوم الإضافية كوسيلة للربح دون رفع السعر، وهذا ما نشاهده في إعلانات الفندق التي تفرض “رسوم منتجع” إلزامية لا تعلن عنها في السعر المعلن في التسويق، وكذلك الأمر في تكاليف الشحن غير المعلنة . في حين يلجأ البعض الآخر للتسويق لمنتجه الخالي من الرسوم ولكنه يضمنها في سعر المنتج.
  • الحشو بالمواد المالئة: هذا ما يلجأ له منتجو الطعام بشكل رئيسي أثناء الإعلان، إذ تحقن اللحوم بالمرق أو وحلول ملحي أو بالصلصات، مما يزيد من وزن المنتج ويزيد من الربح مقارنة بالتكلفة، ومن الأمثلة عن المواد المالئة المواد النشوية الغنية بالكربوهيدرات. في حين تمتلك بعض المنتجات حجمًا كبيرًا مغريًا بالنسبة للمستهلك ولكنها تكون في الواقع فارغة.
  • ادعاءات بالدعم العلمي: لابد أن مرت الجملة التالية على مسامع معظمنا: “يوصي 9 من كل عشرة أطباء بالمنتج”. غالبًا هي جملة غير دقيقة ولا تستند على أدلة موثوقة. إنها أحد أكثر المغالطات شيوعًا في الإعلان والتسويق.
  • تحريف العرض والطلب: تلجأ الكثير من الشركات للتسويق لنفسها بالترويج لكثرة الطلب على منتجها وتوليد الضجيج حولها، حتى يشعر المستهلك بضرورة شراء المنتج قبل نفاذه من الأسواق.
  • الكذب بشأن الجودة والمنشأ: يلجأ بعض المعلنون للتسويق لبضائعهم أو خدماتهم عن طريق تزييف بعض الحقائق المتعلقة بجودة المنتج ونوعيته وخصائصه، أو إخفاء بعض العيوب الموجودة في المنتج. كما قد يلجأ آخرون للتزييف فيما يتعلق ببلد التصنيع أو المنشأ.

بالإضافة لأساليب آخر يتفنن المعلنون بها لتسويق منتجاتهم أو خدماتهم، بغض النظر عن المنتج وحاجة المستهلك.

أمثلة عن التسويق  المخادع

توسيع مفهوم الحقيقة ليتخذ جوانب مختلفة، هو أحد أهم مبادئ التسويق المخادع التي تعتمدها الشركات والأفراد في الترويج لمنتجاتهم. وهو ما شهدناه في بعض الممارسات والحملات الإعلانية لعدد من الشركات العالمية. فقد حملت العقود الخيرة عددّا من قضايا التسويق المخادع إليك أشهرها:

  • سيارات الديزل الصديقة للبيئة من فولكس فاجن: رفعت الشركة العالمية شعارها في حملتها التسويقية عن سيارات الديزل بأنها صديقة للبيئة، وهو ما ثبت لاحقًا عدم صحته وأُدينوا بالغش لتزويرهم اختبارات الانبعاث السنوية بعد الدعوى التي رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية. غُرِّمت الشركة بمبلغ 61 مليون دولار، بعد أن خدعت أكثر من 550 ألف مستهلك، وانتهكت قانون الهواء النظيف الأمريكي.
  • زبادي أكتيفيا من دانون: من أشهر قضايا التزييف بجودة المنتج، كانت ضد شركة الزبادي دانون Dannon بعد ادعائها باحتواء منتجاتها Active Yogurt على بكتريا خاصة تحسن عملية الهضم، وتقوي جهاز المناعة كما أثبتوا (سريريًّا)، ولكنه خسرت قضيتها ودفعت غرامة تقدر بـ 45 مليون دولار، واضطرت لإزالة عبارة (سريريًّا).
  • ريد بول لا يمنحك الأجنحة: كانت إحدى القضايا التي خسرت فيها شركة مشروب الطاقة ريد بول من دون نية مسبقة بالتسويق المخادع، وبسبب المبالغة في التسويق. فجميعنا أو معظمنا سمع بالشعار الشهير للشركة  “ريد بول يمنحك جوانح”، ولكن هناك من أخذ الجملة بحذافيرها ورفعوا قضية على الشركة لاتهامها بعدم امتلاك الأجنحة بعد عقود من شرب المشروب. خسرت الشركة قضيتها ودفعت رسومًا مقدارها 13 مليون دولار بالإضافة لعشرة دولار إلى 10 دول لكلّ المستهلكين.

كيف نتجنب التسويق المخادع

لحماية نفسك كمستهلك من الخداع الإعلاني والتسويقي، هناك عدّة سبل ونصائح يمكن إتباعها، ومنها:

  •  لا تصدق كل ما يقال في الإعلانات. فلطالما كان الهدف الأساسي للتسويق الإعلاني هو زيادة الأرباح من خلال دفع الجمهور للشراء.
  • مراجعة شهادات العملاء للحصول على أكبر قدر من المعلومات حول المنتج، لتحديد الأفضل قبل الشراء.
  • تقديم الشكوى أو رفع قضايا في حال كنت إحدى ضحايا التسويق المخادع. فغالبًا ما ستتجنب الشركات تكلفة التقاضي والإلهاء بتسوية القضية أو الشكوى.

وأخيرًا، بعد كل ما سبق من لا يلفته “خسارة 5 كغ في أسبوع واحد” أو “تجاعيد أقل أو استرداد الأموال” لن يكون ضحية للتسويق المخادع. ولكن لا بد من الحذر، فليس ما يبيعه  التاجر بل طريقة بيعه هي التي تجنبنا كمستهلكين من الوقوع ضحايا التسوق المخادع.