كثيرٌ منا لم يفكر قبلاً كيف يصنع النحل الخلية، وكيف يشكل تلك العيون السداسية الفريدة. بالطبع نعلم أن مجتمع النحل يعد مثالاً يحتذى به، يبهرك بنشاطه، ويسحرك بدقته وإتقانه. كما يثير فضول العلماء والباحثين لكشف خباياه والتوصل إلى مجاهيله. فأول ما يثير اهتمامك ويتبادر إلى ذهنك، كيف لهذه الحشرة أن تكون بارعة في هندسة بيتها بهذا الشكل العجيب؟ دعنا نعرفك على ذلك من خلال سطورنا التالية. 

الشروط اللازم توافرها لتشكيل الخلية 

قبل البدء بعملية البناء لابدّ من اختيار المكان المناسب لبناء الخلية. فلابد من توافر عدّة شروط لهذا الغرض منها: 

  •  أن تكون خلايا النحل بعيدة عن المداجن، وأماكن وجود الأبقار. وبعيداً عن عرائش العنب لأنها ملجأ للدبابير التي تعتبر العدوّ الأوّل للنحل. 
  • لابد أن يكون موقعها عند مصادر مياه نظيفة. 
  • يجب أن تكون بعيدًا عن الأطفال. 
  •  يجب أن يكون قريباً من الأراضي الزراعية التي تكثر فيها النباتات الرحيقية التي تعتبر مصدرًا أساسيًا لصنع العسل. 

كيف يصنع النحل الخلية من الداخل(الشمع) 

يعتبر صنع الشمع أساسًا لبناء خلية النحل، إذ يحتاج النحل إلى كميّة كبيرة من العسل ليتمكن من صنع رطل واحد من الشمع، الذي تفرزه النحلات العاملات بعد وصولها إلى سن البلوغ من خلال الغدد الشمعية المتواجدة في الجهة السفلية من بطنها. 

ويكون البناء ذو شكل هندسي يشبه الدائرة في البداية، إذ يوجد في كلّ نخروب أنبوبًا دائريًا. ونتيجة الحرارة المتولّدة عن عمل النحلات يبدأ الشمع بالانصهار حتى يلين، ويسيل عبر الأنابيب الموجودة بين نخاريب الخلية والفجوات. لتبدأ مرحلة تبريد الشمع وتجميده، لتأخذ الخلية شكلها السداسي المعروف. 

مع العلم يحتاج النحل لبناء خليته إلى وقت يتراوح من ٧ أيام إلى شهرين. يتمكن النحل خلال تلك الفترة من وضع كمية من العسل داخل الخلية، تتراوح بين الرطل الواحد إلى ثلاثة أرطال. 

أهمية الشكل السداسي في الخلية 

يساعد الشكل السداسي للخلية على توفير شمع أكثر بفضل زواياه. إضافةً إلى أنّه يعمل على توفير الوقت، والطاقة والجهد .لأنّ وضع شرائح الشمع الى جانب بعضها البعض، يسمح بوجود الكثير من الجدران المشتركة في الخلية. ولكن هل يستمر النحل بصنع الخلية من الداخل؟ 

يبلغ أقصى إنتاج للشمع عندما تكون النحلات المسؤولة عن ذلك في عمر صغير، يتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.  وإذا دعت الحاجة، يمكن للعمال الذين يبحثون عن الطعام أن ينتجوا الشمع. لكن ذلك لا يستمر طويلاً لأنّ إنتاج الشمع يتوقّف على عمر النحل، فكلّما كانت أصغر سناً، كانت أقدر على إنتاجه بكميّة أكبر. وبناءً على ذلك يلجأ النحالون إلى تحفيز النحل على إنتاج الشمع. 

تحفيز النحل على إنتاج الشمع 

في فصل الخريف تردم العاملات الأمشاط الفارغة برحيق الخريف. لكن وفي نفس الوقت يرغب مربو النحل بتوسيع الخلايا، وعندما يلاحظون عدم وجود ما يشير الى بناء أمشاط جديدة يقدم النحالون على تحفيزه لإنتاج الشمع. لأنّ إنتاج العسل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمشاط الجديدة ولبناء الأمشاط لابد من إنتاج الشمع. فكيف يقومون بذلك؟ يمكن اتباع عدّة طرق لتحفيز النحل على إنتاج الشمع، والتي تتجلى فيما يلي: 

  • لابدّ من توافر مصدر للرحيق. 
  • يجب أن تكون درجة للحرارة مناسبة. 
  • تواجد عدد كبير من النحل صغير للسن. 
  • كما قد يلجأ النحالون الى صنع شراب يشبه الرحيق، مكونًا من الماء والسكر ليقدّم للنحل محفزًا إيّاه على صنع الشمع. 

 كيف يصنع النحل العسل 

بعد أن عرفنا كيف يصنع النحل الخلية لابد من المرور على كيفية صنعه للعسل. إذ أن إنتاجه يمر بمراحل عدة تتجلى فيما يلي: 

المرحلة الاولى 

يمتص النحل رحيق الأزهار بواسطة خرطومه، بعد أن يتجول مارًا على أكثر من مئة زهرة. ثم يخزن الرحيق في كيس خاص، يسمى كيس المعدة، ليفرغه في الخلية بعد أن يمتلئ. 

الخطوة الثانية 

يمرر النحل العامل في الخلية رحيق الأزهار، التي أفرغها النحل في الخلية، إذ يمضغ الرحيق وينقل من نحلة إلى أخرى. مما يسبب تغير الخواص الكيماوية للرحيق، وذلك بفعل الأنزيمات الموجودة في لعاب النحل. أضف على ذلك احتوائه على الماء الذي يساعد على تخزينه في فصل الشتاء، ليتولى النحل أمر تجفافه. 

المرحلة الثالثة 

مرحلة تجفيف الماء؛ حيث يعتمد النحل عدّة طرق لتجفيفه، إذ يمكن أن يجففه عن طريق نقله من نحلة الى أخرى. أو من الممكن أن يُنشر العسل على الخلية ليجف الماء، إذ يساعد النحل في ذلك عن طريق تحريك أجنحته. 

الخطوة الرابعة 

يخزن النحل في هذه المرحلة العسل، ويسربه في خلايا الشمع. وعندما يصبح جاهزًا للأكل يُغطى بالشمع من أجل حمايته، والحفاظ عليه من أي شيء يمكن أن يؤثر في طعمه. 

هكذا نكون قد قمنا بجولة إلى عالم النحل العجيب. تعرفنا فيه عن كيفية صنع النحل لخليته ومم يصنعها. بالإضافة إلى التعرف على آلية صنع العسل وطرق تحفيز للنحل على صنع الشمع. مما يزيدنا إعجابًا بدقة هذه الحشرة وتنظيم حياتها المملوءة بالنشاط والحيوية.