الكثير من النّاس يعتمدون على تحويل الأموال في أغلب أعمالهم، وحياتهم بشكل دائم تقريبًا، ولعلّك تساءلت يومًا عن كيفيّة عمل شركات الحوالات، وأنواع تلك الحوالات.

في البداية تعتبر الحوالات ثاني أكبر مصدر للتّمويل الخارجيّ للبلدان النّامية، حيث أنّها توجد في المرتبة التي تسبق كلًّا من أرباح أســواق رأس المال، والمســاعدات التّنمويّة الرّســميّة. علاوة على ذلك، تختلف الحوالات من حيث النّوعيّة عن بقيّة المصادر الخاصّة بالتّمويل الإنمائيّ، فهي تعدّ مســتقرّةً نســبيًّا، وذات طبع يتميّز بمواجهة التّغيّرات المستمرّة. حيث أنّ أغلب المهاجرين يفضّلون تحويل المبالغ الماليّة بشكل أكبر خلال فترات الهبوط الاقتصاديّ في بلدانهم.

علاوة على ذلك، تعتقد الجهات المقدّمة للخدمات الماليّة أنّ إرســال الحوالات الماليّة يمكن أن يكون من أكثر أنشطة الأعمال ربحًا. على سبيل المثال: بلغت شركة ويسترن يونيون هوامش أرباح هائلةً تتجاوز نسبتها حوالي 150% من تلك التي يحرزها أيّ بنك تجاريّ أمريكيّ في المنطقة، وذلك نتيجةً لسيطرتها على هذا السّوق.

نتيجةً لذلك، باشرت الجهات المقدّمة للخدمات الصّغيرة في استكشاف فئات من الســّوق لم تطرحها الشّــركات الكبرى العالميّة، بعد أن جذبهم هذا الرّبح الضّخم، وذلك عبر تطوير خدمات التّحويل المحليّة في البلدان النّامية، واســتهداف شرائح محدّدة للمغتربين.
وفي مقالنا هذا سوف نعرض لكم أبرز أنواع الحوالات، والأسس التي يرتكز عليها نظام الحوالات، وكيفيّة عمل الشّركات الخاصّة به.

أنواع الحوالات

قبل أن نبدأ بالحديث عن كيفيّة عمل شركات الحوالات، يجب أن نعرف أنواع الحوالات والتي هي كالتالي:

  • الحوالات المرسلة من شخص إلى آخر.
  • المعاملات التي تنجز بين مؤسّسات الأعمال. مثال على ذلك: دفع الفواتير.
  • الحوالات التي تدفعها المؤسّسات، والتي تعرف بمدفوعات الشّركات.
  • الحوالات الماليّة من مؤسّسات الأعمال إلى الأشخاص. على سبيل المثال: دفع الرّواتب.
  • الحوالات التي يدفعها العملاء، أو التّجار في بعض الأحوال، والتي تعرف بمدفوعات الأفراد.
  • الحوالات الماليّة من الحكومة إلى الأفراد. مثال على ذلك: دفع المعاشات التّقاعديّة.

الأسس التي يرتكز عليها نظام الحوالات

تعمل شركات الحوالات وفق ثلاثة أسس رئيسيّة هي:

  • المؤسّسات التي توفّر خدمات التّحويل.
  • آليّات نقل عمليّات التّحويل.
  • واجهة العملاء التي يجري من خلالها جمع الأموال من المرسلين، ودفعها إلى المستفيدين.

ويتطلّب المزج بين تلك العناصر مراعاة أمور عدّة وهي:

  • آليّات التّحويل الرّائجة.
  • القيود التي تمنع المصادر المقدّمة للخدمات الماليّة من استخدام هذه الآليّات.
  • أنواع الشّركات المؤسّسيّة التي أنشأتها الجهات المقدّمة للخدمات الماليّة، للوصول إلى مجال أكبر من آليّات التّحويل.
  • العدد المتصاعد لواجهات العملاء، التي تُستخدم لتبسيط إمكانيّات الوصول إلى خدمات تحويل الأموال بالنسبة للمستخدمين الفقراء.

كيف تعمل شركات الحوالات

تعمل شركات الحوالات وفق أربع آليّات تحويل أساسيّة وهي:

الشيكات المصرفية

تُعدّ الشّيكات الورقيّة والمصرفيّة من الآليّات الرئيسيّة لعمل شركات الحوالات الموثّقة. بالإضافة إلى ذلك، هي الطّريقة المعتمدة لتحويلات الأموال من شخص إلى آخر في أغلب البلدان. حيث يخضع إصدار الشّيكات المصرفيّة إلى تشدّد قانونيّ بالنّسبة للمؤسّسات الماليّة الخاضعة للرّقابة، مثل البنوك والاتّحادات الائتمانيّة.
من ناحية أخرى، تعتمد هذه الآلية على مقدار الثّقة والاعتماد على الخدمة البريديّة، التي نادرًا ما توجد في البلدان النامية، الأمر الذي يؤدّي إلى تعرّض العميل لخطر ضياع الشّيكات المصرفيّة في البريد. ولهذا السبب، يُستعاض عن الشّيكات الورقيّة بمدفوعات إلكترونيّة.

الحوالات البريدية

تعمل شركات الحوالات وفق آليّة الحوالات البريديّة أيضًا. والتي تعدّ آليّات ورقيّةً تقليديّةً، ولكنّها تغاير الشّيكات من ناحية الإصدار والتسديد من قبل عدّة جهات مقدّمة للخدمات الماليّة. وتصنّف شركات تحويل الأموال، والمؤسّسات الماليّة البريديّة مثل: ماني غرام، ووستيرن يونيون من بين الجهات الأساسيّة التي تمنح الحوالات البريديّة. بالإضافة إلى ذلك، لا يقتضي هذا النّوع من الآليّات وجود حساب بنكيّ، حيث أنّ المستفيد يحصل على الأموال عند إعطاء الحوالة البريديّة للوكيل المكلّف لدفع تلك الأموال. على سبيل المثال: مكتب البريد، أو وكيل لشركة تحويل الأموال.

بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه الآليّة على توفير الوقت الذي يلزم أن ينتظره المستفيد ليتمكّن من الحصول على الأموال المحوّلة إليه، مقارنةً بآليّة الشّيكات المصرفيّة. كما تلعب دورًا مهمًّا في أسواق التّحويلات المحليّة في عدّة بلدان. مثال على ذلك: تعمل هيئة البريد الوطنيّة في الصّين بإدارة نسبة تصل إلى 90% من التّحويلات التي تتّكل على أساس نقديّ داخل الصّين. ولكن من ناحية أخرى، فهي معرّضة لمخاطر التّأخير والسّرقة، نظرًا لأنّها يجب أن تُسلّم يدًا بيد إلى المستفيد.

الحوالات الإلكترونية

على الصّعيد المحليّ، تعمل شركات الحوالات وفق آليّات تحويل الأموال الإلكترونيّة الأكثر شيوعًا وهي ما يعرف بنظام التّسويات الإجماليّة الآنيّة، والمقاصّة التّلقائيّة. وكلّ آليّة من هذه الآليّات تؤذن للمنظّمات الماليّة الأعضاء، بتبادل تعليمات المدفوعات وترتيب الالتزامات إلكترونيًّا. وبوسع أنظمة المقاصّة التّلقائيّة قبول تعليمات المدفوعات من المنظّمات الماليّة، أو بشكل مباشر من العملاء الذين يمكنهم أن يتواصلوا بهذه الآليّات، باستخدام البطاقات الائتمانيّة التي تنشئها البنوك، أو بطاقات خصم الخاصّة بهم.

أمّا على المستوى الدوليّ، تعمل شركات الحوالات وفق أغلب التقنيّات شيوعًا في الاستخدام لتسهيل التّحويلات الماليّة الإلكترونيّة، والتي تُدار من قبل جمعيّة الاتّصالات السّلكيّة واللاسلكيّة بين البنوك على مستوى العالم في المجال الماليّ. علاوة على ذلك، فهي أحد أنماط المؤسّسات التّعاونيّة الصّناعيّة، التي تقدّم خدمات إرسال المنفقات بشكل فوريّ إلى المؤسّسات المنتسبة.

جيرو Giro أحد آليات عمل شركات الحوالات

تعمل شركات الحوالات وفق هذه الآليّة، والتي تدل على المنفقات الإلكترونيّة عبر الحدود التي تقدّمها مكاتب البريد في أكثر من 40 دولةً. بالإضافة إلى ذلك، تُمكّن هذه الطريقة أصحاب الحسابات البنكيّة البريديّة من إرسال الأموال إلى حساب بنكيّ، أو حساب بريديّ آخر، أو إلى مكتب بريد للمدفوعات النقديّة.
علاوة على ذلك، فإنّ التّحويل الذي يجري عن طريق هذا نظام يستغرق مدّةً تتراوح ما بين يومين إلى أربعة أيّام.

الشبكات المسجلة الملكية لتحويل الأموال

تعتمد معظم شركات الحوالات على هذا النّوع من آليّات التّحويل، والذي يقتصر على وكلاء المنظّمة أو المؤسّسة التي تقتني الشّبكة. ولكن من ناحية أخرى، فإنّ العديد من المؤسّسات من الممكن أن تصبح من الوكلاء. مثال على ذلك: مكاتب البريد، والبنوك، والمؤسّسات الماليّة غير المصرفيّة، ومنظّمات الأعمال التي تتعامل مع جميع الأفراد.

محددات إستراتيجية حوالات الأموال

تقابل الجهات التي تقدّم الخدمات الماليّة مشكلةً تبدو بسيطةً بشكل خدّاع وهي: كيفيّة إحالة الأموال من المرسل إلى المستفيد مع تحقيق الربح. حيث أنّ انتقاء الشّركاء، وطرق الحوالات، وواجهات العملاء تشمل تشكيلةً معقّدةً من الاعتبارات الإستراتيجيّة. وتتضمّن هذه الاعتبارات: البيئة التنظيميّة، وعناصر السّوق، والقدرات الداخليّة التّابعة للمؤسّسة.

علاوة على ذلك، تملك اعتبارات السّوق أهميّةً خاصّةً بالنّسبة لنواحي تقديم الخدمات الماليّة التي تراعي مصلحة للفقراء. حيث يجب عليها أن تتنافس مع شركات تحويل الأموال المتواجدة، والتي في أغلب الأحيان تكون متخصّصةً في هذا المجال. وتحتاج الجهات التي تقدّم الخدمات الماليّة إلى أن تتّخذ مكانةً مميّزةً بالأسواق، وأن تشكّل سياسة تحويل الأموال الخاصّة بها وفقًا لذلك. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الجهات التي تقدّم الخدمات الماليّة أن تقدّر القيمة المرجّحة لتقديم خدمات تحويل الأموال. وذلك من خلال دراسة دقيقة على السوق، لكي تستطيع أن تحدّد مكانةً مناسبةً بالأسواق.

في الختام يمكن القول إنّ شركات الحوالات تستطيع تحقيق إيرادات كبيرة. كما يمكن أن تؤيّد المبدأ الرّئيسيّ للجهات المقدّمة للخدمات الماليّة، باعتبارها وسيلةً تُدفع مقابلها الرّســوم. ومن ناحية أخرى، تســمح شركات الحوالات للجهات المقدّمــة للخدمات الماليّــة بتقديم خدمة إضافيّة بنــاءً على طلب المستخدمين الفقراء، بتكلفة أقلّ من تكلفة الوجهات الرئيسيّة المقدّمة للخدمات.