لا يمكنك فصل التجربة الإنسانية عن رواية القصص، فالبشر منذ القدم وهم يروون القصص، وأدمغتنا تطورت لتحب رواية القصص. لذا فإن رواية القصص أصبحت عنصرًا حاسمًا في أنجح الحملات التسويقية. لكن يجب أن نعرف كيفية استخدام السرد القصصي في التسويق. فالتسويق القصصي ليس تقنيةً أو طريقةً، بل هو فن يتطلب الإبداع والرؤية والمهارة والممارسة.
والتسويق القصصي يعد أسلوبًا قويًا جدًّا إن كنت تريد تواصلًا أعمق مع جمهورك. حيث أثبتت دراسات علم النفس أن رواية قصة تجعل المعلومات لا تُنسى، فالناس يتذكرون القصص 22 ضعفًا أكثر من الحقائق والأرقام. لذا يجب تسخير هذه القوة الرائعة لسرد القصص في التسويق. والتي أطلق عليها اسم المهارة التجارية الأكثر قيمة في العقد المقبل. فهي طريقة مثبتة علميًا لجذب انتباه الجماهير وحملهم على فعل ما تريد.

ماهو التسويق القصصي

التسويق القصصي هو عملية استخدام الحقيقة والسرد لتوصيل شيء ما إلى جمهورك. وبعض القصص تكون واقعية، وبعضها مزخرف أو مرتجل من أجل شرح الرسالة الأساسية بشكل أفضل. ويعرف أيضًا التسويق القصصي أنه استخدام السرد لتوصيل رسالة. والهدف هو جعل الجمهور يشعر بشيء ما، لتحفيزه وإلهامه لاتخاذ إجراء.
ويساعد سرد القصص في التسويق المستهلكين على فهم سبب اهتمامهم بشيء ما، ويعمل على إضفاء الطابع الإنساني على علامتك التجارية. ولا يقتصر سرد القصص في التسويق على الأفلام، فيمكن رواية القصص بالصور أو شفهياً أو كتابيًا. ويمكن إخبار القصة عبر جميع القنوات من وسائل التواصل الاجتماعي إلى اللوحات الإعلانية. وبالتالي يمكن للقصص أن تساعد جهات التسويق في تحقيق النجاح في سوق يشتت الانتباه، كما تساعد في خلق إعلانات تلقى صدى لدى الناس، وتبقى قائمة.

كيفية استخدام السرد القصصي في التسويق

في هذا الوسط الصاخب اليوم والمزدحم بالمنافسين، يُعد استخدام السرد القصصي في التسويق هو الطريقة الأفضل لإيصال رسالة علامتك التجارية، فالقصة هي أداة بسيطة للغاية ولكن يمكنها جذب انتباه عملائك. وإليك أهم النصائح لكيفية استخدام السرد القصصي في التسويق:

  • اعرف جمهورك: قبل أن تضع قلمًا على الورقة، قم ببعض البحث في السوق المستهدف وحدد شخصية (شخصيات) المشتري. فهذه العملية ستعرفك بمن قد يقرأ قصتك أو يشاهدها أو يستمع إليها. وستوفر لك أيضًا توجيهًا مهمًا للخطوات التالية أثناء بناء قصتك.
  • حدد رسالتك الأساسية: سواء كانت قصتك عبارة عن صفحة واحدة أو عشرين أو عشر دقائق أو ستين، يجب أن تحتوي على رسالة أساسية. (الأمر يشبه بناء منزل، يجب أن تضع له الأساسات قبل بنائه). فهل قصتك تبيع منتجًا أو تجمع الأموال أو تشرح خدمة ما؟ ما هو الهدف من قصتك؟. للمساعدة في تحديد هذا، حاول تلخيص قصتك في ست إلى عشر كلمات. إذا لم تستطع فعل ذلك، فليس لديك رسالة أساسية.
  • حدد نوع القصة التي ترويها: لتحديد نوع القصة التي ترويها، اكتشف كيف تريد أن يشعر جمهورك أو يتفاعل أثناء قراءته. على سبيل المثال، إذا أردت أن تخبر الناس عنك، احكي قصة تبرز النضالات الحقيقية الإنسانية، والفشل، والانتصارات. فالمستهلك اليوم يقدّر العلامات التجارية التي تسوّق بأصالة ويسرد القصص ويتواصل معها.
  • إنشاء عبارة للحث على اتخاذ الإجراء الخاص بك: هذا الأمر سيحدد الإجراء الذي تريد أن يتخذه جمهورك بعد القراءة. فما الذي تريد بالضبط أن يفعله القراء بعد القراءة؟ هل تريد منهم التبرع بالمال، أو الاشتراك في رسالة إخبارية، أو شراء منتج؟ حدد هذا جنبًا إلى جنب مع هدفك. على سبيل المثال، إذا كان هدفك هو تعزيز المجتمع أو التعاون، يجب أن تحث عبارتك على المشاركة.
  • اختر وسيط قصتك: يمكن للقصص أن تتخذ أشكالاً عديدة. بعض القصص تتم قراءتها، وبعضها يتم مشاهدته، والبعض الآخر يتم الاستماع إليها. لذا يجب أن تعتمد وسيلة القصة التي اخترتها على نوع قصتك بالإضافة إلى الموارد، مثل الوقت والمال.

أهمية استخدام السرد القصصي في التسويق

ربما يكون أفضل شيء في سرد ​​القصص هو القدرة على إثارة كل أنواع المشاعر. طبعًا إذا تم التعامل معها بشكلٍ صحيح، حيث يمكن للرواة الاستفادة من مشاعر العملاء وتجاربهم ودوافعهم الأساسية مثل الرغبة بالنجاح في الحياة والشعور بالأمان والتقدير. وهذا الأمر مهم جدًا، لأن الأبحاث تؤكّد أن أفضل طريقة لتعزيز قيمة العملاء ورضاهم هي التواصل معهم على المستوى العاطفي. فلو كانت منتجاتك من الدرجة الأولى وأسعارها رائعة. هذا لا يضاهي أن يشعر عميلك بشيء ما على النحو الصحيح بعد التفاعل مع علامتك التجارية، فهذا أمر ذو قيمة حقًا. فالناس يشاهدون بشكلٍ يومي جميع أنواع المنتجات في كل مكان. ويسمعون عن الأسعار المخفضة والجودة الممتازة والميزات الفائقة، لكنهم يفشلون في تذكر أي من ذلك.
من ناحيةٍ أخرى، ينشّط سرد القصص بعض المناطق في الدماغ، والتي تجعل الشخص ينغمس في أعماق حبكة القصة ويشعر بأنه البطل الرئيسي هناك. مثل هذه التجربة يصعب نسيانها. وهذا هو السيناريو المثالي لكل علامة تجارية حيث يمكنك صياغة قصتك وبناء رابط جيد من خلال المشاعر وجعل العملاء يتعاملون مع منتجك بالطريقة التي تريدها. لكن على أي حال، يجب أن تستخدم أسلوب سرد القصص بحكمة. فلن يصدق العملاء أي كلمة تقولها إذا كنت لا تقصدها.

أمثلة عن كيفية استخدام السرد القصصي في التسويق

القصص الجيدة لا تظهر من العدم. فالابتكار شيء مثير، لذا يجب أن تتعلم من الأفضل. وهنا سنلقي نظرةً سريعةً على بعض الأمثلة الملهمة:

  • مرسيدس بنز Mercedes-Benz – الرحلة: إعلان يصوّر قصةً جميلةً، حيث يهرب صبيٌ صغير من المنزل ليلًا. ويأتي إلى مركز الشرطة ويطلب معروفًا من ضابط شرطةٍ لطيف. يقول له لقد تُهت، ويطلب منه أن يعيده إلى المنزل في سيارة المرسيدس.
    لماذا هي قصة جيدة؟
    حتى نهاية الفيديو، لا يفهم المشاهد سبب مغادرة الطفل منزله ليلاً والمشي لمسافةٍ طويلة. لكن لدينا نهايةً غير متوقعة للقصة وهو أمر رائع للغاية.
    يسأل الفيديو أحد العملاء “وماذا ستفعل لقيادة مرسيدس؟” ربما يمكنك العمل بجديةٍ أكبر، أو الحصول على المزيد من المال بعيدًا؟ يشجع الإعلان المشاهد على شراء السيارة لأنها تستحق العناء. ويمكنك مشاهدة الإعلان من هنا:
  • ديزني Disney: إن رواية القصص ليست غريبة بالطبع على Disney، ويظهر إعلان ديزني لاند باريس هذا مهارات العلامة التجارية. إنها الحكاية الدافئة لبطةٍ صغيرة وجدت كتابًا مصورًا لدونالد داك (بطوط) وأصبحت مهووسةً ببطلها الجديد. لكن الطقس السيئ يقترب ويتعين على البطة وعائلتها الطيران تاركين وراءهم الكتاب المحبوب. وتتحمل الأسرة ليلة باردة ورطبة قبل أن تظهر الشمس مرة أخرى ويصلون بشكل غير متوقع إلى ديزني لاند باريس، حيث لا يستقبل البطة سوى دونالد داك. ويمكنك مشاهدة الإعلان من هنا:

أخيرًا، بعد أن أوضحنا كيفية استخدام السرد القصصي في التسويق، أود القول إن الهدف من أي نشاط تسويقي أو مبيعات هو في النهاية الحصول على نتيجة لجعل جمهورك يستجيب لرسالتك ويتخذ إجراءً بشأنها. لكنهم لن ينظروا حتى إلى رسالتك، ناهيك عن الرد عليها إذا لم تكن ذات صلة بهم. ولكي تكون وثيق الصلة بجمهورك، عليك أن تفهم ما يهمهم، وما الذي يعانون منه، وأن تبين لهم كيف يساعد عرضك في حل آلامهم. باختصار، عليك أن تتعاطف معهم.