هل يعتبر التعامل بالعملات الرقمية أمرًا محرمًا شرعًا؟ ما هو حكم الشريعة الإسلامية على هذا النوع من العملات؟ وهل تداول عملةٍ كعملة Beta حلال أم حرام؟ تابعوا معنا في هذا المقال.

تعد مسألة العملات الرقمية المشفرة من المسائل المالية الجديدة، وبدأ التركيز عليها بعد أن زاد الطلب على شرائها وتداولها وتحقيق الناس لأرباحٍ كثيرةٍ منها على حساب خسارات أناسٍ آخرين. ومن أحدث العملات الرقمية هي عملة Beta الجديدة، ومن هنا كثرت الأقاويل عن شرعية التعامل بها إن كانت تعتبر ربًا أو ميسرًا. لكن الدراسات الفقهية في موضوعها قليلةٌ جداً واقتصرت على فتاوىً صاردةً في حكم تداولها واقتنائها.

ما هي عملة Beta الرقمية

عملة BETA الرقمية هي المشروع الحادي والعشرون الذي أطلقته منصة Binance  عبر خدمة Binance Launchpad، حيث أعلنت عن اكتتاب عملة BETA الرقمية Beta Finance. وهي عملة تقوم على استراتيجية من الإقراض والاقتراض والبيع بدون إذنٍ أو رخصةٍ للعملات المشفرة وعلى المكشوف.

ومهمة Beta Finance الأساسية هي مواجهة التقلبات وتعويضها وتحقيق أكبر قدرٍ من استقرار السوق على المدى الطويل.

العملات الرقمية والإسلام

إن للأثمان بشكلٍ عامٍ أهميةً خاصةً في الاقتصاد الإسلامي، فالنقد في الإسلام هو أهم مكونات الاقتصاد، وحمايته ونماؤه واجب عليه. وكسائر الأنظمة الاقتصادية، فإن نظام الاقتصاد الإسلامي يعترف بالوظائف الاقتصادية الثلاث للنقد وهي:

  • كونه أداة للتبادل والحصول على السلع والخدمات.
  • مخزنًا للقيمة: أي أنه أداةٌ للادخار، حيث يعلم صاحبه أنه قادرٌ من خلاله على الحصول على السلع والخدمات مستقبلًا.
  • وحدةٌ قياسيةٌ للقيم: أي قياس قيم الأشياء عن طريقه مثلًا: قيمة هذه السلعة 100 وحدة وتلك الخدمة 200 وحدة وهكذا.

هل تداول عملة Beta ربا

لقد اعتبر العلماء المسلمون التداول والتعامل بالعملات الرقمية شكلًا من أشكال الربا لعدم تواجدها بشكلٍ ماديٍ ملموسٍ. ولأن جملة أحكام ربا البيع في الشريعة الإسلامية تقوم على حديثٍ مشهورٍ يرويه عبادة بن الصامت عن النبي (ص): “الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلًا بمثلٍ، يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ.”
ومعنى الحديث أن تداول الذهب يكون بالذهب والفضة بالفضة إلى سائر الأصناف. ويشترط فيه شرطان وهما التساوي في المقدار والتقابض، أما عند بيع هذه الأصناف بغير أجناسها، كالذهب بالفضة، والقمح بالشعير، فيشترط شرطٌ واحدٌ فقط وهو التقابض.

خصائص العملات الرقمية المقبولة شرعًا

لا بد من بيان الشروط الشرعية للنقد بشكلٍ عامٍ، فإن استوفت العملة الرقمية المشفرة هذه الشروط أمكن الاعتراف بها شرعًا.
وبيان تلك الشروط فيما يلي:

  • صيانة القيمة: إن لم تكن للعملة قيمةٌ ذاتيةٌ، شأن الذهب والفضة، وكانت قيمتها اصطالحية، أي ناشئة عن الاصطلاح والاتفاق على أن تكون لها قيمةٌ ما. فلا بدَّ من صيانتها بحيث لا تنتهي قيمتها إلا بالاصطلاح كذلك. فلا تنتهي أو تضطرب من أمرٍ عارضٍ، أو من تلاعبٍ مقصودٍ، أو قرار ثلةٍ من المتحكمين بها أو المصدرين لها وهذا للحفاظ على حقوق الناس وأموالهم، فلا يتحكم بها جماعةٌ من الناس أو يتصرفون بها بما يضر غيرهم أو يحقق مصالحهم الفردية.
  • شيوع التعامل بها: شيوع التعامل بالعملة أمرٌ ضروريٌ حتى تستطيع العملة أداء وظائفها الاقتصادية كأداة للتبادل والحصول على الأشياء، والمقصود بشيوع التعامل بالعملة هو انتشارها داخل الدولة الواحدة، ولا يشترط شيوع التعامل بها في كل الأمكنة. فلو شاع التعامل بها داخل دولة الإصدار مثلًا لكان كافيًا لتحقق شرط الشيوع.
  • الاستقرار النسبي في قيمة العملة: إن لم تكن العملة تتمتع باستقرارٍ نسبيٍ في قيمتها، بتعرضها لاضطرابٍ شديدٍ ومتكررٍ في قيمتها، فإنها لن تؤدي وظائفها الاقتصادية على النحو الصحيح والواجب. فلو كانت الوحدة النقدية من عملةٍ ما تشتري رغيف خبزٍ اليوم، ونصف رغيفٍ غدًا ورغيفين بعد يومين، فإنها لن تكون مخزنًا صالحًا للقيمة، ولن تصلح معيارًا لتقييم الأشياء.

أحكام التعامل بعملة Beta الرقمية

  • استيفائها للشروط الشرعية السابقة.
  • يجب التقابض عند بيع العملة بمثيلاتها أو بعملات أخرى بدون أي تأخير.
  • بناءً على الحكم السابق تمنع العقود مؤجلة الدفع في بيع العملات الرقمية ويحكم بفساد عقدها إن وقع.
  • أن تكون العملة الرقمية مدعومةً بالذهب أو الفضة أو عملاتٍ أخرى معترفٌ بها.

عملة Beta حلال أم حرام

هل تتتوافر في عملة Beta الشروط الشرعية أم محكومةٌ بفساد ثمنيتها وتحريم تداولها؟

  • شيوع التعامل بها: تحظر دول مثل قطر والمغرب وتايوان وروسيا وتايلند العمل بعملة Beta الرقمية وعملاتٍ أخرى، وبعضها تفرض قيودًا على التعامل بها كتحديدها ضمن الإنترنت فقط كما في الصين. وفي المقابل عملة Beta وغيرها معترفٌ بها في دولٍ مثل بريطانيا وأمريكا ويتعامل بها بلا تشريعٍ خاصٍ.
  • صيانة القيمة: لأن عملة Beta ليس لها قيمةٌ ذاتيةٌ وليست مدعومةً بأي أصولٍ ذات قيمةٍ ولم تكن قيمتها مضمونةً رسميًا من قبل الحكومة فهي عملةٌ عالية الخطورة، وحاملوها معرضون لخطر فقد قيمتها أو تدهورها دون وجود مايحميهم ويقيهم من ذلك. وكون هذه العملة ليست بالحيلة الكافية لإسباغ الشرعية عليها من حيث صيانة القيمة فلا يعترف الشرع بها.
  • استقرار قيمة عملة Beta: حين صدور عملة Beta ارتفعت قيمتها 5000% حيث كان سعر صدورها 0.067$ ووصل إلى 5.8$ والآن تتداول العملة في حدود 3 إلى 4$ مع حجم تداولٍ ضخمٍ، إذ وصل في الدقائق الأولى لطرحها إلى ما يزيد عن 45000000$ في العشر دقائق الأولى.

واليوم مثلًا وصل سعرها إلى 1.73$ مع حجم تداولٍ على مدار 24 ساعة يقدر بما يقارب 19218903$. وهنا نرى عدم الاستقرار في سعرها وتبدله خلال مرور أول شهرٍ على إصدارها ولا نعرف ماذا تخبئ لها الأيام من تغيراتٍ وتقلباتٍ. فهي إلى الآن لم تحقق الاستقرار النسبي الذي هو شرطٌ أساسيٌ في العملة ليعترف بها شرعًا. ومن خلال الشروط السابقة أيضًا نستنتج أن عملة Beta وتداولها لم يرتق لتنال الاعتراف الشرعي بها والتعامل بها حرامٌ بحرامٍ.

وفي الختام نرى كيف أن الشريعة الإسلامية تنظر إلى العملات الرقمية كعملة Beta التي لا تحقق الشروط الشرعية للتعامل بها وتداولها نظرةً غير شرعيةٍ لما تحمله من مخاطر على الفرد والمجتمع والاقتصاد بشكلٍ كليٍ. ونأمل أن تخضع هذه العملات للرقابة والإشراف من قبل الحكومات لجعلها تستوفي الشروط وتتخلص من أخطارها في أقرب وقت.