تعد ضريبة القيمة المضافة من أهم أنواع الضرائب غير المباشرة لما لها من مزايا تساهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، إذ يمكن من خلالها زيادة الإيرادات الضريبية، وكذلك حماية الوارد المحلي، وتطبيق الضريبة يدخل في إصلاحات هيكلية الأنظمة الضريبية العامة الهادفة الى تقليل العجز والتضخم المالي الناشئ عنها، كذلك تمتاز بأنها لا تشكل حاجزًا في وجه الناتج المحلي بل تعد من الأدوات الداعمة للمنتوج المحلي إذا أُحسن تصميمها، وتعتبر حياديةً فيما يتعلق بطرق الإنتاج والأساليب التي يتم بها العمل التجاري. ونظرًا لأهمية هذا الموضوع سنخط لكم فيما يلي من مقالنا أهم التفاصيل المتعلقة بضريبة القيمة المضافة.

نشأة ضريبة القيمة المضافة

اخترعت ضَريبة القِيمة المُضافة على يد العالم الفرنسي موريس لوريه الذي أسس قوانينها. وقد استحدثت هذه الضريبة بموجب القانون الصادر عام 1954، وبدأ تنفيذه لأول مرةٍ وفق المرسوم المؤرخ عام 1955 بمعدّل يساوي 20%، كما طُبقت في البداية على مستوى الإنتاج وتجارة الجملة وعلى قطاع الخدمات، وكانت ضَريبة القِيمة المُضافة تطبق لمدةٍ طويلةٍ على الأعمال التجارية والصناعية، ثم توسع مجالها، فشملت معظم الأنشطة الاقتصادية.

تعريف ضريبة القيمة المضافة

قبل تعريف ضَريبة القِيمة المُضافة، لا بد من التعرف على مفهومي الضَريبة، والقِيمة المُضافة.

الضريبة: هي اقتطاعٌ جبريٌّ تفرضه الدولة أو احدى هيئاتها العامة لتغطية الأعباء العامة دون مقابلٍ محددٍ.

القيمة المضافة: هي الفائدة المقدمة للزّبون من قبل المنتِج بعد إدخال إضافاتٍ على مدخلاته المستخدمة في الإنتاج.

ضَريْبة القيْمة المضَافة: هي ضريبةٌ تفرض على الزيادة في قيمة المنتجات والخدمات في كل مرحلةٍ من مراحل إنتاجها وتداولها، وهي ضريبةٌ تفرض على الاستهلاك، يتم استيفائها في كل مرحلةٍ من مراحل الدورة الاقتصادية، وتضاف قيمة الضريبة على الأموال التي يدفعها المستهلك من أجل الحصول على المنتجات أو الخدمات.

أنواع ضريبة القيمة المضافة

  • ضَريبة القِيمة المُضافة على الاستهلاك: توفر إيرادًا ضريبيًا أكبر نسبيًا من بقية الأنواع الأخرى، لأنها تكون أعلى بالمعدل الضريبي وأقل بالخصم الذي يمنح للمنتجات المفروضة عليها، وتنطبق على جميع المنتجات والخدمات إلا ما أعفي منها بقانونٍ.
  • ضرِيبة الِقيمة المُضافة على التجارة الخارجية: حسب قواعد منظمة التجارة العالمية، يمكن فرض ضريبة القيمة المضافة على الاستيراد والتصدير بالسعر الضريبي الذي تعتبره الدولة مناسبًا، وتعده فرصةً جيدةً تنتهزها الدولة لدعم الإنتاج المحلي.
  • ضَريبة القِيمة المُضافة على الاستثمار: تعد ذات محصلةٍ ضريبيةٍ قليلةٍ كونها صُمّمت لتكون ذات أثرٍ إيجابيٍ على سير الشركات المحلية عبر اعطائها الحق في خصم الضريبة المدفوعة على المشتريات أو المدخلات المستعملة في المشاريع التجارية أو الداخلة في صنع المنتجات الأولية التي تستخدم لصناعة منتجات أخرى.

الفرق بين ضريبة القيمة المضافة والضرائب على المبيعات

تعتبر ضَريبة القِيمة المُضافة نظامًا ذا غزارةٍ ضريبيةٍ أكثر من الضرائب غير المباشرة الأخرى التي تفرض على المبيعات. ويكون الفرق بينهما وفق التالي:

  • ضَريبة القِيمة المُضافة تطبق على المنتجات في جميع المراحل التي تمر بها ابتداءً من مرحلة التصنيع انتهاءً بوصولها إلى المستهلك، بينما ضريبة المبيعات لا تطبق على المنتجات المصنعة إلا حين بيعها للمستهلكين. وتتعرض لعمليات الغش أحيانًا بسبب استحالة مراقبة المنتجات عند بيعها من تاجرٍ الى آخر.
  • لا تطبق ضَريبة القِيمة المُضافة على السلع الإنتاجية، وقد يعطى الخصم الضريبي عند شراء المنتجات المحلية، بالإضافة إلى أن المنتجات المستوردة ستخضع لهذه الضريبة مع الضريبة الجمركية المفروضة عليها أيضًا، وهذا يؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات المستوردة بالمقارنة مع المنتجات المحلية، بينما الضريبة على الأعمال المتتابعة تشجع على استيراد المنتجات التي تدفع الضريبة عنها مرةً واحدةً. ويكون لها قدرةٌ تنافسيةٌ أكبر من المنتجات المحلية التي طبقت الضريبة عليها مرات عدة.
  • إن لضريبة القيمة المضافة قاعدةً ضريبيةً أشمل من الضريبة العامة على تجار الجملة، حيث أن ضريبة القيمة المضافة تصيب فقط القيمة المضافة على المنتجات والخدمات المحلية والمستوردة في كل مرحلةٍ من مراحل الإنتاج، وهذا لا يحدث عند فرض الضريبة العامة على تجار الجملة لأنها لا تصيب إلا المنتجات المصنعة عند بيعها لتجار التجزئة، مما يعني أنها تستثني الخدمات من الخضوع للضريبة، وبالتالي تكون أقل شمولية من ضريبة القيمة المضافة.

أهمية ضريبة القيمة المضافة

تمتلك ضريبة القيمة المضافة أهمية كبيرة إذ تعد مصدرًا من مصادر الإيرادات الأساسية، وتؤثر على المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية بثلاث نواحي:

  • الناحِية المالية: تعد محصلة الإيرادات من بيع المنتجات الأولية المصدر الأساسي لتمويل الإنفاق الحكومي للدول الربحية مما يعرّض هذه الدول الى صدمات مالية بسبب عدم استقرار أسعار منتجاتها المصدّرة، ولهذا تحتاج هذه الدول إلى إيرادٍ مالي ثابت يساعد على تمويل إنفاقها، وتعد ضريبة القيمة المضافة ذات إيرادٍ ماليٍ مستقرٍ يساعد في تمويل الموازنة الحكومية.
  • الناحيَة الاقتصادية: حيث تحقق الاستقرار الاقتصادي وتوجه الاستثمار، وتحقق التكامل بين المنشآت وتساهم في زيادة الادخار.
  • النَاحية الاجتماعية: تقلل العبء الضريبي على العائلات ذات الدخل المحدود، كما تستعمل في التأثير على استهلاك المنتجات الضارة كالمشروبات الكحولية وغيرها من المنتجات المرفوضة حسب العرف الاجتماعي عن طريق زيادة الضريبة عليها، وتستعمل في إعادة توزيع الدخل بين أفراد المجتمع عند إنفاق الحصيلة الضريبية على معوناتٍ توزع على الطبقة الفقيرة، فتساهم في تقليل الفارق الطبقي بين أفراد المجتمع وغيرها.

نقاط القوة في ضريبة القيمة المضافة

  • الوفرة الضريبية: تتمبز بكثرة الإيرادات الضريبية وتعد عنصرًا هامًا في زيادة الإيرادات الحكومية.
  • تقليل من التهرب الضريبي في المجتمع: حيث تقوي مفهوم الرقابة الذاتية، إذ أن المشتري يتأكد من حصوله على فاتورة تتضمن مقدار القيمة المضافة من بائع المنتج، حتى يتمكن من الحصول على خصمها من ضريبة القيمة المضافة المفروضة على مبيعاته، مما يساهم في ضمان توريد الضريبة للخزينة العامة للدولة.
  • شمولية عبء الضريبة على القيمة المضافة: حيث تشمل عدد أكبر من المكلفين بدفع هذه الضريبة أكثر من مرةٍ مقارنتًا بالمكلفين بدفع الضريبة مرةً واحدةً.
  • تمنع الازدواج الضريبي: حيث تسمح للمكلفين بخصم الضريبة المدفوعة على نشاطاتهم من الضريبة المدفوعة على مبيعاتهم.

نقاط الضعب في ضريبة القيمة المضافة

  • الأثر التضخمي: تؤثر على أسعار المنتجات الاستهلاكية عند بدء تطبيقها أو تغيير معدلها في بعض الدول.
  • فريق رقابي: يتطلب نجاح تطبيق الضريبة فريقًا قادرًا على مواكبة عمليات بيع المنتجات حتى وصولها للمستهلك، مما يتطلب وجود فريقٍ كفؤٍ لدى المكلفين.
  • معاملة المنتجات الرأسمالية: يتم إعادة الضريبة المحصلة من المنتجات الرأسمالية في أغلب الدول، وذلك لتشجيع الاستثمار في رأس المال لأن الإنفاق على المنتجات الاستثمارية لا يعد استهلاكًا بالمعنى الصحيح، مما يؤدي الى انخفاض الإيرادات الضريبية.

الأشخاص المكلفون بدفع ضريبة القيمة المضافة

تفرض ضريبة القيمة المضافة على كل شخصٍ يمارس نشاطًا اقتصاديًا يشمل تسليم أموالٍ أو تقديم خدماتٍ خاضعةٍ للضريبة وفقًا للقانون. ويعتبر الشخص مكلفًا بدفعها حسب نشاطه كالآتي:

  • النشاط الاقتصادي: تفرض الضريبة على كل نشاطٍ زراعيٍ، تجاريٍ، وصناعيٍ وغيرها من النشاطات الاقتصادية مهما كانت النتائج ربحًا أو خسارةً.
  • الشركات: تخضع الشركات للضريبة اذا توافرت فيها شروط الخضوع.
  • المستورد: كل شخصٍ يقوم بعمليات الاستيراد يلزم بدفع الضريبة.

التسجيل على ضريبة القيمة المضافة

  • تقديم طلب تسجيل لدى إدارة الضرائب في مدةٍ محددةٍ عند توافر شروط الخضوع للضريبة، والإجابة على أسئلة الإدارة المتعلقة بنشاطه الاقتصادي.
  • إخبار الإدارة الضريبية بأي تغييرات تطرأ على نشاطاته، وذلك في مدةٍ محددةٍ من تاريخ حصول التغيير.
  • التصريح الدوري خلال مدةٍ محددةٍ من انتهاء فترة احتساب الضريبة عندما يقتضي مقدار الضريبة المطلوب استحقاقه للخصم أو الرد الضريبي.

خصم ضريبة القيمة المضافة

يتم خصم ضريبة القيمة المضافة على المنتجات والخدمات التي منحت حق الخصم من الضريبة، فمن حاز على الخصم يجب عليه:

  • تقديم لائحةٍ ماليةٍ تثبت عملية شراء المنتجات أو الخدمات المستحقة للخصم الضريبي.
  • تقديم بياناتٍ جمركيةٍ صادرةٍ عن السلطات المختصة تثبت صحة الاستيراد وأداء الضريبة على المنتجات المعنية بالخصم.

الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة

يعفى من ضريبة القيمة المضافة حسب القانون الضريبي:

  • الخدمات التي يقدمها الأطباء وأصحاب المهن التي تحمل صورةً طبيةً.
  • التعليم.
  • الخدمات المصرفية والمالية.
  • بيع العقارات المبنية.
  • المراهنات واليانصيب وألعاب الحظ.
  • الأدوية والمواد الصيدلانية.
  • تسليم أموالٍ مرسلةٍ أو منقولةٍ إلى الخارج.

وغيرها، حيث تختلف الإعفاءات الضريبية بين دولةٍ وأخرى.

انتقاد ضريبة القيمة المضافة

تتهم ضَريبة القيْمة المضافةِ بأنها غير عادلةٍ، لأنها لا تفرق بين فقيرٍ وغنيٍ، ولا تضع الفروق بين دخول المستهلكين في الحسبان، وتسبب ضغطًا كبيرًا على ذوي الدخل المحدود، حيث تأخذ جزءًا كبيرًا من مواردهم، مما يقلل من استطاعتهم الشرائية ويحد من معدلات استهلاكهم.

تفرض بعض البلدان ضريبةً مخففةً مقارنةً بالمعدل الأصلي على المنتجات الأساسية التي تمثل القسم الأكبر من استهلاكات العائلات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، ومن الممكن أن تقوم الدولة في ذات الوقت بتطبيق نسبٍ مرتفعةٍ من الضريبة على المنتجات الكمالية، للتقليل من شراء هذه المنتجات المستوردة من الخارج، أو  لتعويض الانخفاض في الإيراد الذي نتج عن تخفيض الضريبة على المنتجات الضرورية.

في النهاية المقال يمكن القو: تمثل الضرائب منذ ظهور مفهوم الدولة الإيراد الأساسي التي تستند عليه الحكومات في نفقاتها العامة، حيث تحظى على مر السنوات السابقة بالأهمية الكبيرة من قبل علماء الاقتصاد لما يمكن أن تقدمه من إيرادٍ ماليٍّ يغذي نفقات الدولة، وكذلك الأهداف التي أصبحت تُحقق من خلال الضرائب كالأهداف الاقتصادية والاجتماعية، ولهذا لم ولن تتوقف الضرائب عن التطور لمواكبة تطور النشاط الاقتصادي وضمان تحقيق الأهداف المرسومة.