يعد تحديد رأس المال البشري وكيفية استثماره من الأمور الأساسية التي يجب على كل مؤسسة اتباعها،نظرًا لكونه موردًا اقتصاديًا أساسيًا للمجتمعات والدول، أي يمكن اعتباره الثروة الأهم لكل دولة. حيث يتحقق هذا الاستثمار من خلال تنمية قدرات ومهارات الكوادر البشرية التي تعتبر من أساس نهوض الأمم، ولذلك تسمى رأس المال البشري.

مفهوم رأس المال البشري مفهومٌ يستخدمه متخصصو الموارد البشرية لأجل تعيين السمات التي تعتبر مفيدةً لعملية الإنتاج. وهذه السمات تشمل معرفة الفرد، ومهاراته، وتعليمه، وصحته، وبذلك استثمار هذه المهارات من خلال التدريب والتعليم لتحسين سوية ونوعية الإنتاج. وبالتالي وصول البلدان إلى التنمية المستدامة التي تنعكس إيجابًا على الدخل القومي، وبذلك زيادة الدخل للأفراد والحد من البطالة والفقر.
لذلك سنتعرف في هذا المقال على رأس المال البشري وكيفية استثماره بشكل أوسع، وما هو مشروع رأس المال البشري.

تحديد رأس المال البشري

يعود استخدام مصطلح رأس المال البشري إلى الأستاذ غاري بيكر (أستاذ في جامعة شيكاغو الولايات المتحدة الامريكية).
استخدم الأستاذ هذا المصطلح لوصف قدرات ومهارات الفرد وكيفية زيادة خبراته لاستثمارها بشكل أفضل في مجال العمل. حيث أنّ هذه القدرات والمهارات هي مهارات مكتسبة يكتسبها الفرد من خلال التدريب والممارسة. لذلك تتجه الدول إلى إثراء هذه المهارات من خلال التعليم، والتدريب ،وتنمية المهارات الإبداعية للفرد، والذي يعود بالفائدة على مجال العمل. بالتالي رفع معدلات الإنتاج.

أهمية تنمية رأس المال البشري

لتنمية رأس المال البشري أهمية كبيرة تنعكس على المجتمع وتتمثل في تقليص معدلات البطالة ونسبة الفقر، وتخفيض معدلات العنف والجريمة في المجتمع، والوصول إلى التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي.

مجالات الاهتمام في تنمية رأس المال البشري

نظرًا لأهمية الثروة البشرية في النهضة والازدهار الاقتصادي. فيجب تنمية ودعم كافة الجوانب النفسية، والعقلية، والاجتماعية، والإنسانية للفرد، التي تعد أساس رأس المال البشري. حيثُ يكون هذا الاهتمام متمثلًا في عدة نواحٍ أساسية في حياة الفرد، والتي تساعد على استثمار قدراته بشكل أفضل.

الدخل من مجالات تنمية رأس المال البشري

يتمثل بحصول الفرد على دخل يتوافق مع الجهد الذي يبذله في العمل مما يمكنه من تأمين مستلزمات حياته. وبذلك زيادة رغبة الفرد في إبراز طاقاته والذي يعود بالإيجاب على الدخل القومي نتيجة زيادة الإنتاج.
إنّ انخفاض الدخل للفرد في البلدان النامية يعد السبب الرئيسي في تدني الإنتاج ومستوى الإبداع في العمل.

التعليم من أشهر مجالات تنمية رأس المال البشري

كما ذكرنا سابقًا بأنّ رأس المال البشري هو مجموعة المهارات والقدرات عند الأفراد. بالتالي يعد التعليم أحد أهم المجالات التي يجب الاهتمام بها، من خلال الاهتمام بالمناهج التعليمية في المدارس والجامعات، وتنمية المهارات الإبداعية للأفراد، عن طريق إعداد فنيين واختصاصيين أكاديميين يتمتعون بالمهارات اللازمة لرفد سوق العمل ورفع سوية الإنتاج.
ولا يقتصر الأمر على التعليم الجامعي فقط. إنما يعتمد أيضًا على التبادل الثقافي والمعرفي مع البلدان والشعوب الأخرى من خلال البعثات الخارجية. وكذلك رفد سوق العمل باختصاصيين مجهزين بالخبرات في كافة المجالات.

الصحة أحد مجالات تنمية رأس المال البشري

إنّ صحة الفرد من أهم العوامل لتمكين الفرد من إجراء عمله على أكمل وجه. لذلك يجب الاهتمام بالحالة الصحية للأفراد من خلال برامج الرعاية الصحية وحملات التلقيح وغيرها من وسائل الوقاية الصحية، ليتمكن الفرد من إتمام عمله بكفاءة عالية مما يساعد في زيادة الإنتاج.

الاهتمام بزيادة إنتاجية رأس المال البشري

إن زيادة إنتاجية رأس المال البشري وكيفية استثماره تعود بالنفع على الفرد من خلال تحقيق الكفاءة الوظيفية المثلى. وأيضا على المجتمع بزيادة معدلات الإنتاج من خلال تنمية رأس المال البشري.

تسليح القوى العاملة بالخبرات والمعارف من مجالات تنمية رأس المال البشري

وذلك من خلال بعثات التبادل الثقافي والمعرفي مع البلدان الأخرى واستقدام خبرات أجنبية لتدريب الأفراد.

ما هي أهداف تنمية رأس المال البشري

  • تحديد رأس المال البشري وكيفية استثماره في زيادة معدلات الإنتاج والذي يعود بالفائدة على زيادة حصة الفرد من الناتج القومي.
  • العمل على تحقيق المساواة بين العاملين في كافة المجالات بتوزيع الدخل القومي فيما بينهم لإحداث توازن بين طبقات المجتمع وبالتالي الحد من الفقر.
  • زيادة فرص العمل وبالتالي القضاء على البطالة في المجتمع.
  • الوصول إلى العدالة الطبقية والاجتماعية بين كافة طبقات المجتمع.
  • تأمين محفزات اقتصادية لأفراد المجتمع.
  • توفير بيئة مناسبة للبحث العلمي.

عائد الاستثمار في تنمية رأس المال البشري

  • زيادة الإنتاج وبالتالي زيادة الدخل القومي وإيجاد فرص عمل للأفراد.
  • استثمار قدرات الأفراد وتحفيز المهارات الإبداعية لديهم.

كيف يتحقق الاستثمار في رأس المال البشري

يتحقق الاستثمار في رأس المال البشري من خلال عدة نواحٍ أهمها:

  • استثمار قدرات الأفراد من خلال التدريب وبالتالي إكسابهم مهارات جديدة.
  • تأمين أفضل المستلزمات والمعدات والأدوات التي تسمح للأفراد بتسخير طاقاتهم في العمل بأفضل الطرق.
  • زيادة التواصل بين الأفراد في بيئة العمل بشكل رسمي وغير رسمي بين المدراء والعاملين لتحسين الأداء في العمل.

ما هو مشروع رأس المال البشري

مشروع رأس المال البشري هو مشروع أطلقته مجموعة البنك الدولي، يحشد الجهود والطاقات للبلدان من خلال حصول الأطفال على التعليم الجيد والعناية الصحية الجيد. وكذلك الغذاء المناسب، ومن ثمّ دخولهم سوق العمل كبالغين يتمتعون بالصحة والمهارة والقدرة على الإنتاج.
بدأ المشروع في 28 دولةً وسرعان ما توسع ليضم 65 بلدًا ومازال العدد في زيادةٍ مضطردة.

كيف يتحقق مشروع رأس المال البشري

يتحقق مشروع رأس المال البشري من خلال:

  • التأكد من مشاركة الأشخاص الصائبين: إنّ التحديات المعقدة كسوء التغذية لايمكن أن تحلها وزارة واحدة بمفردها، وهذا السبب في أنّ البلدان تستدعي الخبرات من مختلف قطاعات الحكومة لتمهيد السبيل لاتخاذ الإجراءات المناسبة على صعيد السياسات، وتستثمر البلدان اليوم بشكل سليم في البشر لضمان صلاحيتهم للعمل في المستقبل. كما تعطي الأولوية لتنمية الطفوله المبكرة وضمان تقديم الدعم على المستويين الوطني والمحلي.
  • الابتعاد عن العمل بالأنماط التقليدية المعتادة: تتطلب الطبيعة المتغيرة للعمل تحولًا في طريقة التفكير بشأن الاستثمار في البشر لذلك تحشد بعض البلدان جهودها لمواجهة التحديات الحقيقيه في القرن الحادي والعشرين، حيثُ تعد الشباب للمستقبل بالمهارات الرقمية باستخدام التكنولوجيا لتحقيق التعليم للجميع، وتطبيق إصلاحات تدعم المرأة والطفل.
  • التركيز على الحصول على البيانات الصحيحة من أجل اتخاذ القرارات: تقيس البلدان درجات التعليم بين الطلاب، وتراقب تغذية الطفل، وتسعى وراء ما هو أكثر من البيانات الوطنية لفهم الفرص الإقليمية
  • توجيه الدعم العام لبرنامج عمل يمس جميع الأجيال: إنّ نجاح برنامج رأس المال البشري سيحتاج إلى حركة تستثمر من الآن وحتى العام ٢٠٣٠ وما بعدها، وفي مختلف بلدان العالم تستضيف البلدان قمم رأس المال البشري لاستنهاض كافة الأطراف الفاعلة، وتنضوي الشركات العالمية، والمؤسسات الخيرية، ووسائل الإعلام، والمنظمات الدينية والشبابية، وصانعوا التغيير من كافة أطياف المجتمع تحت شعار رأس المال البشري استعدادًا للعمل معًا، وتلتقي البلدان عبر الحدود وتدعم الآسر لتحقيق كل إمكانياتها. كل ذلك هو إجراءات تتحق تباعًا وتحدث تغييرًا، وهي أولى العلامات التي ترسم مسار حركة عالمية، حركة تبدو مرشحة لأن يتسع نطاقها وتتبلور ملامحها في السنوات القادمة.

في النهاية، إن النهضة الاقتصادية لأي بلد يجب أن يكون اعتمادها الأول على رأس المال البشري، فالأفراد هم أساس المجتمعات، وهم ثروة لا تنضب، وبالتالي يجب استثمار هذه الثروة في كافة الوسائل وشتى الطرق الممكنة.