قد يواجه السياسيّين خلال فترة تولّيهم المنصب أزمة ما، أو وضع غير متوقّع ممّا يدّعي إيجادهم حلول لإدارة المال خلال الأزمات الوبائية. كما يؤثّر الوباء على حياة الكثير من المواطنين في الدولة خلال الأزمة. وتصبح القوانين المألوفة للسياسة غير قابلة للتطبيق، ولا تسير الأعمال كالمعتاد. ويحتاج السياسيّون، والأحزاب السياسيّة، وممثّلو الحكومة، والمنتخبون، إلى مجموعة مختلفة من المهارات، وتنشأ لديهم مسؤوليّات مختلفة خلال الأزمة. من ناحية أخرى، فإن السياسة والديمقراطيّة لا تتوقّف خلال الجوائح، والأحداث الصعبة الأخرى.

لذلك تحتاج الديمقراطيّة القويّة والصحيّة إلى رعاية واهتمام مستمرّين. علاوة على ذلك، فإنّ الأزمات تعتبر في بعض أوقات خطيرة على الحياة السياسيّة في الدولة، ومن الطبيعي أن يلجأ المواطنون إلى حكومتهم للحماية والشعور بالاطمئنان، وعادةً ما يقدّمون للمسؤولين سلطات غير اعتياديّة للوصول إلى هذه الغاية.

ومن المهم أن يفهم السياسيّون طريق سير الأزمة، وأسبابها، ونتائجها، وكيفيّة التعامل معها، حيث أنّ الأزمات تأتي بأشكال وأحجام مختلفة، وكل أزمة فريدة من نوعها وتحتاج إلى حلول خاصة. على سبيل المثال، تختلف الأزمة الطبيعية كالزلازل، والإعصار، والفيضان عن الأزمة الصحيّة كالوباء أو الجائحة. ومن أهم هذه الأزمات في وقتنا الحالي هي جائحة فايروس كورونا، التي وضعت السياسيّين أمام تحدّيات عديدة من أجل السيطرة عليها، ومراقبة قطّاع الرعاية الصحيّة، ودعم مجتمعاتهم عن طريق تقديم الخدمات بمختلف الطرق، ودعم الأعمال المحليّة والمواطنين الذين يواجهون خطر فقدان وظائفهم، وانعدام الأمان المالي.

وفي مقالنا هذا نقدم لكم خطة عملية تساعدهم على القيام بما ذكر.

الاستجابة الفورية خلال الأزمات الوبائية

في أوقات الأزمات الوبائيّة تحتاج وزارات المالية إلى الاستجابة بسرعة للمواقف الحرجة، حيث يتوجّب على الموظّفين العمل عن بعد لفترات طويلة مع ضمان خطط استمراريّة الأعمال. ومن الضروري بناء قدرة مؤسسة على الصمود في وجه التحديات المستقبليّة، وتطوير المرونة الاستراتيجيّة، والتشغيليّة، والفرديّة في مواجهة الوباء، وكذلك الصدمات المستقبليّة. ومن أهم الإجراءات اللّازمة لتحقيق هذه العوامل هي:

  • تطوير آليات التنفيذ السريع.
  • التخطيط الجيّد لأسباب السيولة.
  • موازنة مزايا المرونة، ومتطلّبات الانضباط المالي بأوقات الأزمات.
  • وضع إطار عمل واضح للإنفاق متوسّط الأجل، بما في ذلك خطط التحويلات النقديّة، والتي ستكون مطلوبة للاستجابة لتأثيرات الأزمة.
  • تحديد استثمارات متوسّطة الأجل، لتعزيز النّمو الاقتصادي.
  • تحديد أولويّات تحليل الاقتصاد الكلي، ووضع سيناريوهات لتوقعات هذا الاقتصاد، بحيث تأخذ في الاعتبار تأثير الأزمة الوبائيّة على الاقتصادات الوطنيّة والعالميّة.
  • التعاون بين جميع المؤسسات وخاصة السّلطتين التنفيذيّة، والتشريعيّة، لتجميع الموارد لضمان خطّة شاملة لإعادة البناء الاجتماعي، والاقتصادي.
  • مشاركة المجتمع المدني الذي يعد ضروريًا لضمان استجابة شفّافة، وخاضعة للمساءلة.
  • توفير موارد إضافيّة، أهمّها رفاهيّة المواطنين.
  • وضع استراتيجيّة مملوكة للحكومة لتمويل مخاطر الكوارث، مصمّمة خصّيصًا للتخفيف من الآثار الماليّة، والاقتصاديّة.

الإجراءات الوطنية خلال الأزمات الوبائية

بعد الاستجابة المبدئيّة للأزمة المالية، من الضروري الإعلان عن إجراءات إضافيّة بأسرع ما يمكن بهدف تخفيف أو تقليل أثر الأزمة. تتّخذ هذه الاجراءات أشكالًا مختلفة لكنها تتّسم في أنّها تهدف إلى تحسين أو رفع مستوى حياة هؤلاء الذين تأثّروا بالأزمة، وذلك عن طريق تدخّلات مستهدفة. ومن أهم هذه الإجراءات:

  • توسيع الوصول إلى منافع الضمان الاجتماعي، والتعطّل عن العمل.
  • توفير الرّواتب المتأخرة، واستبدال الأجور، والحماية من التسريح من العمل.
  • تنظيم الوصول والحركة في المنطقة المتأثرة بالأزمة.
  • ضمان مؤقّت للدخل الأساسي وخاصّةً لعمّال المياومة، والعمّال الموسميّين.
  • الوصول والعلاج المجاني في المرافق الطبيّة للمتضررّين من الأزمة، أو تعويض المواطنين جزئيًا عن تكاليف الرعاية الصحيّة المرتبطة بالأزمة.
  • السماح بتأجيل، أو تعليق الدفع (للقروض، والديون، والإيجار، والرهن العقاري، والخدمات، وغيرها).
  • التعليم المجاني عبر الإنترنت للمدارس، والجامعات، وبث برامج تعليميّة للأطفال على شاشة التلفاز مادامت المدارس والجامعات مغلقة.
  • تعويض روّاد الأعمال عن الدخل الضائع بسبب الأزمة.
  • تعليق عمليّات إخلاء المنازل، أو إيقاف جمع الأجور.
  • جمع التبرّعات للاستجابة الطارئة من المموّلين، أو المجتمع الدولي.

التدابير المالية الفردية خلال الأزمات الوبائية

تسبّب الأزمة الوبائيّة ضغوطًا على الموارد الخاصّة، لا سيّما في حالات الحظر، وإغلاق الأعمال، وفقدان الوظائف. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الخطوات التي ستساعد في إدارة الموارد الماليّة في أوقات أزمة الوباء أهمّها:

  • تقليل النفقات غير الضروريّة، مما يوفّر مساحة أكبر في الميزانيّة.
  • تقليل الاشتراكات، والفواتير غير الضروريّة.
  • خفض معدّلات الفائدة المصرفيّة على القروض.
  • تحديد أولويّات النفقات الأساسيّة التي لا غنى عنها. على سبيل المثال: البقالة، والأدوية الحيويّة.
  • الاستفادة من العروض المقدّمة من جهات إصدار بطاقات الائتمان، والتي تشمل توفير التمويل، أو تأجيل بعض الرسوم.

التدابير قصيرة المدى خلال الأزمات الوبائية

أحد الحلول لإدارة الأموال أثناء أزمة الوباء التي يمكن أن يتّخذها أي بلد هو تحديد التأثير الاجتماعي، والاقتصادي للوباء. ومن أجل تجنّب هذه التأثيرات يجب وضع بعض التدابير قصيرة المدى أهمّها:

  • إجراء تقييم كامل لقدرات الدولة المتاحة لمواجهة التهديد.
  • تعديل السّياسات المالية لمساعدة الأشخاص الأكثر تضررًا من أزمة الوباء.
  • توقّع الإيرادات والمصروفات لتقييم التأثير، وتخطيط إدارة المخاطر الماليّة.
  • تأمين موارد إضافيّة لمواجهة أزمة الوباء.
  • تطوير برامج الحماية الاجتماعيّة، والإنعاش الاقتصادي.
  • حساب القيود الاقتصاديّة، والماليّة الجديدة.

التدابير متوسطة المدى خلال الأزمات الوبائية

يمكن للدولة أن تستخدم هذه التدابير أيضًا كحل لإدارة الأموال أثناء أزمة الوباء، نذكر منها:

  • تنظيم نقل المعرفة حول الأثر المالي للأزمة الوبائيّة، والتدابير العلاجيّة المتعلّقة بها.
  • الدعم في تطوير، وتحديث، وتنفيذ استراتيجيّات تمويل مخاطر الكوارث الحكوميّة.
  • المساعدة في تحديث، وتنفيذ خطط استمراريّة الأعمال والتعافي.

وهكذا نكون قد قدّمنا لك مقالًا حول مجموعة الحلول الواجب اتّباعها والالتزام بها من قبل الدولة، والمواطنين للتعامل مع المال خلال أزمة الوباء، من أجل تجنّب تحوّل هذه الأزمة إلى أزمة مالية.