تعد تربية دودة القز وإنتاج الحرير في مصر من المشاريع البسيطة، نظرًا لتوفّر جميع مستلزماتها في الطّبيعة. فهي لا تحتاج لأيّ رأس مال ضخم أو مساحات كبيرة. ولابدّ من الإشارة إلى العائد المادي الوفير الذي تؤمّنه. ونظرًا للرّبح السّريع من هذا المشروع، عمدت الدولة المصرية تربيتها، بهدف إنتاج الحرير لاستخدامه في مختلف الصّناعات كالسّجاد والألبسة والأقمشة. لذلك سنتعرف على تربية هذه الدودة في مصر من خلال مقالنا التالي.

كيفية تربية دودة القز في مصر

تمتاز دودة القز بسهولة تربيتها. ولكن بالتأكيد يوجد استراتيجيات محددة لتربيتها بشكل صحيح، ومنها نذكر ما يلي:

  • تجهيز الغرفة: من أساسيّات الاهتمام بدودة القز تأمين غرفة ذات تهوية جيدة، وخالية من الحشرات مغلقة بإحكام. ويجب ألا تقل مساحة هذه الغرفة عن تسعة أمتار مربعة في حال تربية علبة واحدة من البيض، وكلّما زادت كميّة علب البيض زادت معها المساحة المطلوبة. بالإضافة إلى وجوب ثبات درجة حرارة الغرفة حوالي 25 درجة مئوية، وكذلك الحفاظ على درجة الرطوبة، بحيث لا تقلّ عن 70%.
  • تأمين الحوامل الخشبيّة والصّواني البلاستيكيّة: من التّجهيزات المطلوبة أيضًا الصّواني البلاستيكيّة من أجل وضع الدّيدان فيها. ورفع تلك الصواني عن الأرض بحوامل خشبية متينة، مع الالتزام بترك مسافة مناسبة بين الصواني لا تقل عن 40 سم.
  • المطهّرات: يجب توافر بعض المطهّرات القاتلة للبكتيريا والميكروبات والحشرات الضّارة. والعمل كلّ فترة على تطهير الصّواني والأدوات، ممّا يضمن نظافة المكان، إضافة إلى عدم إصابة الديدان بالأمراض.

تغذية دودة القز وتربيتها بغية إنتاج الحرير في مصر

من أجل تربية جيدة لدودة القز وإنتاج الحرير في مصر، لا بدّ من توفير كميّة وفيرة من أوراق التّوت الأبيض لضمان إنتاج أجود أنواع الحرير. وكلّما زاد عمر اليرقة زادت كميّة ورق التّوت المطلوبة. وقد يعمد المربّي إلى تقطيع هذه الأوراق. بالإضافة إلى ذلك يمكنه الاحتفاظ بالأوراق طازجة في الثّلاجة لمدة لا تتعدّى الأسبوع. كما تزرع دولة مصر نبات التوت الأبيض من الصّنف الهندي للحصول على أفضل أنواع الحرير، الذي يمتاز بقوّته ومتانته.

ما هي دورة نمو دودة القز لتنتج الحرير في مصر؟

تتمّ عمليّة فقس البيض بعد مرور أربعة أيّام على وضعها في الغرفة المجهّزة وفي درجة حرارة حوالي 25 درجة مئويّة. لتُفتح علبة البيض، ووضع كميّة مناسبة من أوراق التّوت الأبيض المقطّعة بداخلها. لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ عمليّة الفقس تكون بنسبة 90 %.
بعد ذلك تنقل أوراق التّوت المقطّعة والمحمّلة باليرقات إلى الصّواني البلاستيكيّة المجهّزة والمخصّصة لتربية دودة القز. تتغذى هذه اليرقات أربع مرّات يوميًّا من أوراق التّوت لمدة تصل خمسة أو ستّة أسابيع.

ابتداء من الأسبوع الثالث يُقدّم المربّي الأوراق كاملة، بالإضافة إلى الاهتمام بنظافة الصناديق التي تعيش فيها دودة القز. ومن الجدير ذكره الانتباه إلى مرحلة الصّيام، وعدم تقديم الغذاء لليرقات خلال هذه الفترة اَلَّتِي تمتدّ من يوم إلى يومين. كما تمتنع اليرقة عن الحركة في هذه الفترة لأنها تغيّر جلدها إضافةً إلى ازدياد حجمها.

وفي نهاية الأسبوع الرّابع توضع بعض قوالب البلاستيك الجاهزة والمطهّرة عند حواف صواني للاهتمام بهذه اليرقة، حيث تصعد عليها اليرقات وتبدأ الشّرنقة في غزل الحرير مدّة أربعة أيام دون انقطاع. ويصل طول خيط الشرنقة الواحدة إلى أكثر من 900 متر.

وعند الانتهاء من عمليّة الغزل، تُجمع الشّرانق للتّخلص منها عن طريق تعريضها لدرجة حرارة 70 درجة مئوية أو من خلال البخار السّاخن، والهدف من ذلك استخراج الخيوط قبل أن تمزقها الفراشات. بعد ذلك، تبدأ عمليّة فكّ الحرير عن القوالب ووضعه في أكياس معقّمة ببعض المبيدات الحشريّة للحفاظ عليها من الحشرات والنّمل، ثمّ بيعها في الأسواق.

إنتاج الحرير في الدولة المصرية

تمتاز مصر عن غيرها من البلدان بقيام مشروع الإنتاج الخاص للحرير. ويعتمد هذا المشروع على عدّة متطلّبات نوجزها وفق الآتي:

  • الاعتماد على نظام الرّي الحديث.
  • زراعة نبات التوت الهنديّ بوفرة في المناطق الريفيّة، ممّا يساهم في إنتاج أجود أنواع الحرير.
  • إنشاء معملًا خاص يرعى دود القزّ، وإنتاج الحرير، وتجهيزه بالحوامل الخشبية والصواني البلاستيكيّة والمطهّرات.
  • تقديم الغذاء بانتظام لليرقات أربع مرّات على مدار اليوم.
  • تأمين القوالب البلاستيكيّة لتبدأ اليرقات بالشّرنقة وغزل خيوط الحرير حول نفسها.
  • قتل الشرانق عن طريق تعريضها لدرجة حرارة عالية أو للبخار الساخن، واستخراج الحرير الخام.
  • استخدام خيوط الحرير في صناعة السجاد والأقمشة والحرير بغية تأمين الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض إلى الخارج.

فوئد تصنيع الحرير في مصر

تتعدّد حسنات تصنيع دودة القز وإنتاج الحرير في الدولة المصرية، والتي يمكن اختصارها وفق الآتي:

  • إعادة إحياء مهنة صناعة الحرير وتنميتها.
  • تنمية المناطق الرّيفيّة وتأمين فرص عمل جديدة.
  • تأمين الاكتفاء الذّاتي إضافةً إلى رفع النّاتج القومي.
  • سرعة المردود الفردي حيث لا يتعدّى 35 يومًا.

وأخيرًا يمكن القول إنّ مشروع الذي يرعى دودة القز وإنتاج الحرير في الدولة المصرية من المشاريع التنمويّة التي تحقّق التّنمية المستدامة من خلال إعادة إحياء هذه الصّناعة وتنميتها، مما يقلل من عمليّة الاستيراد بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة خاصّةً لسكّان الأرياف. لذلك لابد من دعمها وتطويرها عبر تنفيذ خطوات جادة في سبيل ذلك.