غنيةٌ عن التعريف، فهي من أشهر وأهم البورصات المالية في العالم. صنعت تاريخ الاقتصاد العالمي، وعرفت باسمٍ آخر وهو بورصة “نيويورك (NYSE)”. تباينت الآراء حولها وأشارت إلى معانٍ كثيرة، وذلك ليس بغريب إذ يعتمد ذلك على الشخص الذي تسأله عنها. لنتعرف على بورصة وول ستريت أكثر، وتأثيرها على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، وما لها من دورٍ في صناعة الأموال في العالم، تابع معنا القراءة.

ما هي بورصة وول ستريت

غالبًا ما ينظر إلى وول ستريت على اعتبارها رمزًا ومركزًا جغرافيًا للرأسمالية الأميركية. إلا أنها من الناحية الرمزية، قهي تشير  إلى جميع البنوك، والصناديق التحوطية، إضافةً إلى متداوليّ الأوراق المالية الذين يقودون سوق الأوراق المالية والنظام المالي الأميركي بالكامل. أما من الناحية الجغرافية، فما هي إلا مجموعةٌ من التكتلات التي لا تتجاوز مساحتها الميل مربع، والتي تقع في شارع وول ستريت في حيّ منهاتن، بجوار مدينة نيويورك.

سمّي الشارع باسم “وول ستريت” في القرن السابع عشر حينما كانت نيويورك واقعة تحت سيطرة الهولنديين. ولكن عند تعرّضها للاحتلال البريطاني، قام الهولنديون ببناء جدارٍ عالٍ للتصدي الهجوم، إلا أن البريطانيين نجحوا في اختراقه وهدمه والسيطرة على مدينة نيويورك عام 1966. ونسبةً لذلك، أطلق على ذلك المكان اسم “وول ستريت” أي بمعنى الجدار العالي.

تحوي بورصة وول ستريت أكبر أسواق الأسهم المالية. حيث تضمّ المصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وبورصة “ناسداك”، إضافةً إلى مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية متعددة الجنسيات “جولدمان ساكس”، والبنك الأمريكي متعدد الجنسيات “جي بي مورغان”، وبورصة نيويورك التجارية “NYMEX”.

كيف تعمل وول ستريت

تشمل بورصة وول ستريت سوق الأوراق المالية، وسوق السندات، وسوق السلع الأساسية، وسوق العقود الآجلة، وسوق الصرف الأجنبي. وكان الهدف الأساسي لسوق الأوراق المالية، هو جمع الأموال بهدف تحقيق نمو وأرباحٍ للشركات، إضافةً إلى خلق فرص للعمل. ولكن فيما بعد أصبح تداول الأوراق المالية مربحًا جدًا. لدرجة أنه تم إنشاء الصفقات لأي شيء يمكنك التفكير فيه، عدا عن الكثير من الأشياء التي لا يمكنك تخيلها أبدًا.

إذًا ما الذي غير وول ستريت! السبب الرئيسيّ هو إلغاء قانون “جلاس-ستيجال” عام 1999. والذي سمح لأيّ بنك باستخدام مدخرات المودعين للاستثمار في أوراق مالية معقدة، تعرف باسم “المشتقات المالية”. استندت قيمتها إلى أنواع مختلفة من القروض، بما في ذلك ديون بطاقات الائتمان، وسندات الشركات، والرهون العقارية.

انهيار البورصة وسوق الأسهم

كان قرار إلغاء القيود التنظيمية أحد أهمّ أسباب الأزمة المالية في عام 2008. إذ كانت المشتقات المالية المستندة إلى القروض العقارية، والمسمّاة رسوم الرهون العقارية، مضمونةٌ من خلال ابتكار مالي آخر أطلق عليه اسم مقايضات العجز عن سداد الائتمان. بحيث تم تداول كل هذه المنتجات بنجاح في سوق التداول إلى أن بدأت أسعار المساكن في الانخفاض عام 2006. لتبدأ بعد ذلك الرهون العقارية الأساسية في التخلف عن السداد. في الوقت الذي لم يعرف فيه أحد آنذاك كيفية تسعير الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. وبسبب وجود الكثير من حالات التخلف عن السداد، شهدت بعض الشركات مثل المجموعة الدولية الأميركية نفادًا في السيولة بعد أن كانت ضامنة للديون العقارية.

نتيجةً لذلك، أصيبت بورصة وول ستريت بالذعر حينها. وانخفضت أسواق الأسهم العالمية، وتوقفت البنوك عن إقراض بعضها البعض. الأمر الذي خلق أسوأ ركود اقتصادي منذ أزمة “الكساد الكبير (Great Depression)” في ثلاثينات القرن العشرين. وكان الشيء الوحيد الذي أوقف الذعر آنذاك، هو إنقاذ الحكومة الفيدرالية لبورصة وول ستريت من خلال برنامج “TARP” عام 2008، واستعادة الثقة من خلال تطبيق حزمة التحفيز الاقتصادي عام 2009.

في عام 2010، أقر الكونغرس قانون دود-فرانك لإصلاح بورصة وول ستريت، منعًا لحدوث أزمة مالية أخرى. وذلك، من خلال منح الحكومة الفيدرالية المزيد من الرقابة على وول ستريت. فعلى سبيل المثال، يُطلب من الشركات المالية غير المصرفية مثل الصناديق التحوطيّة التسجيل لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات وتقديم معلومات عن صفقاتها وإجمالي حيازاتها.

لماذا لوال ستريت تأثير كبير على الاقتصاد العالمي

لبورصة وول ستريت تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، بفضل موقعها الكائن في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تصنف من بين أكبر الاقتصادات في العالم. حيث تتفوق الولايات المتحدة الأمريكية في حجم اقتصادها على الصين. كما تتفوق في قيمتها السوقية على كافة بلدان العالم. إذ تبلغ قيمتها السوقية حوالي 40% من القيمة السوقية العالمية وفقًا لإحصائيات عام 2018. فضلًا عن كونها الموطن الرئيسيّ لبورصة نيويورك. تلك البورصة الرائدة على مستوى العالم من ناحية حجم التداول اليومي للأسهم، والقيمة السوقية للشركات المُدرجة فيها. وإضافةً إلى كل ما سبق، تضم بورصة وول ستريت ثاني أكبر بورصة في العالم وهي بورصة “ناسداك” الغنية عن التعريف.

باختصار، تضمّ بورصة وول ستريت أكبر وأقوى البورصات العالمية والشركات الكبرى. وتشغّل سنويًا آلاف الأشخاص، ولذلك فإن تأثيرها لا ينحصر على الاقتصاد في أمريكا وحسب بل على اقتصاد العالم أجمع.