أصبحت مسألة مراعاة التوازن بين الزراعة والبيئة ضرورة إلزامية وليست خيارًا، وذلك لأن البشر في العقود
الأخيرة من آخر مائة عام قد غيروا بنظامهم تلك النظم الإيكولوجية بشكل أسرع مما حدث في أي فترة زمنية عبر
التاريخ، وبالطبع يعود ذلك لتلبية احتياجاتهم المتزايدة من الأغذية والمياه والوقود، لكن وجد البشر وخاصة الدول
المتقدم إن الاستمرار على هذه الشاكلة لا يجعل مواردهم مستدامة وإنما تتعرض لخطر الانهيار مما يعني نهاية الحياة
على الكوكب بمعاناة شديدة، وبالبحث وجدوا أن أساس وجودهم على الكوكب -أي الزراعة- يرتبط بالبيئة بشكل
وثيق، وهذا ما سنعرضه لكم في مقالنا الآتي.

كيفية التوازن بين الزراعة والبيئة.. المشكلة والحل

لا جدال أنه للزراعة وجود أساسي على الكوكب لطالما وجد البشر، فالزراعة هي العملية التي يقوم بها الإنسان من
خلال غرس بذور في الأرض ورعاية تلك البذور لاستخراج الغذاء الذي تعتمد علي البشرية جمعاء، هذا بالإضافة
إلى الأعمال الصناعية أيضًا كاستخدام القطن على سبيل المثال، وبرغم الكم الهائل الذي أحدثه التقدم التكنولوجي في
إيجاد بدائل لكل شئ إلا أن الزراعة لم يحل لها أي بديل، حتى إن وُجدت بدائل غذائية مصنّعة نلاحظ تحذير

منظمات الصحة من خطورتها، وعلى هذا اكتفى البشر باستحداث وسائل الزراعة ومحاولة مضاعفة الإنتاج الزراعي بتكنولوجيا الآلات والهندسة الوراثية.

إلى هذا وكان البشر يظنون أن الزراعة هي البيئة ذاتها، أي أن الزراعة والبيئة مقترنان وهي عملية طبيعية تحافظ
على صحة البشر والكوكب، إلا أن هذا الأمر لم يكن صائبًا في الحقيقة، فالزراعة لها آثار سلبية على البيئة كما لها
آثار إيجابية بالطبع، ونقصد بذلك الزراعة البدائية فما بالكم بالزراعة التي تُستخدم فيها أحدث الآلات والتكنولوجيا في
عصرنا الحالي، ونستحضر هنا خطاب منظمة الفاو التي قالت أنه للزراعة دور مركزي في إدارة البيئة؛ فهي التي
نجد فيها الكثير من المشاكل والكثير من الحلول أيضًا، إذًا فما الحل الذي يمكن أن نُبقي به على الزراعة لأهميتها مع
عدم الاكتفاء بترك البيئة وشأنها وإنما استغلال ذلك الحل في تنمية البيئة أيضًا؟

تغير المناخ

تُعد الزراعة سببًا رئيسيًا للغازات الدفيئة التي تنبعث من أحد أقسامها وهو الإنتاج الحيواني، ونتذكر هنا تحذير “الفاو” من هذه المشكلة حين ذكرت المنظمة أنه إن لم يتم خفض انبعاثات الغازات الدفيئة فقد يؤدي ذلك لارتفاع حرارة الأرض إلى نحو 3 درجات مئوية خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك ذو أثر سئ بالنسبة لإنتاج الأغذية والصحة والبيئة، نعم إن المصانع والمركبات وغيرها سبب كبير في ذلك، لكن أساليب الزراعة وحدها تبلغ تقريبًا 25 بالمائة من انبعاثات الغازات الدفيئة، وبما أنه لا يمكن إنهاء مهنة الزراعة بالطبع، فكيف يكون الحل لهذه المشكلة؟

لعل أفضل ما ذكرته منظمة الفاو هو أن الزراعة يمكن أن تكون جزءًا من الحل، ويكون ذلك باحتواء تغير المناخ عبر حفظ الكربون الناتج من عمليات الزراعة -كإزالة الغابات والإنتاج الحيواني- واحتباسه ثم استبداله، ويتم ذلك بتكنولوجيا حديثة أظهرت نتائجها بالطبع ويجدر بنا التحدث عنها معكم في مقال منفرد، لكن المشكلة هنا أن الدول النامية هي الأكثر احتياجًا لهذا الأمر نظرًا لأنها وحتى الآن لا زال اهتمامها بربط الزراعة والبيئة ضئيل للغاية.

الطاقة الحيوية المتجددة

الطاقة الحيوية هي نوع من أنواع الطاقة المتجددة التي تتوفر من موارد مشتقة من المصادر الحيوية، وبمعنى أسهل فيمكن أن نقول أنه باستطاعتنا فيها إنتاج الوقود من المنتجات الثانوية الناتجة عن العمليات الزراعية المتنوعة، ولعل أشهر تلك المنتجات هي نفايات الخشب والقش والسماد، بالطبع يمكنكم أن تكونوا قد استنتجتم ما بالإمكان فعله عن طريق استغلال تلك الطاقة بدلًا من تضييعها هباءً والإضرار البيئة، لاسيما الإحصائيات التي تشير إلى أنه بحلول سنة 2050 ستمثل الطاقة الحيوية المنتجة نحو 25% من إجمالي الطلب الإجمالي على الطاقة، حتى أن هذا النوع من الطاقة قد نعتبره صديقًا للبيئة لأن مصادرها خالية من الكربون، وعلى هذا يمكننا استغلال هذه المصادر وإنتاج الطاقة منها عبر حفظ الكربون واحتباسه واستبداله كما ذكرنا في العامل السابق.

التنوع الحيوي المناسب

التنوع الحيوي هو التنوع في أشكال الطبيعة الحية أي تنوع تواجد الكائنات الحية، وسبب ذكرنا لهذا الأمر هو اتجاه الزراعة في العصر الحالي بنسبة كبيرة نحو أنواع محددة جدًا من النباتات لأسباب اقتصادية ومادية، ولا شك أن ذلك قد أدى إلى تهديد بعض الأنواع البرية بالانقراض هذا بالإضافة إلى التأثير السلبي على البيئة، ويتطلب الأمر حلولًا تتمثل في إدارة التنوع الحيوي من قِبل وزارات الزراعة والحكومات.