لعلّ العديد من الكتّاب والباحثين يتّفقون على أنّ الاستثمار الآمن في العراق هو الصّرف على الأصول الرأسماليّة خلال مدّة زمنية معيّنة. بالإضافة إلى ذلك، فهو اتّصال ماليّ بغية تحقيق مكاسب من المفترض الحصول عليها على مدى فترة طويلة من الزمن في المستقبل. ومن الجدير بالذكر، أنّ العراق بلد يتمتّع بالكثير من الثروات، بالإضافة إلى موقعه الجغرافيّ الذي يساعده في إنجاز أفضل أنواع الاستثمار. حيث تحولت التنمية في العراق من المفهوم التقليديّ الذي ركّز على النّمو الاقتصاديّ، إلى مفهوم جديد ألا وهو رؤية الاستثمار، ومن ثم إلى التنمية المستدامة التي أضفت على التنمية البعد الإنسانيّ، وجعلت من مشاكل وحاجات الناس منطلقًا لها لأخذ الفرد والمجتمع العراقيّ إلى مرحلة جديدة تؤمّن له العيش النبيل، وتحقق له نسب عالية من الاكتفاء، والحريّة، والصّحة، والثقافة، والتعليم وغيرها. هذا التّطور أدّى إلى إعادة النّظر بمفهوم التنمية، ليصبح مصطلحًا يتّحد فيه الجانب الاقتصاديّ، والاجتماعيّ، السياسيّ.
ما هو الاستثمار الآمن
يمكن تعريف الاستثمار بشكلٍ عام على أنّه عمليّة توظيف الأموال في الفرص الاستثماريّة المتوفّرة بناءً على الدّراسة التحليليّة لها، وانتقاء أميزها. وتواجد الفرص الاستثماريّة يعود إلى الحالة الاقتصاديّة التي تمر بها البلد. بمعنى آخر، أنّه في حالة الرّواج الاقتصاديّ نلاحظ توافر العديد من هذه الفرص. ولكن في حالة الكساد الاقتصاديّ لا توجد فرص داعمة أو جاذبة للاستثمار بسبب الكساد الحاصل في البلد.
أما بالنسبة للاستثمار الآمن، فهو البيئة التي تتواجد فيها متطلّبات الاستثمار، والتي تمنح المستثمرين ورجال الأعمال القدرة على استثمار أموالهم في أميز فرصة استثماريّة. وذلك بالاعتماد على الدّراسات الماليّة والاقتصاديّة التي تُقام من قبل المختّصين بهذه الأعمال. ومن الجدير بالذكر، تأثر البيئة الاستثماريّة للدولة بالمقومات التي تشجع الاستثمار، أو بالعوامل المؤثرة بشكل سلبيّ على عمليّة الاستثمار بشكل عام.
أفضل طرق الاستثمار في العراق
انطلاقًا من مبدأ التنويع الاقتصاديّ، وتحقيقًا للاستفادة الكاملة من موقع العراق الاستراتيجيّ، وحرصًا على جني الفوائد التي يحققها الاستثمار الأجنبيّ، والمحليّ الذي يتجلّى بالعديد من الفرص الخدميّة، وتتعدّد طرق الاستثمار الآمن في العراق، عبر قطاعات استثماريّة عدّة، وهي:
- قطاع الصّحة.
- الاستثمار في النفط والغاز.
- قطاع التّعليم.
- الصّناعات الغذائيّة.
- قطاع الزراعة.
الاستثمار في الصحة في العراق
يعتبر الاستثمار في الصّحة من أفضل طرق الاستثمار الآمن في العراق. وهو حاجة انسانيّة واقتصاديّة هامّة كونها تُعد أحد مؤشرات التنمية البشريّة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ المجتمع الذي يتميّز بمؤشرات الصّحة يكون أكثر قابلية للتعليم، والقدرة على الإنتاج والتّطور. نتيجة لذلك، نجد أنّ الاهتمام بقطاع الصّحة سيساهم بشكل كبير في إنقاذ العراق صحيًّا، واقتصاديًّا.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الاستثمار في الصّحة سيساعد في تطّور رتبة العراق في مؤشر التنمية البشريّة الذي تنشئه الأمم المتحدة. الأمر الذي سيقدّم صورة جيّدة عن العراق أمام المجتمع الدوليّ. وهذا سينعكس بطريقة إيجابيّة على الاقتصاد العراقيّ كونه سيكوّن بيئة ملفتة وليست طاردة للاستثمار.
الاستثمار في النفط والغاز في العراق
للاستثمار النفطيّ أهميّة واضحة وكبيرة في خدمة الدّولة وبناؤها من جهة، وإغناء المستثمر من جهة أخرى، والعراق من الدّول النفطيّة التي تحتاج إلى موارد هائلة من الثروات، والخبرة التقنيّة الحديثة لإنجاز مشاريعها، وتطوير نموّها، ورفع مستوى الرفاهيّة فيها. لذلك تعتبر عمليّة الاستثمار في المجال النفطيّ من العمليّات المهمّة في تغيير جذور الاقتصاد من اقتصاد ضعيف، إلى جعل النفط وسيلة لتطوير كافّة القطاعات.
بالإضافة إلى ذلك، يهدف الاستثمار النفطيّ إلى إعداد المجالات النفطيّة كلّها، وتطوير القطاعات المترافقة معها أيضًا. وذلك من خلال استخدام الاستثمارات الأفضل، وتعيينها بالأسلوب الأمثل، ومشاركة الشّركات النفطيّة الأجنبيّة بناءً على اتفاقيّات معتدلة تساعد على بناء الشّركات، وتطوير المشاريع الاستثماريّة النفطيّة. ومن الجدير بالذكر، أنّ هذه التكامليّة بين الاستفادة من الثروة النفطيّة، والطّواقم العراقيّة، وجذب الاستثمارات تخلق حلقة مكتملة تساعد في أمن العراق، وإنماء اقتصاده.
الاستثمار في قطاع التعليم في العراق
لقد تدمّر النّظام التّعليميّ للعراق الذي كان يُعدّ فيما مضى من أفضل الأنظمة التّعليميّة في المنطقة بسبب عقود من الصراع وغياب الاستثمارات التي عرقلت بشدّة وصول الأطفال إلى التّعليم المطلوب. حيث أنّه يوجد اليوم ما يصل إلى 3.2 مليون طفل عراقيّ في عمر الدّراسة خارج المدرسة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الحكومة العراقيّة قد أعطت الأولويّة لتطبيق اللامركزيّة في تقدمة الخدمات، بما في ذلك خدمات التّعليم. نتيجة لذلك، يجب تنمية إمكانات مديريات التّربية والتّعليم على صعيد المحافظات، للإشراف على تطبيق السياسات، والخطط التّعليميّة، واستثمار وإدارة المصادر البشريّة، وإدارة البنية التحتيّة التّعليميّة.
الاستثمار في الصناعات الغذائية في العراق
يعتبر هذا النوع من الاستثمار من أفضل طرق الاستثمار الآمن في العراق. حيث يحصل مجال الصّناعات الغذائيّة على اهتمام كافّة دول العالم المتقدّمة. بسبب ما يقدمه من الفائدة التي تترابط مع القطّاع الزراعيّ. بالإضافة إلى ذلك، أهميته على المستوى الاستراتيجيّ، والأمن الغذائيّ، وإسهامه في الاكتفاء الذاتيّ للبلدان. نتيجة لذلك، يعدّ مجال الصّناعات الغذائيّة عاملًا داعمًا، ومشجعًا لتنمية القطّاع الزراعيّ، وعنصرًا أساسيًّا في تحقيق الاستقرار الغذائيّ، والأمن الاقتصاديّ، وتزايد المنتجات المحليّة على حساب المستوردات من البضائع التي تزداد يومًا بعد يوم.
ومن الجدير بالذكر، أنّه بسبب تنوّع المحاصيل، والأنواع الزراعيّة التي تُنتج في العراق، والقدرة على التّوسع فيها، تمكّنت بعض الشّركات والمؤسّسات الصناعيّة التي تتّكل في إنتاجها على المواد الأوليّة من المنتجات الزراعيّة المحليّة، من إنشاء عدّة مشاريع استثماريّة في العراق.
الاستثمار في قطاع الزراعة في العراق
شهد المجال الزراعيّ في العراق تجاهلًا كبيرًا خلال الأزمنة الماضية. ولم يعطى هذا القطّاع أيّة فرصة لتنمية وتطوير أدائه، أو إنشاء فرصة للاستثمار فيه. بالإضافة إلى ذلك، لم يحصل تقدم واضح في العمليّات الزراعيّة. وظلّ الواقع الزراعيّ العراقيّ يعاني من عدم وجود مستلزمات الزّراعة الحديثة.
من ناحية أخرى، يتوفّر في العراق العديد من متطلّبات الزراعة. على سبيل المثال: أراضي خصبة للزراعة، وموارد مائيّة، وبشريّة لتطوير القطّاع الزراعي. علاوة على ذلك، فإنّ المجال الزراعيّ العراقيّ بحد ذاته يعتبر أرضًا غنيّة للاستثمار فيها. وذلك لما ينعم به العراق من المقومات التي ذكرناها سابقًا. الأمر الذي يجعل من المشاريع الاستثماريّة الزراعيّة ذات فوائد متعدّدة، وكبيرة.
شروط الاستثمار في العراق
هناك عدّة شروط يجب عليك الاطّلاع عليها إذا كنت ترغب في الاستثمار الآمن في العراق، ألا وهي:
- إبلاغ الهيئة الوطنيّة للاستثمار، أو هيئة الإقليم أو المحافظة، عند الانتهاء من تركيب المكوّنات وتجهيزها لأهداف المشروع، وتاريخ الشروع بالعمل التجاريّ.
- تقديم حسابات أصوليّة، يدققها محاسب قانونيّ مجاز في العراق وفقًا للقانون العراقيّ.
- إعطاء دراسة الجدوى الفنيّة، والاقتصاديّة للمشروع، وأيّ بيانات، أو معلومات، أو مستندات، أو ما يتعلق بموازنة المشروع، والتقدّم الحاصل في إنشاءه إلى الهيئة أو الجهات الأخرى المختصّة.
- تقديم سجلّات خاصّة بالسّلع المستوردة للمشروع، والمعفاة من الرّسوم وفقًا لأحكام هذا القانون. بالإضافة إلى ذلك، تحديد مدّة الفناء لهذه المواد.
- الحفاظ على سلامة البيئة، والتقيّد بنظم السيطرة النوعيّة المتّبعة في العراق. بالإضافة إلى الأنظمة العالميّة المختّصة في هذا المجال، والقوانين الخاصّة بالصّحة، والأمن، والنظام العام، ومبادئ المجتمع العراقيّ.
- التقيّد بالقوانين العراقيّة المتعلّقة بمجالات الرواتب، والعطل، وساعات وشروط العمل، وغيرها.
- مراعاة تماثل جدول تطور العمل الذي يعطيه المستثمر مع الواقع. ومن الجدير بالذكر، أنّه لا يجوز أن يكون التفاوت الزمنيّ أكثر من ستة أشهر. وعلى الهيئة الوطنيّة للاستثمار تطبيق شروط جزائيّة في حال تجاوز هذه المدّة، ومن ثم سحب الإجازة.
- تدريب المستخدمين العراقيين، وتجهيزهم، ورفع كفاءتهم، وزيادة براعتهم. حيث تكون الأولويّة لاستخدام، وتوظيف العاملين العراقيين.
في الختام يمكن القول إن العراق بحاجة ماسّة لمثل هذه الاستثمارات في ظلّ ما يعانيه من أزمات اقتصاديّة، وسياسيّة، وصحيّة. باعتبارها مصدرًا مهمًّا، وخطوة ناجحة، وضروريّة في ظروف صعبة كهذه. وذلك لتمويل نفسه، واستغلال المصادر الطبيعيّة الموجودة فيه.