الإتجار بشهادات الصيدلة في المملكة العربية السعودية

سوق الدواء في السعودية يعد الأضخم ليس في الخليج العربي فقط، بل على مستوى الشرق الأوسط، حيث يبلغ حجم السوق الخليجي للأدوية نحو 50 % من إجمالي السوق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستحوذ السعودية على النسبة الأكبر منه. حقق سوق الدواء السعودي مبيعات خلال العام الماضي 2019 بقيمة 16 مليار ريال مقارنة بنحو 15.1 مليار ريال في 2018 . كل ذلك جعل من سوق الدواء في المملكة سوق تجاري واعد لكثير من المستثمرين في قطاع الصيدلة والإتجار بالأدوية .

إنتشار الصيدليات :

  •  بدأت  الصيدليات في المملكة بالاستحواذ على المحال التجارية في طرقات المدن الكبرى في السعودية، كالرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث الكثافة السكانية عالية ، رغم انعدامها في بعض المدن ، وأصبحت هذه الصيدليات تنافس المحال التموينية من حيث الانتشار، حتى بات بين كل صيدلة وصيدلة، صيدلية أخرى . حيث تشير إحصاءات غير رسمية إلى تجاوز الصيدليات في المملكة حاجز الـ 7 آلاف ، بينما المعدل العالمي يبلغ صيدلية لكل 8 آلاف إنسان .وبالاعتماد على المعدل العالمي، فإن المملكة التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون تحتاج إلى 3750 صيدلية فقط.

الإتجار بالشهادة ضمن القانون :

 تشترط اللائحة التنفيذية لنظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية أن يكون المالك أو أحد الشركاء يحمل شهادة صيدلة، وألا يزيد عدد الصيدليات للمالك الواحد على 30 صيدلية.

إذن تمكن الشهادة صاحبها من الإشراف على ثلاثين صيدلية، متيحة للصيدلي عبر ( اسمه ) فقط افتتاحها للعمل رسميا، وعوضا عن أن ينتظر الصيدلي السعودي وظيفته الحكومية أو يفتتح صيدليته الخاصة، أصبح قادرا على المفاضلة فقط بين عروض مقدمة له بحسب ما تصفه الشركات والمستثمرون في قطاع الصيدليات بالاستغلال لبنود اللائحة التنفيذية لنظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية، والتي تشترط أن يكون المالك أو أحد الشركاء صيدلانيا مرخصا له بمزاولة المهنة.

جني ثمار تعدد الترخيص :

على خلاف الشهادات الجامعية في مختلف التخصصات، والتي تتطلب تفعيلا وظيفيا لتصبح مصدر دخل لصاحبها، فإن شهادة الصيدلة بذاتها تتيح مصدر دخل لصاحبها دون توظيف حقيقي في القطاع الخاص ، مقابل الإشراف الورقي على الصيدليات . حيث تضطر الشركات وفقا لهذه اللائحة إلى تعيين صيدلي سعودي مرخص مشرف لكل خمس صيدليات في مجموعتها، فيما يتاح للصيدلي مشاركة 6 أفراد أو جهات بمعادل 5 صيدليات لكل جهة ،ما يعني أنه يتمكن من الإشراف على 30 صيدلية. العروض بدورها تختلف إذا كانت مقدمة من فرد أو شركة، فبحسب عدد من الصيادلة، فإن العرض الأدنى المقدم من الأفراد هو 3000 ريال شهريا للصيدلية الواحدة، ما يعني أن دخل الصيدلي قد يصل إلى 90 ألفا شهريا إذا أشرف على 30 صيدلية.

بينما تأتي عروض الشركات بشكل «أكثر جدية» حرصا منهم على استمرارية الشراكة وافتتاح مزيد من الفروع،

ليصل عرض الشركات إلى 50 ألف ريال للخمسة فروع.

الأرباح المغرية :

 تسمح اللائحة التنفيذية لنظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية بنسبة ربح للصيدلية بين 10 و 20 % حسب سعر

الدواء وتبدو هذه النسبة غير مغرية تجاريا مقارنة بأي مشروع استثماري ولكن هناك ثغرة في نظام التسعير عندما

يتعلق الأمر بالأدوية المستوردة حيث تكمن المشكلة في كيفية تسعير الأدوية المستوردة من دول لها عملات غير

مرتبطة بالدولار، وبالتالي أسعار صرف عملاتها تكون متقلبة أمام الريال السعودي، وهي بالذات الأدوية المسعرة

باليورو. حيث قررت الوزارة أن يُعمل بسعر صرف رسمي لليورو لتحديد سعر الدواء الذي يدفعه الزبون، بعد أن

يضاف إليه هامش الربح الخاص بالصيدلية. وبسبب صعوبة متابعة العملية، قررت وزارة الصحة أن تكون عملية

تحديد سعر الصرف مرة واحدة كل عام ونصف العام و هنا مكمن الخلل وسبب انتشار الصيدليات .

فلو أن سعر اليورو انخفض ، فإن نسبة الربح ستكون أكبر من 20 % .

إذاً طالما أن اليورو في انخفاض فالصيدليات ستحقق أرباحاً عالية جداً .

وحتى لو حدث العكس وارتفع سعر اليورو فملاك الصيدليات لا يمانعون الدخول في آلية المقامرة هذه، وتعويض أي

نقص في أرباحهم عندما يهبط اليورو مرة أخرى، وهو الأمر الواقع منذ عام 2008 حيث يستمر اليورو في الهبوط

إلى الآن .


– حق للصيدلي وليس استغلال :

يرفض الصيادلة اعتبار هذا الإشراف الورقي استغلالا من قبلهم للقطاع الخاص، ووصفوه بأنه استغلال من القطاع

الخاص لسوء العروض الحكومية المقدمة من وزارة الصحة، والتي تضع رواتب متدنية للصيادلة .