اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire أو بعبارة أخرى دعه يعمل دعه يمر تعد واحدة من النظريات الاقتصادية الهامة والمنتشرة بين القرن الثامن عشر والقرن العشرين. والتي تستند على عدم تدخل الحكومة في السوق والأعمال التجارية به، وذلك بهدف تحقيق الازدهار والنجاح للدولة والشراكات والأفراد. نظرًا لذلك نجد أنه من الهام الإطلاع على مفهوم وتعريف هذا المصطلح الذي ساد قرابة القرنين، وما هي العيوب والانتقادات لاقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire التي عملت على إزالتها؟ هذا ما سنوضحه ضمن محاور مقالنا اليوم عبر موقع تجارتنا. وذلك من خلال تسليط الضوء على كل من المفهوم والتعريف، كذلك المزايا والمبادئ، بالإضافة لذكر أمثلة عن اقتصاديات عدم التدخل. وأخيرًا لابد من ذكر توضيح كافي عن مفهوم اقتصاد السوق الحر.

مفهوم اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

مفهوم اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire يعبر عن النظرية الاقتصادية لرأسمالية السوق الحر التي تعارض أي تدخل للحكومة في الشؤون الخاصة بالأعمال. ويعود ظهورها إلى القرن الثامن عشر خلال الثورة الصناعية، وتم تطويرها من قبل الفيزوقراطيين الفرنسيين. وهذا ما يفسر أنها مصطلح فرنسي تعني (اتركه وشأنه) أي ترك قوى العمل في السوق تعمل بشكل طبيعي. ومن جهة أخرى يعتبر دور الحكومة في هذه السياسة هو حماية حقوق الأفراد وليس تنظيم أعمالهم. أي عدم وجود أي لوائح أو ضرائب أو تعريفات، ويكون السوق حرًا لا تحكمه سوا القوانين الطبيعية كقوانين الطلب والعرض. نظرًا لما سبق يجد اقتصاديون السوق الحر أن النجاح الاقتصادي يتم إعاقته عندما تتدخل الحكومة في الأعمال التجارية في السوق. لذلك عمدوا إلى بناء أفكار عدم التدخل كسبيل لتحقيق الازدهار الاقتصادي وهذا على الرغم من وجود منتقدين يجادلون لوجود حاجة في السوق لدرجة محددة من المشاركة والتنظيم الحكومي. وفي الحقيقة يمكن توضيح المكونات الرئيسية لمفهوم اقتصاديات عدم التدخل، وهي كالتالي:

تعريف اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

تعريف اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire يمكن تقديمه على أنه الحرية الاقتصادية التي تعد مصطلح فرنسي يعني بالعربية (دعه يفعل ما يريد) أو (دعه يعمل دعه يمر). بينما باللغة الأجنبية، فهو يعني (Leave Alone). أما في الاقتصاد فهو يعني ترك الحكومة للأعمال التجارية دون التدخل في أمورها. وهو يعتبر مبدأ رأسمالي تقوم بدعمه الليبرالية الاقتصادية التي ترفض تدخل الحكومة الأسواق على اعتبار الفرد هو الوحدة الأساسية في المجتمع، ويمتلك حق الحرية بشكل طبيعي. وهذا بهدف تحقيق ازدهار اقتصادي أكبر بالمقارنة من النظم الاقتصادية الأخرى.

اقتصاديات عدم التدخل

اقتصاديات عدم التدخل

مبادئ اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

مبادئ اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire أو المعتقدات الخاصة بها عديدة، وذلك لكون الخبراء المؤيدون لهذه الفلسفة يعتقدون أن الحكومة عندما تتدخل بالعلاقات والأعمال التجارية والصناعية فإنها ستعقد وتعرقل عملية سير هذه الأعمال مما يؤدي إلى عدم وجود النمو والازدهار الاقتصادي للبلد. من جهة أخرى فإن هؤلاء المؤيدين يرفضون كافة الممارسات الحكومية التي يتم فرضها على الأسواق والاقتصاد. على سبيل المثال، القوانين والتشريعات، والرقابة الحكومية، الحد الأدنى من الجور. كذلك القيود المختلفة التي يتم فرضها على كل من آليات التداول والأعمال والمهمات والتجارة بالإضافة للضرائب المستحقة من المؤسسات والشركات. لذلك يمكن توضيح مبادئ اقتصاديات عدم التدخل المرتبطة بسياستها فيما يلي:

  • الأفراد هم المعيار الرئيسي لحساب التكامل والتفاضل الاجتماعي. وهذا لكونه الوحدة الرئيسية في المجتمع.
  • يمتلك كل فرد من الأفراد الحق في الحرية الشخصية بشك طبيعي.
  • يتميز النظام المادي للطبيعة بالقدرة على التنظيم بشكل ذاتي.
  • نظام اقتصاد السوق الحر يكون حسب القوانين الطبيعية لكل من العرض والطلب، أي أنهما المتحكمان في تحديد الأسعار المناسبة للسلع.
  • نظرية السوق العقلانية أي أن المستثمرين لا يعتمدون على العواطف في أفعالهم، وإنما على المنطق والحقائق.

مزايا اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

مزايا اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire عديدة ومتنوعة، وهذا ما يفسر استمرارها لأكثر من قرنين. ويمكن توضيحها كما يلي:

  • خلق فرص نجاح أكبر للشركات، وذلك من خلال منحها فرصة الاستقلال عن كافة القوانين والأحكام والتشريعات المنصوصة من قبل الحكومة. والتي تعمل على عرقلة سير الأعمال التجارية.
  • طريقة تقود الشركات نحو الابتكار. وذلك من خلال تحرير الأفكار الإبداعية بعيدًا عن التنظيم والقيود. كذلك تقديم منتجات بطريقة أكثر ابتكارًا من حيث الأسلوب أو النهج وتزويدها بما يتناسب مع احتياجات ومتطلبات السوق وبشكل متميز وفريد.
  • منح الشركات قوة شرائية أكبر في حال غياب وجود الإعفاء الضريبي والضرائب بشكل عام.
  • تحقق التجارة بين الدول بشكل حر فرص عديدة للاستفادة من المعاملات بشكل متبادل.
  • يعطي الشركات المبتدئة حرية أكبر في تحمل المخاطر.
  • تقوم الرأسمالية المسئولة عن اقتصاديات عدم التدخل بتقديم حوافز للمستثمرين بشكل أكثر جدية لتشجيعهم للعمل بشكل أكثر إنتاجية.
  • يخفف من البيروقراطية الحكومية التي لا تمتلك فاعلية كبيرة.

عيوب اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

عيوب اقتصاديات عدم التدخل أو سلبيات هذه النظرية من المواضيع الهامة التي يجب معرفتها بعد التعرف على المزايا. لذلك جمعنا لكم هذه العيوب لنطرحها كما يلي:

  • عدم وجود لوائح وتشريعات قد يؤدي إلى حدوث أضرار بالبيئة أو المستهلكين.
  • عدم إمكانية العمل على تحقيق مصالح المجتمع بكافة أقسامه وفئاته. حيث يمكن أن يقتصر ويخدم فئة الغالبية العظمى أو طبقة التجار ويهمل الباقون.
  • حدوث خلل في التوازن أو فوضى في الثروة بالنسبة للمستهلكين والمنتجين، بالإضافة لظهور الاحتكار نتيجة التحكم في نطاق الأسعار والعرض والطلب.
  • نشوء عولمة خارجية سلبية.
  • تحفيز الأطراف الفعالة  السيئة في السوق.

انتقادات لاقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

انتقادات لاقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire هي الوجه الآخر الذي يجب التعرف عليه بعد معرفة العيوب والمبادئ. وذلك بسبب وجود الكثير من المخاوف من قبل المنتقدين، وهنا سنوضحها كما يلي:

  • لا يتم الأخذ بعين الاعتبار العواطف والمشاعر الإنسانية الطبيعية، وذلك لكون الأسواق لا يحكمها المنطق بشكل عام.
  • نشوء تفاوت في الاقتصاد والثروة وعدم المساواة في الدخول.
  • عدم وجود تنظيمات حكومية وقوانين يؤدي لظهور الاحتكارات التي تضع حدًا للعرض وتفرض أسعارًا أعلى للمنتجات.
  • تكافح الشركات المبتدئة المنافسة لها.
اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

اقتصاديات عدم التدخل

أمثلة عن اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire

أمثلة عن اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire هي أمثلة متعددة يمكن رؤيتها خلال العمل في العالم الحقيقي والتي قامت الحكومات بتطبيق البعض من مبادئه كما يلي:

  • التخفيضات الضريبية: تعتمد الحكومة على نظرية عدم التدخل عندما تقوم بخفض الضرائب تحفيزًا للسوق. حيث أن الفكرة الجوهرية من هذا المثال هو ضخ كمية أكبر من الأموال في السوق عن طريق إزالة الضرائب وتشجيع الإنفاق.
  • الاقتصاد المتقطع: هذا المثال مستند إلى نظرية عدم التدخل والذي يعد الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان واحد من أكثر المؤمنين به حتى نهاية الثمانينيات. والذي ينص السماح للشركات والمؤسسات الخاصة بكسب الأموال بأكبر قدر ممكن دون مراعاة فكرة أن هذه المكاسب أو الثروة ستنتقل لملكية الأفراد.
  • خصخصة أصول الدولة: يعد قيام الحكومة ببيع الأصول الخاصة بالدولة. على سبيل المثال الخدمات البريدية والنقل واحد من الأمثلة الهامة لتطبيق نظرية اقتصاديات عدم التدخل في الأعمال.

اقتصاد السوق الحر

اقتصاد السوق الحر أو بعبارة أخرى اقتصاد السوق يعد نظام اقتصادي ليبرالي مشابهًا للرأسمالية. وهذا التشابه يعود لكون هذا المفهوم أيضًا يقوم على أن القرارات الموجودة في السوق والخاصة بالإنتاج والتوزيع. كذلك المسئولة عن التسعير وتحديد العرض والطلب بدون تدخل الحكومة إلا للضرورة القصوى. مع العلم أن الأفراد والشركات في هذا النوع يعملون على ما يخدم مصالحهم الشخصية. من جهة أخر يجب التنويه إلى أن التجارة الحرة تختلف عن اقتصاد السوق الحر حيث أن التجارة الحرة تقوم على معاهدة أو اتفاقية قانونية تقوم بين دولتين للسماح بالتجارة بين حدودهما دون فرض أي تشريعات أو قيود خاصة بالتلاعب في صرف العملات أو الاستيراد وغيرها.

في الحقيقة لا يوجد دولة تمتلك اقتصاد سوق حر بشكل كامل، حيث توجد عدد من اللوائح التي تتحكم بها وهي تختلف من سوق لآخر. وهنا لا بد من معرفة أن الولايات المتحدة الأميركية تمتلك اكبر اقتصاد سوق حر في العالم. يليها سنغافورة، وهونغ كونغ، وسويسرا، واستراليا، وكندا، و نيوزيلندا، وأيرلندا.

اقتصاد السوق الحر

اقتصاد السوق الحر

في الختام تم التعرف على مفهوم وتعريف وأمثلة عن اقتصاديات عدم التدخل Laissez Faire. كما تم الإجابة على كافة التساؤلات المتعلقة بعدم استمرار تطبيق هذه النظرية بشكل كامل في بداية القرن العشرين.