منذ آلاف السنين أصبح للعرب معرفةً كافيةٌ بأمراض الإبل الجلدية. وطرق علاجها والوقاية منها. وذلك للحفاظ على سلامة الإبل وعدم نفوق أعدادها. وبالرغم من أن حيوان الإبل يملك جهازًا مناعٍيًا قوٍيًا متكيٌفًا مع جميع الظروف القاسية. إلا أن الإبل تصاب ببعض الأمراض الجلدية، والفيروسية المعدية التي تنتقل وفق عوامل وظروف معينة. سنتحدث عنها في مقالنا ‘أمراض الإبل الجلدية’.
الجرب من أمراض الإبل الجلدية
يعتبر الجرب من أمراض الإبل الجلدية وهو من أخطر الأمراض التي تصيب الإبل. وهو مرض تحسسي يسبب حكةً شديدةً. وينتقل بسرعةٍ بين بقية أفراد الماشية. وسببه سوسة الجرب القريمي الجملية (قارمة جربية). وهي كائن صغير الحجم شكله دائري. له رجلين أماميتين وزوجين من الأرجل الخلفية.
أعراض الجرب عند الإبل
تخترق سوسة الجرب جلد الحيوان من الجانب الأنسي، أو العنق، أو الخاصرة، أو المنطقة الأربية. مسببةً حكةً شديدةً تحت الجلد. ويدل وجود انتفاخاٍت حطاطيةٍ على وجود عمليةٍ التهابيةٍ عند بدء الخمج أو الحك. بعد ذلك يختفي الشعر من هذه المنطقة. ويبدأ ظهور نضح مصلي في الجلد المصاب ليجف مشكلًا جلبةً.
وكلما توغلت السوسة تحت الجلد. يصيب الإبل كرب شديد. ويمتنع عن الرعي وينخفض إنتاجه من الحليب. ويزداد تساقط شعره. ومن الممكن أن يتطور الأمر إلى انسلاخ الجلد. وظهور مناطق حمراء مهترئةٍ. وتتسع دائرة الإصابة حيث تبحث السوسة على أنسجةٍ سليمةٍ لالتهامها. وإذا تُرك المرض دون علاٍج فإن البعير تتدهور وتهزل. وفي خلال إسبوعين أو ثلاثة أسابيع تفارق الحياة.
طرق انتقال الجرب إلى الإبل
يكثر هذا المرض في قطعان المواشي التي تفتقر للرعاية أو تعاني من سوء التغذية. وتعتبر الإبل التائهة مصدًرا لإصابة القطعان السليمة في مواقع تجمع الإبل مثل: مواقع الشرب. كما ينتقل المرض بالملامسة بين الإبل أو عن طريق تبادل الأمتعة المحمولة على ظهر الإبل.
تشخيص مرض الجرب عند الإبل
يسهل التعرف على مرض الجرب من خلال أعراضه. لكن من الممكن الخلط بينه، وبين مرض السعفة الفطري، أو جدري الإبل. ويكون التشخيص معمليًا عن طريق رؤية الحلم، في مساحج الجلد. ونظرًا لوجود سوسة الجرب في أعماق الجلد يجب استخدام مبضٍع جراحٍي لأخذ العينة من العمق. وذلك بسحج الجلد حتى يظهر الدم.
وتعتبر منطقة الحطاطات من أفضل الأماكن لأخذ العينة. ومن أطراف الآفات النشيطة، ومن مناطق تثني الجلد والمنخفضات. لتوضع العينة بعد ذلك في محلول هيدروسيد البوتاسيوم مركز بنسبة 10%. ثم توضع فوق ناٍر هادئةٍ بغية تدفئتها للتخلص من الشوائب. ويتسرب السوس تلقائيًا بالمنبذ. ويفحص الراسب تحت المجهر ليتبين وجود سوسة الجرب.
أوقات ظهور الجرب عند الإبل
يعتبر جرب الإبل مرضًا موسميًا ينتشر في فصل الشتاء أكثر من انتشاره في باقي فصول السنة. ولوحظ أن الجمل ذو السنامين، في منغوليا يصاب بالنوع الحاد من المرض، في كل من شهر نوفبر ويناير. أما في أشهر الصيف فإنه يكون دون الحاد أو مزمنًا وعلى هيئة آفاٍت بؤريةٍ تتوزع تحت الفك والمنطقة الأربية التي لا تتعرض للشمس.
وتعتبر فترة الإصابة نفسها في الهند، حيث أن 94% من حالات الإصابة الحادة تكون في الشتاء. بينما في فصل الصيف تكون بحوالي18%. في حين يعتبر الأمر مختلفًا في بعض مناطق السعودية. إذا أن حرارة الجو تؤدي لإصابة الإبل بالنوع الحاد من الجرب. أما في الشتاء يقل نشاط السوسة ليكون من النوع المزمن.
علاج الجرب عند الإبل
يعالج الجرب بالعقاقير الكيمياوية، وعن طريق برامج معينةٍ. تبدأ برش الإبل المصابة بمحلولٍ حديث التركيب من إحدى المركبات الكيمياوية المبيدة للسوس مثل: الجاماتوكس، أو النيوسيدال. وهناك بعض المناطق تحتاج للمعالجة باليد باستخدام فرشاةٍ خشنةٍ وقويةٍ. مع بعض الأدوية لتليين المناطق الجافة والمتفرقة، مرة كل 10 أياٍم، ولمدة أربع مراٍت.
ويعتبر تطبيق هذا البرنامج سهلًا مع الإبل المستقرة في المواشي. بينما يصعب مع الإبل الرحل. كما يوجد مركبات كيمياوية أخرى أظهرت فعاليتها في القضاء على الجرب مثل: أفيرميكتن وأيفوميك.
الجدري من أمراض الإبل الجلدية
هو مرض فيروسي من أمراض الإبل الجلدية ومن عائلة فيروسات جدري الجبليات. ويعرف باسم مرض الباردة أو مرض القرح في منطقة الخليج العربي. إذ يسبب هذا المرض آفات جلديةً معديةً. مع العلم أن 25% من الإبل الصغيرة تموت بعد إصابتها بالعدوى. بينما الجمال البالغة تكون مقاومتها أقوى نوعًا ما.أعراض الجدري عند الإبل
يرافق الجدري ارتفاع درجة حرارة الجسم لتصل لـ40 درجةً مئويةً، والخمول، وفقدان الشهية، وغزارة الدموع، وإفرازات أنفية ومخاطية. بالإضافة إلى ظهور فقاقيع جلدية مملوءة بالماء في الوجه، والرقبة ثم في الأرجل، وباقي أنحاء الجسم. تنفجر بعد فترةٍ وتتحول لقشوٍر ثم تتساقط. وتكون فترة الإصابة بين 4 إلى 6 أسابيع.
في حالات الإصابة الشديدة ممكن أن يحصل تورم بالرأس والعين. وفي هذه الحالة تكون احتمالية النفوق عاليةً واستجابتها للعلاج ضعيفة.
انتقال مرض الجدري عند الإبل
ينتقل مرض جدري الإبل بشكٍل مباشٍر عن طريق تلامس الإبل أو بطرق غير مباشرةٍ مثل: الأدوات الملوثة بالفيروس، وأواني السقية، وأدوات التنظيف. ويمكن أن ينتقل مرض الجدري عن طريق البعوض أيضًا.
وينتشر المرض أكثر في فصل الشتاء. خاصةً بعد سقوط الأمطار حيث يتكاثر البعوض في مياه شرب الإبل المكشوفة وبدوره ينقل فايروس الجدري للإبل.
علاج الجدري عند الإبل
- عزل الإبل المصابة عن الإبل السليمة حتى لا تتسع دائرة العدوى. كما يجب أن يستمر العزل لشهرين حتى بعد الشفاء التام.
- استخدام خافضات الحرارة واستخدام المضادات الحيوية ذات المفعول الطويل على شكل حقن أو بخ على أماكن الإصابة.
- تقديم الفيتامينات للإبل مثل فيتامين C لتقوية المناعة ضد المرض.
- حقن المحاليل الوريدية مثل: الأملاح الفسيولوجية المتعادلة. والمغذيات الوريدية مثل: الدكستروز لفتح شهية الإبل للطعام.
الوقاية من الجدري عند الإبل
تكون الوقاية من مرض جدري الإبل عن طريق التحصين بحقن مصل من النوع الحي المضعف أو الميت. ويكرر التحصين بعد أسبوعين ثم مرةً كل سنةٍ. وتبدأ أول عملية تحصيٍن للجمل بعمر 4 لـ 6 شهوٍر. وقبل شهر سبيمتر موسم انتشار الفايروس، بهدف رفع مناعتها ضد هذا المرض.
وفي حال انتشار الفايروس في العزب المجاورة. فهناك احتمال انتقال الفايروس للإبل السليمة عن طريق البعوض. لذلك من الخطأ في هذه الحالة استخدام التحصين لأن الإبل تكون في فترة حضانةٍ للمرض. والتحصين في هذه الحالة يسارع ظهور الفايروس ويؤدي لمضاعفات أخرى.
النزر من أمراض الإبل الجلدية
هو مرض جلدي مكروبي من أمراض الإبل الجلدية، يؤدي لالتهاب الضرع. ويؤثر على إنتاج الحليب. كما يؤثر على صحة صغار الإبل، حيث تصبح غير قادرةٍ على إرضاع صغارها.
كما يلاحظ وجود جروٍح، أو خراجاٍت، أو آفاٌت مرضيةٌ على الضرع. إضافة لسخونته واحمراره. يجب إجراء اختبار للتأكد من وجود التهاب مثل: اختبار كاليفورنيار، واختبار الوايت سايت، وأيضًا اختبار الكشف عن درجة الحموضة. ويلاحظ عند فحص الحليب تغير لونه، ورائحته، والقوام، والكثافة.
أسباب النزر عند الإبل
- عدم الاهتمام بنظافة البيئة المحيطة وعدم غسل الأيدي عند حلب الجمل.
- ربط حلمات الضرع لفترةٍ طويلة لمنع رضاعة المولود.
- حلب ناقة مصابة، ثم الانتقال لناقةٍ سليمةٍ.
- لسعات العقارب والثعابين.
- إصابة الضرع بالخدوش والجروح.
طرق علاج النزر عند الإبل
- غسل الضرع بالماء والصابون.
- حقن الضلع بمحلوٍل فيسولوجٍي معقٍم مع تدليك الضرع. ثم يحقن الضرع بالمضاد الحيوي لمدة 3 أياٍم مع التدليك لضمان وصول الدواء لكامل الجزء المصاب.
- حقن الإبل عضليًا بمضادٍ حيوٍي.
- إعطاء خافض حرارة.
- يسحب الحليب في فترة التهاب الضرع للتخلص منه.
أمراض الإبل الجلدية الأخرى
- مرض النويرة: من أمراض الإبل الجلدية وهي عبارة عن قروح وأورام جلديةٍ معديةٍ. وتكون بسبب نقص الأملاح في غذاء الإبل. كما تعالج بحقن المضادات الحيوية، واعطاء الفيتامينات، والأملاح المعدنية في مياه شرب الإبل.
- مرض الثالول الجلدي الفيروسي: من أمراض الإبل الجلدية وهو مرض فيروسي قليلًا ما يصيب الإبل. ويكون على شكل ثآليل حول الفم، والوجه، والإذنين والجفون، ونادرًا ما ينتشر بالأرجل. لا يوجد لقاح ضد المرض حتى الآن. لذلك يجب عزل الإبل المصابة وعلاجها عن طريق استئصال الثآليل جراحيًا أو بالكي.
- مرض أبو ضربان: من أمراض الإبل الجلدية وهو ورم جلدي يكون على شكل دمامل. يتوضع في أماكن مختلفةٍ أعلى العضد. يؤدي لضعف الإبل وعدم قدرتها على تناول الطعام. وليس له علاج ولا لقاح. كما أن العرب لا تذبح الإبل المصابة بل يتم التخلص منها. برميها بعيدًا في الصحراء.
وفي الختام تعتبر أمراض الإبل الجلدية خطيرةً نوعًا ما. لذلك لا بد من الاهتمام بالحيوانات من هذه الأمراض تجنبًا لحدوث أي خسائر.