نلجأ في معظم الأحيان إلى التأثير بالآخرين بغية إيصال فكرة إليهم أو محاولة إقناعهم بتبني سلوك معين، حرصًا منا على مصالحهم وتقديم الأفضل لهم. وتختلف طرق الإقناع والتأثير بالآخرين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والفكرية، وتبعًا لأعمارهم وطرق تفكيرهم. ويعدّ الإقناع من أكثر الطرق وأنفعها في حل العقبات والمشاكل. بالإضافة إلى ذلك، فهو يمكننا من الوصول إلى الحلول المناسبة بعيدًا عن ممارسة الضغوط المادية والمعنوية من أجل تحقيق الهدف المرجو. وحتى يكون الإقناع صحيحًا وصحيًا، يجب أن يكون مبنيًا على الأدلة والبراهين الحقيقية بصورة واضحة ومفهومة بعيدًا عن اللغو واللغط. والإقناع فن لا يتقنه إلّا من تمتع بالمهارة والمقدرة على كسب ثقة الطرف الآخر والتأثير في رأيه. فالأشخاص المؤثرون حول العالم والذين يملكون آلاف من المتابعين، هم من عرفوا الوصفة السحرية للإقناع واستخدموها في خدمة الناس. وفي مقالنا التالي، جمعنا لكم كل ما تحتاجون معرفته عن الإقناع وأساليبه وكيفية النجاح فيه.

كيف ننجح في الإقناع

لا شك أن البعض لديهم موهبة الإقناع والتأثير بالآخرين بالفطرة. ولكنّ هذا الأمر لا يجعل الإقناع حكرًا عليهم فقط، فالكثير من الناس يلجؤون إلى تدريب أنفسهم والعمل على كسب هذه المهارات. ولكي يكون الإقناع ناجحًا وذو تأثير يجب أن يكون بعيدًا عن الترهيب والإجبار واستخدام السلطة والنفوذ. لأنّ تأثيره سيكون لفترة وجيزة ولن يؤدي النتيجة التي نطمح إليها. لأنّه وبحسب آخر الأبحاث العالمية فإنّ نتيجة أعمالنا التي نقوم بها تكون بشكل أفضل عندما تنبع من ذاتنا وبإرادتنا. وعلى المُقنع أن يبقي التواصل جيد بينه وبين مستمعه، كأن يهتم ويربط جمله بتدخلات مشجعة تكسب كلا الطرفين الثقة والمحبة. واعلم أنّ إلحاحك المفرط على أفكارك لن يكون بالأسلوب الجيد للإقناع بل بالعكس سيؤثر سلبًا على موقفك، فكثير من الناس تفشل في الإقناع والمحاورة على الرغم من أنّ أفكارها وتطلعاتها قد تكون صحيحة ولكنها أساءت طريقة التأثير والإقناع.

أفضل طرق الإقناع والتأثير بالآخرين

تختلف طرق إقناع الآخرين على اختلاف سلوكياتهم ومستواهم الثقافي والعمري. وتلعب البيئة المحيطة دورًا رئيسيًا في الإقناع فهي تؤثر في مدى فعالية وجدية تقبل آراء الآخرين ووجهات نظرهم. فالإقناع فن يستهدف مهارات التواصل والاستقبال عند الناس عبر الحوار البنّاء المعتمد على براعة الخطاب ومهارات التعبير والبيان. وحازت فنون الإقناع والتأثير أهمية خاصة منذ القدم وإلى يومنا هذا، حيث تظهر ممارسة الإقناع في مجالات حياتية عديدة فلكل آراء وأفكار معينة تميزه عن غيره. حيث تتعدد وجهات النظر والآراء حول فكرة واحدة، لذلك لا بدّ من استخدام الإقناع حلًا لإرساء شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص على درب واحدة تضمن لهم حياة سليمة وصحية.

الحوار أفضل طريقة للإقناع

يعدّ الحوار خير وسيلة للإقناع ولكنّ ذلك يعتمد على الشخص الذي يُحاور. فقبل كل شيء يجب أن يمتلك الثقة بالنفس والثقة بالأفكار التي يحملها ويود إيصالها إلى الطرف الآخر. ويكون الإنسان قادرًا على التأثير بشكل أقوى عندما يمتلك العقل الواعي المبرمج بشكل صحيح وسليم والذي يمكّنه من ترتيب حواره وأفكاره. وعندما يستشعر الطرف الآخر الصدق في كلماتك ترتفع احتمالية تقبله لآرائك ويبدأ بإعادة النظر في تفكيره ولربما تقنعه وتنجح في أداء مهمتك.

التأثير على مشاعر الآخرين

لا تعتمد آلية اتخاذ القرارات على العقل الواعي وحده، بل يتجاوزه ليلعب اللاوعي دورًا مهمًا في هذه الآلية. فالعقل اللا واعي يملك إمكانيات مدهشة لتحليل آلاف المعلومات والبيانات واستخدامها في اتخاذ القرار الصحيح. والمشاعر هي من أهم الأمور التي يعتمد عليها عقلنا الباطن في طريقة عمله ومشاركته في عملية اتخاذ القرارات. فاحرص على تفعيل أثر المشاعر وأظهر حبّك الحقيقي واهتمامك غير المصطنع تجاه الطرف الآخر. فوفقًا لآخر أبحاث جمعية علم النفس الأمريكية، فأنّه عندما يكون لدينا شعور ود للشخص الذي يحاورنا فمن المرجح أننا سنقتنع بأفكاره وما يقوله.

كيف تستخدم لغة جسدك لإقناع الآخرين

يحرص العديد من الناس على التعمق في علم لغة الجسد واستخدامها كوسيلة لإغناء حوارهم وتعزيز مهارات التواصل والإقناع لديهم. ويعتمد الخبراء والمختصين على عدة عوامل يحددون من خلالها مدى قدرتك على الإقناع:

الصوت

يؤدي الصوت وطريقة الكلام دورًا مهمًا في جذب الآخر وكسب إنصاته. فيترتب عليك امتلاك نبرة صوت كلها ثقة وحماس. وعلى الصوت أن يكون مسموعًا أي ليس بالعالي ولا المنخفض. واحرص على عدم تفويت المُستمع لكلماتك بسبب عدم وضوحها لكيلا يشرد عن حديثك.

تعابير الوجه

تعدّ تعابير الوجه من أهم النقاط التي تساعدك في الإقناع. فاحرص على أن ترفق حديثك يإيماءات وجهك المناسبة وراقب فيما إذا بدأ من أمامك بإيماءة رأسه لأن هذا سيدل على بدأ اقتناعه. ولا تنسى رسم ابتسامة الرضا على وجهك لأنها ستنعكس على من أمامك وتبعث فيهم شعور الارتياح والاطمئنان.

التواصل البصري

للعينين أثر كبير في جذب انتباه المستمع والتأثير فيه. وتحدد المدة المناسبة للتواصل البصري المباشر بحوالي من 3إلى 9 ثواني لكن احرص بعدها على تحويل نظرك لكيلا تربكه.

حركات اليدين

ولحركات اليدين أيضًا تأثير في الآخرين، فلكي تظهر صدقك لمن أمامك يجب أن تكون يداك مفتوحتان وحركتهما هادئة. لأنّ الإفراط في تحريكهما قد يدل على أنّك شخص منفعل وفوضوي، ولا يجب شبك اليدين أو وضعهما في جيبك لأن هذا لن ينفع.

ومما سبق عزيزي القارئ، نجد أنّ اتقان أفضل طرق الإقناع والتأثير بالآخرين ليست بالأمر السّهل. فهي تحتاج الكثير من التدريب وامتلاك خبرات تتناسب مع طبيعة هذه المهارة. ويعالج التأثير بالآخرين مشكلات اجتماعية عديدة عبر سعيه إلى تقريب وجهات النظر وآليات التفكير دون اللجوء إلى الترغيب المادي أو المعنوي. وأهم خطوة في ذلك هو المصداقية التامة مع النفس أولًا ومع من حولنا، فالمقنع يستطيع بلوغ هدفه بأن يثبت للآخرين مدى صدق كلامه ونزاهة أفكاره التي يؤمن بها. ومن الضروري معرفة طبيعة الفئة المستهدفة من أجل معرفة الأسلوب الأفضل للتحاور معها ومحاولة إقناعها.