عبر العصور وفي مختلف الثقافات والأديان، رمزت الطيور للقوة والحرية والسلام. لكن من المفارقات سعي الكثيرين للحصول عليها، وتقييد حريتها في المنازل كحيواناتٍ أليفةٍ، دون أدنى فكرةٍ عن مقدار الوقت والمال والطاقة اللازمة لرعايتهم، مما حمل معه مشاكل عديدة على مستوياتٍ عدةٍ. بعيدًا عن المناقشات والآراء الأخلاقية حول الموضوع، ماهي أضرار تربية الطيور في المنزل؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

فوضى الطيور في المنزل

نحتاج جميعًا لمكانٍ نظيفٍ ومرتب؛ للحصول على أفضل أداء لنا في حياتنا اليومية، وتحقيق راحتنا النفسية. لكن هذا ما قد يتغير بمجرّد امتلاكك لأحد الطيور الأليفة. يجب أن تكون على استعدادٍ لرؤية الفوضى في كلّ مكانٍ، من تمزيقٍ لأثاث المنزل وألعاب الأطفال، وأوراق الجرائد، وبصق طعامهم ونثره حولهم، لاستمتاعهم برمي الأشياء. وفي حين يسعى البعض لاحتواء الفوضى بحبس الطير في قفص، فستراه ينشرها حوله وفي قفصه. سيتأثر سلوكه ليصبح أكثر ميلًا للفوضى، خاصةً في وقت التمارين الرياضية، أو ساعة الحرية ونشاطه الاجتماعي التي تحتاجها معظم الطيور الأليفة خارج القفص. فسيزداد السلوك العدائي والميل للتحطيم، ونقر الأشياء لتخريبها.

الطيور وضوضاء مزعجة للجيران

تعبّر الطيور عن رغباتها بالأصوات التي تصدرها، من زقزقة عصافير صغيرةٍ، أو ببغاوات مثرثرة، أو صريرٍ لبعض الأنواع. فإن كنت لا تمتلك جدرانًا سميكةً بما يكفي لعزل الصوت، فعليك إعادة النظر حول اقتناء أحد أنواع الطيور في منزلك. تُحدِث الطيور عامةً الكثير من الضوضاء في المنازل وعلى مدار اليوم، سواء كان بعد منتصف الليل أو في الفجر، مما قد يعكّر مزاج بعض الجيران، ويسبب لك المشاكل في علاقاتك معهم، ولا تنخدع في حجمهم فالطيور الصغيرة أكثر ضجيجًا من الطيور الكبيرة التي قد ينخفض مستوى ضجيجها مع التمرين إلى الحد الأدنى دون توقفه.

الوقت الطويل في الرعاية الطيور

تعدّ الطيور كائناتٍ اجتماعية بطبيعتها، تحب الرفقة والاهتمام. لدى سعيك لاقتناء أحدها، عليك أن تأخذ بالحسبان تخصيص وقت من يومك للتفاعل معها، مما يشعرها بالحيوية والسعادة، ويدعم الجانب الصحي النفسي والجسدي، ويوفر عليك الوقوع في بعض المشاكل الصحية لاحقًا. دون ذلك عليك لتحمل تبعات شعورهم بالملل والوحدة والحاجة لرفيقٍ لها. فسيبدؤون بسلوكياتٍ سلبيةٍ وتصرفاتٍ مزعجةٍ، كالصراخ والعضّ للفت انتباهك، وينتف بعضهم من ريشه ويضرب بمنقاره. فهي كسائر الحيوانات الأليفة تتوق للمودة والمعاملة اللطيفة.

في حين لا يفضّل بعض الأنواع لمسه، إلا أنّ هناك أنواعًا أخرى تتوق للأنس، وهو ما قد يحققه وجود زوجٍ أو شريكٍ لها، أو محادثتك لها واهتمامك بها.

التكاليف المرتفعة لتربية الطيور في المنزل

لا تقتصر التكاليف الباهظة على سعر الطائر فقط، فعليك أن تأخذ بعين الاعتبار التكاليف الإضافية لاقتنائه، من تأمين حاجياته الأساسية كالقفص وملحقاته والألعاب، وتوفير النظام الغذائي والصحي المناسب له بشكلٍ يوميٍّ. وكغيره من الحيوانات الأليفة يحتاج للرعاية الصحية الدورية بشكلٍ مستمرٍّ لدى الطبيب البيطري. في حال إصابته بأحد أمراض الطيور ستتكلف بمصاريف أخرى من طبابةٍ وأدويةٍ ريثما يشفى الطير. لذلك وقبل أن تشتري طائرك الأليف عليك بالبحث عن تكاليف سلالة الطيور التي ترغب في اقتنائها، وإن كانت تتناسب مع إمكانياتك المادية.

الحساسية تجاه ريش الطيور في المنزل

يعاني الكثير من الناس ردّ فعلٍ تحسسي تجاه فرو الكلاب والقطط، مما يدفعهم لاقتناء الطيور ذات الريش لحمايتهم من الإصابة بالتحسس، أو هذا ما يعتقدون.

لسوء الحظ، أغلب من يعاني الحساسية من فرو الكلاب والقطط، يمتلك الحساسية ذاتها تجاه ريش الطيور ووبرها. الوبر هو المسحوق الأبيض الذي يغطي ريش الببغاوات والذي يتطاير في الأجواء التنفسية لك ولعائلتك. لذلك تأكّد جيدًا من عدم إصابتك أو أي شخصٍ آخر معك في المنزل من التحسس لريش الطيور قبل اقتنائه.

تشكل الطيور خطرًا يهدد الأطفال الصغار

بسبب جمال شكلها وحركاتها وأصواتها الجذابة، تشكّل الطيور عامل جذبٍ للأطفال الصغار، مما يشكل خطرًا عليهم. لأن الطيور بطبيعتها، عدوانية، وتدافع ضد كل ما تعتبره تهديدًا فإذا حاول أحد الأطفال لمسها قد يتعرّض لهجومٍ منها بالعضّ والنقر. يختلف حجم هذا التهديد، باختلاف أنواعها، حيث تتباين بالحجم وشكل مناقيرها، وحدة مزاجها. لذلك عليك ألا تشتري الطير حتى تكون على ثقةٍ بتمتع طفلك بالوعي الكافي حول أضرار تربية الطيور في المنزل، وطرق التعامل مع الطير واحترام مساحته.

الطيور تنشر الأمراض المعدية

تلتقط الطيور العديد من الأمراض المعدية لدى مربيها، كمرض التوسع الأولي للبطين ومن أعراضه القلق والاكتئاب وفقدان الوزن والقلق، وداء السلمونيلات والجيارديات، وعدوى فيروس الورم الحليمي، وبعض الالتهابات الجلدية، والإيشيريشيا القولونية، وتنتج جميعها عن البكتريا والفطور، فتصبح هذه الطيور مصدرًا لعدوى البشر والحيوانات الأليفة المحيطة بهم. وهو ما يمثل أخطر أضرار تربية الطيور في المنزل. ويمكنك حماية نفسك بتوفير الرعاية البيطرية الروتينية بشكلٍ مستمرٍ، والمحافظة على النظافة الشخصية بغسل اليدين جيدًا بالماء والصابون بعد لمس الطيور أو فضلاتها أو أشيائها.

بغض النظر عن شدة رغبتك في الحصول على طيرك الخاص، لا بد أن تكون واقعيًا وصريحًا حول وضعك. وإلا ستحدث بعض الأضرار عن تربية الطيور في المنزل. فرعاية الطير أكثر من مجرد إطعامه وتنظيفه. وكغيرها من الحيوانات الأليفة تحتاج لكثيرٍ من الاهتمام والحب والمجهود، وأي إهمال سيؤثر سلبًا على سعادة الطير.