يعرف مصطلح تجزئة السوق segmentation بعمليّة تقسيم السوق إلى باقة أو مجموعة من الأسواق الفرعيّة وفق أسس محدّدة. تمتاز هذه المجموعة بالعديد من الخصائص. كما أنّ الهدف الرئيسي من هذه التجزئة التجانس بين الأسواق المقسّمة التي تعمل بشكل أساسي على إشباع حاجات الأسواق كُلّها من خلال التسويق لكلّ سوق فرعي.

تحتاج تجزئة الأسواق إلى ما يُسمى قطاعات السوق بغية تطوير استراتيجيّة التسويق، والسعي إلى تخطيط مدروس وواضح. ويكون هذا التطوير من خلال برامج تسويقيّة متعددة مثل: عروض الأسعار، وترويج منتجات الأسواق وتوزيعها وتقديم نموذج عن مزيج خاص بالمتغيرات الخاصة في عمليّة التسويق. تمتاز عمليّة تجزئة الأسواق بقدرتها على معرفة أكثر قطاعات السوق ربحًا. بالإضافة إلى ذلك، تطوير صور بيانات القطاعات الأساسيّة ممّا يساهم في تقدير احتياجاتها، ناهيك عن الدوافع الأساسيّة لشراء الأغراض داخل السوق. ولا بدّ أن نشير إلى إمكانيّة معرفة عدد الشركات المهتمّة بتقديم المنتج نفسه أو السلعة أو الخدمة للمستهلك. إضافةً إلى تحديد فئة جديدة من المستهلكين لم تكن معروفةً سابقًا تهتمّ جديًّا بمنتج معيّن، ولا ننس أنّ هذه الفئة تشكّل مجموعةً فرعيّةً للشركة المنتجة.

أسس تجزئة السوق segmentation

يعتمد مبدأ تجزئة السوق على ظهور عدد كبير من المُستهلكين بغية شراء منتج، خدمة أو سلعة مُحدّدة. تعتمد تجزئة السوق على مجموعة من الأسس التي تستهدف المستهلكين والعملاء، أهمّها:

  • الأسس الجغرافيّة: اعتمدت الشركات والمنشآت الكبرى مبدأ التقسيم الجغرافي. أي توزيع الأسواق على كامل نطاق المناطق الجغرافية وتقسيمها وفقًا لِلدُّوَلِ، وللمدن وللولايات. ويعود سبب اعتماد هذا الأساس في التجزئة إلى امتلاك الأفراد أو المستهلكين عادات مُختلفة في عمليّة شراء السلع أو الخدمات. حيث يهتمّ المستهلك بشراء سلعة ما ضمن هذه المنطقة، بينما يلجأ من يقطن في المنطقة المجاورة إلى شراء سلعة أخرى. لذا تسعى الشركات بعناية فائقة إلى توفير حاجات المستهلك، وتعزيز الخدمات التي تقدّمها في أجزاء السوق ضمن كلّ منطقة. بالإضافة إلى ذلك، إمكانيّة معرفة اختلاف ميول الأفراد لشراء السّلع بسهولة تامّة. كذلك، اعتماد الأسلوب الأمثل في الإعلان عن أي منتج جديد تريد ضخّه في أجزاء أسواق المناطق.
  • أساس التقسيم الديموغرافي: أي تجزئة السوق إلى مجموعات وفقًا لأعمار الأفراد، وجنسهم، ودخلهم، ودورة حياتهم والمستوى التّعليمي لديهم.
    تستخدم الشركات هذا الأساس للتأثير على فئة عمريّة معيّنة لما تروّجه من خدمات وسلع استهلاكية.
  • أساس التقسيم السلوكي: وهو عبارة عن ممارسات الأفراد تجاه سلعة أو خدمة محدّدة. زد على ذلك، المتغيّرات التي قد تطرأ على سلوكيّاته حيالها منها: المنافع التي يقدّمها المُنتج كتلبية حاجات العُملاء ورغباتهم، أو المستهلكين عند شرائهم أي سلعة معيّنة. بالإضافة إلى ذلك، تنتج فئتان عن هذا التقسيم: الفئة الأولى ترتبط بالمستهليكين التي تستخدم المنتج، في حين الفئة الثانية تمتنع عن استخدامه. أمّا الشركات فتستهدف في تجزئتها هذه الفئة الأولى التي تؤمنّ لها نسبًا عاليةً من العائد والإيرادات.

مراحل تجزئة السوق segmentation

تحتّم عملية تقسيم السوق اتّباع مراحل عديدة أهمّها:

  • مرحلة الدراسة: تعتمد هذه المرحلة بشكل أساسي على المُتخصصين في مجال تجزئة الأسواق. حيث يدرس هؤلاء جميع العوامل المؤثّرة في دعم الشركات أو العملاء أو المستهلكين لاتخاذ القرارات الخاصة بالإنتاج والشراء. وللوصول إلى أفضل النتائج يعدّ المستشارون استبيانًا يشتمل أهمية المنتجات ومواصفاتها. بالإضافة إلى ذلك العلامة التجاريّة للمنتج، التركيز على طبيعة ميول المستهلك نحوها والتوزيع الجغرافيّ للأسواق الفرعية.
  • مرحلة التحليل: تطبق خلال هذه المرحلة البيانات التحليلية والوسائل الرياضيّة للوصول إلى العوامل المؤثّرة على التواصل بين الشركات والعملاء والأسواق والمستهلك. ممّا يؤدّي إلى تحديد أكثر القطاعات تأثرًا بهذه العوامل. بالإضافة إلى ذلك، على الشركات التقليل من عدد العوامل إلى أدنى مستوى لتسهيل عمليّة تجزئة السوق.
  • مرحلة تعريف قطاعات السوق وطرق اختيارها: أي تحديد خصائص كلّ قطاع من القطاعات وفق العوامل المتعلّقة بها.
  • مرحلة تحديد القطاعات المطلوبة: اختيار أفضل أسس تجزئة السوق segmentation والإستراتيجيات المعتمدة فيها كما تحديد نوعها.
  • اعتماد أفضل البرامج الخاصة بالتسويق بغية تنفيذ تجزئة السوق: الارتكاز على برنامج تسويق يساعد الشركات والعملاء على إنجاح العملية التسويقية. ممّا يضمن تأمين رغبات المستهلك وإشباعها بفعاليّة، وبالتالي نجاح المنافسة كما ارتفاع نسبة الأرباح.

إيجابيات تجزئة السوق

تتكاثر إيجابيات تجزئة الأسواق نوجزها وفق الآتي:

  • تقسيم الأسواق ضمن فئات متجانسة، متشابهة ومتوازنة.
  • تعدّد الشركات المهتمّة بتقديم المنتج ذاته ضمن السوق الواحد.
  • تحقيق المنافسة وفق أعلى أداء.
  • تحقيق نسبة مرتفعة من الأرباح.
  • انخفاض نسبة هدر أموال الشركات نتيجة تجزئة الأسواق.
  • خلق منتجات جديدة ذات جودة ونسبة أرباح عالية قادرة على المنافسة.

سلبيات تجزئة السوق

تتعدّد سلبيات تجزئة السوق ولعلّ أهمّها النفقات التي تحتاجها هذه التقنيّة. تحتاج أجزاء الأسواق الفرعية إلى قدر كبير من البحث لتحديدها، كونها الأكثر أهميّةً بالنسبة للشركات. لكن عمليّة البحث هذه تستغرق فترةً زمنيّةً طويلةً. كما أنّها تتطلّب رأس مال ماديًا ضخمًا ممّا يرتّب زيادةً في النفقات التي تتكبّدها الشركات.
وتحتاج المجموعات الفرعية الرئيسية في الأسواق عند تحديدها، إلى رسائل تسويقية وحملات إنتاجيّة للخدمات أو المنتجات التي تضخّها الشركات في الأسواق، والتي تستهدف بدورها كلّ فئة من فروعها. بالإضافة إلى ذلك، عمليّة تغيير صورة المنتج تزيد نفقات تكاليف إنتاجه. لذا على الشركات تجزئة السوق على وجه أمثل لتفادي هدر الأموال. وكلما ضاقت دائرة تحديد قطاعات السوق، زادت صعوبة إمكانيّة ربح الشركات. ذلك لأن التسويق للمنتجات يستهدف بعض الصناعات. وعند تغير أذواق الفئة المستهدفة والتركيز على ميولها ورغباتها، أو في حال ظهور شركات أخرى أقوى منافسة في هذا المجال، يمكن للشركة أن تفقد مستهلكيها أو عملائها بسرعة عند تركيزها على فئة واحدة.

تهدف عمليّة تجزئة السوق إلى أسواق جماعية وفئات متشابهة في احتياجاتها ومتطلباتها، إلى تحقيق المنافسة بين الشركات وفق أداء عالٍ. ويشترط هذا الهدف لنجاحه اعتماد جميع أسس تجزئة السوق والوسائل وتطويرها وفق استراتيجيات تتلاءم مع متطلبات الأفراد ورغباتهم.