يعد مشروع تربية النحل في الجزائر من المشاريع الموغلة بالقدم، فهي تعود لأكثر من 2500 عام حسب كتب التاريخ. وذلك بسبب توفر عدة عوامل ساعدت على استمرار هذا المشروع وتطوره جيلًا بعد جيل حتى يومنا هذا. ما هي هذه العوامل؟ هل يوجد مخاطر تهدد مشروع تربية النحل في الجزائر؟ ها نحن ذا سنستعرض أهم تلك النقاط من خلال مقالنا التالي.

أهمية مشروع تربية النحل

تكمن أهمية مشاريع تربية النحل في بلدان العالم كونها من الأعمال الحرة التي تعطي انتاجًا كبيرًا مقابل القليل من الوقت والجهد. علاوة على ذلك فهي تعتبر من المشاريع الفلاحية التي تساهم بشكل كبير بتنمية المناطق الريفية، وزيادة الدخل الفردي للفلاح، مما ينعكس على الناتج القومي للدولة. هذا فضلًا عن أهمية النحل في تلقيح النباتات، مما يقدم فوائد بيئية وزراعية عديدة.

بالإضافة لذلك فان لمشروع تربية النحل أهمية إنتاجية كبيرة لما يقدمه من مواد هامة متمثلة بالعسل والشمع، والتي تعد ضرورية في صناعة المستحضرات التجميلية وبعض المواد الطبية إلى جانب استعمالاتها الغذائية.

مشروع تربية النحل في الجزائر

ذكرنا في البداية أن الجزائر من الدول القديمة في تربية النحل. وذلك لعوامل عدة أهمها:

  • المناخ المتوسطي المسيطر على عموم الجزائر، والذي يتميز بعدم وجود شتاء قارص يهدد النحل، ويؤثر على المناحل بشكل سلبي.
  • وفرة الغطاء النباتي، مما يضمن وجود غذاء كافٍ للنحل.
  • وجود الأماكن الطبيعية المناسبة لتربية النحل. والتي تتميز بوفرة مصادر المياه، ووجود غابات كثيفة تحمي النحل.

مما دل أيضًا على قدم تربية النحل في الجزائر هي الوسائل التقليدية المستخدمة من قبل النحالين. مع العلم ظهرت في فترة الاحتلال الفرنسي أول خلية جزائرية تشبه خلية “لانكستروت”، تسمح بتربية النحل بطريقة عصرية.

وبحسب إحصاءات وزارة الفلاحة الجزائرية بلغ عدد مربي النحل التقليديين نحو 8500. ينشطون من خلال 120 ألف خلية. أما الذين يمارسون الطرق العصرية فقد بلغ عددهم 18 ألفاً، ويعتنون بنحو 920 ألف خلية. كما أفادت فيدرالية مربي النحل أن الإنتـاج الجزائري من العسل بلغ نحو 30 ألف طن عام 2014، متوقعـةً ازدياد عدد خلايا النحل إلى 1,4 مليون خلية لتنتج 100 ألف طن خلال السنين القادمة.

أنواع النحل في الجزائر

يوجد في الجزائر نوعان من النحل، ألا وهما:

  • النحلة التلية Apis mellifica :

تتواجد النحلة التلية بشكل خاص في المناطق الشمالية والسهبية. وتتميز هذه السلالة بكثرة إنتاج العسل، ومقاومتها للأمراض. وكما تميل إلى التطريد، الذي يمكن التخفيف من حدته بتغيير الملكات المنتخبة من أمهات غير ميالة للتطريد.

  • النحلة الصحراوية Apis mellifica saharien:

اكتشفها الراهب أدم في ثلاثينات القرن العشرين، وتُعرف بتأقلمها الجيد للمناخ الجاف الذي يسود المناطق الصحراوية. وحاليًا تجرى بحوث من طرف معهد تربية الحيوانات الصغيرة بالجزائر حول أماكن تواجدها في الصحراء للتكثيف من هذه السلالة واستغلالها.

المخاطر التي تواجه مشاريع تربية النحل في الجزائر

بالرغم من الاهتمام الكبير للدولة الجزائرية بمشروع تربية النحل، لكن ما زالت تقف أمامه العديد من التحديات التي تعيق الإنتاج من التطور والوفرة، وأهم تلك المشاكل:

  • ضعف الترويج الدعائي، والتسويق الإعلاني للعسل الجزائري، حيث يقتصر الإعلان لكونه دواء للمرضى وكبار السن فقط. وإهمال فوائده الأخرى لكونه مكملاً غذائيًا هاماً وضرورياً لكل الناس، سواء كانوا مرضى أو أصحاء وبكل الأعمار.
  • الاستعمال الخاطئ للتقنيات الحديثة في المناحل، بسبب جهل معظم النحالين باستعمالها وقلة المختصين.
  • الإفراط في استعمال المبيدات الحشرية من قبل المزارعين، التي تؤدي بحسب نوع المبيد إما لموت النحل مباشرة قبل وصوله للخلية أو تسميمه وموته بعد نقله لحبات الطلع الملوثة الى داخل الخلية، مما يهدد الخلية كلها.
  • القفزة الزراعية الكبيرة والتي أدت لفقدان الكثير من الغطاء النباتي. الأمر الذي يشكل خطراً على غذاء النحل الطبيعي.
  •  غلاء التقنيات المستخدمة حديثًا في مشاريع تربية النحل واعتماد الوسائل القديمة بتربية النحل. وكما حذرت وزارة الفلاحة من أن الخلايا التقليدية باتت تتعرض للأمراض، وتتسبب في انتشار العدوى إلى الخلايا الحديثة. ومن الأمراض الأكثر انتشاراً في النحل الجزائري مرض «الفاروا» و«ديدان الشمع».
  • قلة الاهتمام بالمناحل، مما يعرضها لخطر الأمراض الفتاكة مثل مرض الفاروا والنوزيما والكثير من الأمراض الأخرى. مما يؤثر على انتاج النحل والخلية ككل.

في النهاية يجب على الدولة مساعدة مربي النحل على استخدام التقنيات الحديثة عن طريق المختصين، بالإضافة إلى تسليط الضوء إعلامياً على مشروع تربية النحل في الجزائر، وتوعية الأفراد لأهمية المشروع المادية والانتاجية بوصفه ثروة هامة للدولة والمجتمع.