الطاعون عند الأبقار مرض فيروسيّ يصيب المواشي بشكل عام، والأبقار والجواميس بشكل خاص، فتّاك، شديد العدوى، ينتقل بعدّة طرق. وكان سببًا رئيسيًا في إنشاء أول كلّية للطبّ البيطريّ في أوروبا. ما هو الطّاعون البقري؟ كيف ينتقل؟ ما هو علاجه؟

العامل المسبّب للطاعون البقريّ وطرق انتقاله

ينتمي فيروس الطّاعون البقريّ إلى جنس (Morbillivirus)، عائلة (Paramyxoviridae). وهو فيروس هشّ ضعيف البنية، لا يستطيع العيش خارج جسم المضيف إلا لبضع ساعات، يموت بتأثير المطهّرات وأشعّة الشّمس. ينتقل بالتّماس المباشر بين الحيوانات المصابة عبر المفرزات الأنفية، كما ينتقل عبر الطّعام والماء الملوّث بمفرزات الحيوان المصاب.

حيث عُزل الفيروس من المفرزات الأنفيّة والدّمعية والمهبليّة للحيوان المصاب ومن روثه وبوله أيضًا. وبالتّالي تنتقل العدوى بسهولة بين القطعان وأسواق المواشي. تكتسب الأبقار المصابة والّتي شفيت من المرض مناعًة دائمة، حيث تحمل كمًّا وفيرًا من الأضداد المقاومة للفيروس، دون أن تكون حاملة للفيروس نفسه.

ما هي أعراض الطاعون عند الأبقار؟

تتراوح فترة حضانة الفيروس بين (3-10) أيام، بينما دورة المرض بين (5-15) يوم. تظهر الإصابة بعدّة أشكال سريرية (الإصابة فوق الحادة، والإصابة الكلاسيكيّة، والإصابة تحت الحادة)، وذلك وفق التالي:

  • الإصابة فوق الحادّة: تتضمن ارتفاع شديد ومفاجئ في الحرارة، وخمول، وفقدان الشّهيّة واحتقان بالأغشية المخاطيّة. ويحدث النفوق خلال (2-3) أيام.
  • الإصابة الكلاسيكيّة: بعد (3-5) أيام من ارتفاع الحرارة تظهر تقرّحات بيضاء أو رماديّة على الغشاء المخاطيّ للأنف والفم والمسالك البولية التّناسلية أيضًا. بعد ذلك يظهر إسهال على شكل سائل مخاطي مدمى يرافقه انخفاض في الحرارة. وفي الحالات الشديدة يحدث جفاف ونفوق خلال (4-6) أيام.
  • الإصابة تحت الحادة: تتشابه الأعراض فيها مع الأعراض في الشكل الكلاسيكيّ للمرض، ولكن بدرجة أخف، مع نسب شفاء أعلى ومواتية أقل.

تشخيص مرض الطاعون عند الأبقار

  • التشخيص المخبريّ: يتضمن عزل الفيروس وفحصه باختبارات مخصصة. يُعزل الفيروس من دم الحيوان المصاب في فترة الحمّى ومن مفرزاته الأنفية والدمعية أيضًا. كما يُلجأ للفحص النسيجيّ أحيانًا عن طريق أخذ خزعات من التقرّحات أو من النسيج اللمفاويّ. ويمكن استخدام اختبار الترسيب في الآجار للمفرزات الدّمعية لكشف الفيروس أيضًا.
  • التشخيص السريري: استنادًا إلى الأعراض السريرة المرافقة من تقرّحات وحمّى وأعراض هضميّة وإسهال، إضافة إلى الوبائيّة وانتشار المرض في المنطقة. يجب تمييز الطاعون عند الأبقار عن الأمراض الأخرى ذات الأعراض المشابهة والّتي تتظاهر بآفات تقرحيّةمع إسهال مثل التهاب الرأس الخبيث، والحمّى القلاعية، والإسهال الفيروسيّ. كما يمكن تشخيص المرض عبر تجربة المناعة المتبادلة، وذلك عبر استعمال أبقار ممنّعة ضد المرض وأبقار أخرى قابلة للعدوى.

علاج مرض الطاعون عند الأبقار

لا يوحد علاج نوعيّ فعّال لمرض الطّاعون البقريّ، لكن من الممكن معالجة الأعراض المرافقة عبر خافضات الحرارة، ومضادات الالتهاب، وتعويض السوائل. كما تعطى الصّادات الحيويّة طويلة الأمد في بعض الأحيان. ومن هنا ندرك أهمية السيطرة على المرض قبل انتشاره.

طرق السيطرة على الطّاعون عند الأبقار

تختلف طرق مواجهة المرض باختلاف انتشاره وتوطّنه، وفق التالي:

  • يعالج في البلدان التي يتوطّن فيها المرض عبر التطعيم، حيث تطعّم القطعان بنسبة تصل إلى 90%. وتلقح العجول حديثة الولادة لمدة سنتين، وبعد خمس سنوات من اختفاء المرض يوقف التطعيم وتبدأ المراقبة الحثيثة لظهوره من جديد. يستعمل في التطعيم اللّقاح الحي المضعف، وهو لقاح نسيجي من أنسجة الكلى، يعطي مناعة طويلة الأمد ويخفف من انتقال المرض ومن ظهور المرض الكامن. بالإضافة للتطعيم يجب التخفيف من تماس وتجاور القطعان من بعضها، وخاصة التي تظهر فيها الإصابات.
  • يكافح المرض في البلدان التي يظهر فيها لأول مرة عبر استئصاله ومنع انتشاره. وذلك عبر ذبح الأبقار المصابة وحرق جثثها أو دفنها، وتنظيف الحظائر وتعقيمها بشكل جيد.
  • يواجه الطاعون في البلدان الخالية تمامًا من المرض عبر التشديد بإجراءات استيراد المواشي من المناطق الموبوءة دون استيراد حيوانات مصابة وحدوث العدوى.

في ختام مقالنا، نشدّد على أهمية منع انتشار مرض الطّاعون عند الأبقار، واجتثاثه فور حدوثه. إذ طالما كان وباءً فتاكًا، أودى بحياة آلاف المواشي وسبّب المجاعات في القرون الوسطى. وبذلك نستدل على الأهمية الاقتصادية لمكافحة المرض والحيلولة دون توطّنه في بلدٍ خالٍ منه.