تعرّف محددات العرض والطلب للسوق بأنها العوامل التي تؤثر على الطلب و العرض، وتساهم في تغييرهما. فمن خلال محددات العرض والطلب في السوق يمكن معرفة العوامل التي من شأنها أن تزيد نسبة الطلب على منتج ما، والعرض عليه، أو انقاصها.
هذا ويعتبر تفاعل قوى العرض والطلب من أساسيات تحريك الأسواق التنافسية، والتي تؤدي بدورها إلى تحديد أسعار المنتجات. حيث يلجأ المستهلكون إلى المنتجات ذات الأسعار النسبية لإشباع حاجاتهم في حدود الدخل المتاح لهم. ولذلك، يلعب تفاعل العرض والطلب دورًا كبيرًا في تنظيم الأسعار.
فمثلًا، عند ارتفاع سعر سلعة ما، سيلجأ المستهلكون لشراء السلع الأرخص نسبيًا. أي سيزداد الطلب على تلك السلع الأرخص. وبالمقابل يسعى المنتجون إلى تقديم العروض على بعض المنتجات بأسعار محددة بحيث يزداد الطلب عليها.
وهنا يمكن تلخيص نظرية العرض والطلب بأنها تعتمد على التناسب العكسي ما بين العرض والطلب. بالإضافة لذلك، فإنه عند الطلب الكبير على سلع ما، وانخفاض العرض عليها سيزداد سعرها. وكذلك الأمر بالنسبة للعرض. فعند العرض الكبير لسلعة، وانخفاض الطلب عليها سيقل سعرها.
والآن سنتعرف في مقالنا هذا عن محددات العرض والطلب في السوق. كما وسنقدم في مقالنا أهمية العرض والطلب وأثرهما في سوق العمل.
أهمية العرض والطلب
من المهم وجود عاملي العرض والطلب في الأسواق، حيث تتأثر أسعار كافة السلع التي نراها في حياتنا اليومية بعاملي العرض والطلب، وتتحدد من خلالهما. وذلك من خلال تحقيق التوازن بين كميات المنتجات المطلوبة من قبل المشترين، وبين الكميات المعروضة من تلك المنتجات من قبل البائعين.
فالطلب يعرف بأنه مقدار المنتجات التي يشتريها المستهلكون خلال فترة معينة، أما العرض فهو يعبر عن كمية المنتجات التي يمكن للمنتجين عرضها بأسعار معينة وخلال فترات محددة. والعلاقة بينهما تُحرّك نمو الأسواق، وتُحدّد نمو اقتصاد البلد وتطوره.
ومن ناحية أخرى، فإن العلاقة بين العرض والطلب تدعم الإنتاج الكلي في أي بلدٍ كان. كما وتساهم في تطويره وتنظيمه. فعند دراسة منحنيات الطلب والعرض، ومعرفة أكثر المنتجات طلبًا في السوق الخاص ببلد ما، ومعرفة أكثر المنتجات المتاحة للعروض. ستسعى شركات الإنتاج إلى إنتاج المزيد والمزيد منها. وهنا بلا شك سيُدعَم الاقتصاد الكلي، وتُحسّن المهارات، وتُدعَم عوامل الإنتاج، وسينمو بالتالي الاقتصاد ويتطور.
العرض والطلب في سوق العمل
يُعرّف سوق العمل بأنه ذلك النطاق الذي تحدث فيه عمليات البيع والشراء والتداول، وحالات العرض والطلب على منتجات محددة. ولا بد لسوق العمل أن يكون متوازنًا لضمان سير العمليات الاقتصادية بشكل مثالي.
يمكن تحديد توازن سوق العمل بشكل أساسي من خلال الحالات التي يتوازن فيها الطلب على منتج ما، والعرض عليه. ففي حال تحقيق التوازن ما بين العرض والطلب، ستستقر حالة سوق العمل، ولن يكون هناك نقص منتجات في الأسواق أو فائض منها. وبذلك، ستكون أسعار سوق العمل متوازنة.
ومن منظور آخر، يتأثر توازن سوق العمل بعوامل عديدة التي من شأنها أن تخلّ بتوازنه. ومن أهم تلك العوامل هي تغير طلبات السوق مع ثبات العرض عليها، أو تغير عروض المنتجات في السوق مع ثبات الطلب عليها. وهنا بلا شكّ سيؤثر على آلية عملية السوق، وعلى قوانين العرض والطلب أيضًا.
فسوق العمل اليوم زاد تطوره ونطاقه، وخصوصًا مع تطور وسائل التكنولوجيا والاتصالات. ولذلك يجب العمل على تحقيق التوازن فيها بشكل أكبر. فاليوم لم يعد سوق العمل مقتصرًا على التقاء المشترين والبائعين في مكان ما، إنّما أصبح عن طريق صفقات البيع والشراء التي تحصل من خلال شبكات الإنترنت، والتي تعرف تحت مسمى “التجارة الالكترونية”.
محددات العرض والطلب
لا بد وأن يتأثر عاملي العرض والطلب بالعديد من العوامل التي تغير في العاملين وتساهم في تأثيرهما في سوق العمل. فتلك العوامل التي تؤثر على عاملي العرض والطلب تعرف باسم “محددات العرض والطلب”.
ومن الجدير بالذكر أن محددات العرض مستقلة بشكل كامل عن محددات الطلب. بالرغم من كون مصطلح محددات العرض والطلب يُذكَر وكأنّه يدل على الارتباط الوثيق بينهما.
ويمكن تبيان محددات العرض والطلب من خلال منحنيات العرض والطلب التي ترسم بشكل بياني لتحدد على مستوياتها النقاط المؤثرة على عاملي العرض والطلب، وكيفية تأثير تغير كل منها على العاملين. أما بالنسبة لمحددات كل من العرض والطلب فهي:
محددات العرض
وهي العوامل التي تؤثر في عرض منتج ما لفترة محددة، ويؤدي تغيرها إلى تغير منحني العرض بالكامل. ومن أهمّ تلك العوامل هي:
- أسعار المواد الإنتاجية: فارتفاع أسعار المواد الإنتاجية التي تدخل في عمليات إنتاج السلع والمنتجات والخدمات، يؤدي إلى ارتفاع التكلفة الخاصة بإنتاج تلك السلع والخدمات. وهنا سينخفض العرض على تلك المنتجات لقلة إنتاجها بسبب غلاء أسعار العناصر الإنتاجية. وبالمقابل عند انخفاض أسعار المواد الإنتاجية، سيدفع المنتجون لإنتاج كميات أكبر، وبالتالي سيزداد العرض عليها.
- أعداد المنتجين: حيث يؤدي وجود عدد كبير من منتجي السلع إلى إنتاج كميات كبيرة من منتج ما، وهذا سيرفع العرض على تلك السلع. والعكس صحيح.
- التكنولوجيا المستخدمة: فتطورات التكنولوجيا المستخدمة في عمليات إنتاج الخدمات والمنتجات، عملت على تخفيض كلفة إنتاجها، وبالتالي ساهمت في رفع العرض عليها. وبالمقابل، انخفاض تقنيات التكنولوجيا، سترفع كلفة الإنتاج، وستخفض العرض على منتجات محددة.
- فرض الضرائب: أي أنه عندما تفرض الحكومة ضرائب على منتج ما، سترفع تكلفة إنتاج ذلك المنتج، وبالتالي سيقل إنتاجه، ويقل العرض عليه.
- المعونات الحكومية: عندما تعطي الحكومات معونات بمنتجات محددة، ستنخفض تكاليف الإنتاج، وذلك سيؤدي لإنتاج كميات كبيرة من السلع وزيادة العرض عليها.
محددات الطلب
وهي بدورها تعتبر العوامل المؤثرة على مقدار الطلب على منتج ما. ومن أهم تلك المحددات هي:
- أسعار السلع: من البديهي أنّه كلما زادت أسعار السلع، سيقل الطلب عليها، والعكس صحيح.
- دخل المستهلك: فعندما يزداد دخل المستهلك، سيكون قادرًا على شراء الكثير من السلع، وبالتالي سيزداد الطلب على منتجات السوق.
- رغبة المستهلك: حيث من الممكن أن يرغب المستهلك بمنتجات معينة، وهنا سيزداد الطلب على المنتجات المرغوبة من قبله.
- التوقعات: فعندما يتوقع المستهلكون ارتفاع أسعار سلع معينة، سيسعون إلى شراء الكثير منها، أي سيزيد الطلب عليها.
- جودة المنتجات: بغض النظر عن الأسعار. فهناك الكثير من المستهلكين الذين يركزون على شراء المنتجات ذات الجودة العالية أيًّا كان سعرها، آخذين بالحسبان أنّها ستدوم لفترات أطول مقارنةً بذات الجودة المنخفضة.
- حالة الطقس: أيضًا تلعب دورًا كبيرًا. ففي الصيف مثلًا يزداد الطلب على المنتجات الصيفية كملابس السباحة، وفي الشتاء يزداد الطلب على المعاطف مثلًا.
وفي الختام، وبعد التعرف إلى محددات العرض والطلب للسوق، يتبين لنا وجود الكثير من المحددات التي تلعب دورًا هامًّا في تحديد مدى فعالية العرض والطلب في الأسواق التنافسية. كما وتبين لنا العوامل المؤثرة في تغير العرض والطلب، وكيفية تأثيرها على السوق.