انخفضت قيمة الليرة السورية بكلا طرفيها سعر الصرف والقيمة الشرائية، نتيجة الأزمة التي تعرض لها بلدنا، والتي عكست ظلالها السوداء على الاقتصاد السوري، مما ادى إلى تدني قيمة صرف الليرة السورية مقابل جميع العملات الأجنبية وكان له أسبابه وله طرق لعلاجه هذا طرف الأول، وانخفضت القيمة الشرائية لليرة السورية وزيادة كبيرة في معدل التضخم وله أسباب أخرى وطرق معالجة مختلفة وهذا الطرف الثاني.

الليرة السورية بين سعر الصرف ومعدل التضخم

يعبر سعر الصرف عن عدد الوحدات النقدية التي تبدل به وحدة من العملة المحلية إلى أخرى أجنبية، وهو بهذا يجسد أداة الربط بين الاقتصاد المحلي وباقي الاقتصاديات ، وهو يربط بين أسعار السلع في الاقتصاد المحلي واسعارها في السوق العالمية، فالسعر العالمي والسعر المحلي للسلعة مرتبطان من خلال سعر الصرف.

إنخفضت قيمة الليرة السورية

وتتغير أسعار الصرف بصفة دائمة ومن يوم لآخر، مثل سعر أية سلعة أو أصل في سوق حرة، فإن سعر الصرف يتحدد بالعرض والطلب وأن أي عامل مؤثر إنما يؤثر في جانبي العرض أو الطلب على العملات الأجنبية في أسواق الصرف الأجنبي. فإذا قام أي اقتصاد بتصدير منتجات مشاريعه وخدماته إلى السوق الخارجية، مما يؤدي إلى زيادة الواردات من القطع الأجنبي والطلب عملته المحلية مما يزيد الطلب عليها وزيادة العرض من العملة الأجنبية مما يرفع صرف العملة المحلية.

    على العكس ، فإن مستوردات أي اقتصاد تستدعي طلباً للدولارات وعرضاً للعملة المحلية، وكل زيادة في الاستيراد من قبل المستهلكين أو المشروعات المحلية . تميل في النتيجة إلى تقليل قيمة العملة الوطنية .

حجم صادرات وواردات الاقتصاد السوري

          لو أخذنا باعتبارنا حجم صادرات وواردات الاقتصاد السوري، والحوالات الواردة والصادرة له وتوقف عوائد السياحة والترانزيت، نستطيع القول أن عجز الميزان التجاري أصبح كبير جداً، وزيادة حجم الالتزامات وضغوط التدخل لاستقرار سعر الصرف أدى إلى انخفاض في حجم الاحتياطي، وخروج الكثير من الكتلة النقدية الأجنبية للخارج أدى إلى زيادة الضغط على الاقتصاد السوري  مما أدنى إلى انخفاض كبير ومستمر في سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية.

          ومن المعلوم بأن جميع السلطات النقدية في العالم تسعى إلى انخفاض قسمة عملتها مقابل العملات الأخرى، لتشجيع صادراتها وتخفيض مستورداتها وذلك دعماً لاقتصادها ولمشاريعها الوطنية. أما فكرة رفع قيمة سعر الصرف فإنها ترفع قيمة الصادرات فينخفض الطلب عليها وتنخفض قيمة المستوردات فيزيد الطلب عليها مما يؤدي إلى تراجع الانتاج بالمشاريع الوطنية.       

أما ما حدث في سورية هو انخفاض كبير لقيمة العملة المحلية بسبب أن الاقتصاد الوطني كان في مرحلة تحول اقتصادي ولم ينتقل بشكل كامل للاقتصاد الحر، وترافق معه توقف الكثير من المشاريع الإنتاجية والسياحية والخدمية والترانزيت عن العمل. بإضافة للعقوبات الاقتصادية الجائرة على الاقتصاد السوري مما أدى صعوبات كبيرة في استيراد المواد الأولية والمستلزمات الإنتاج، وصعوبات في تسديد قيمتها مما زاد كلفة الإنتاج للسلع السورية والتي أصبحت مقومة بالدولار الأمريكي.

انخفض القوة الشرائية لليرة السورية

          أما انخفض القوة الشرائية لليرة السورية وارتفاع معدل التضخم بشكل كبير كان بسببين الأول هو انخفاض حجم السلع والخدمات مقابل الكتلة النقدية والثاني هو اعتماد القطاعات الاقتصادية  الوطنية على مستلزمات الإنتاج الأجنبية المستورة وارتفاع درجة المخاطرة في نقل البضائع.  والتغير المفاجئ لسعر الصرف مما أدى إلى رفع هامش الربح عند المنتجين والتجار والمستوردين للتحوط من أي تغير مفاجئ.

وكلا السببين أدى إلى رفع مستمر للمستوى العام للأسعار وعدم وجود سياسة نقدية مجدية في ظل الظروف الحالية تستطيع كبح ارتفاع الأسعار مع معدلات منخفضة جداً لمتوسط دخل الفرد ولهذا الأخير نتائج سلبية على سلامة الأنظمة والقوانين، بالإضافة إلى السوق الاحتكارية في أغلب سوق السلع والخدمات أدى لعدم استجابة انخفاض أسعار السلع عند حدوث انخفاض في سعر صرف الدولار مقابل الليرة أو استقراره.

الحلول لوضع الليرة السورية

  1. ترك الفكرة المنتشرة لإرجاع سعر الصرف لسابق عهده، وذلك لأن تكلفة ذلك عالياً جداّ يمكن استثمار هذه التكلفة إعادة تطوير الجهاز الإداري.
  2. تحرير سعر صرف الليرة السورية وتأسيس سوق النقد والعملات ضمن البورصة السورية.
  3. إعادة هيكلة القطاع الخاص بتشجيع الشركات المساهمة وتحويل شركات الأشخاص كبيرة الحجم لشركات مساهمة والتشجيع على تطويرها ونموها بهدف سحب المدخرات من جميع القطاعات الاقتصادية والتمويلية للقطاعات الاستثمارية والإنتاجية لدفع عجلة الإنتاج في جميع القطاعات الاقتصادية.
  4. إعادة تنظيم قوانين التجارة الداخلية لتكون سوق منافسة لتصبح ألية العرض والطلب أداة تسعير السلع والخدمات.
  5. رفع الرواتب والأجور في كلا القطاعين العام والخاص بما يتناسب مع الحد الأدنى لمستوى معيشة كريمة، مع رفع الحد الأدنى للأجور، ولهذا نتائج ايجابية للدورة الاقتصادية وأقل كلفة من تخفيض سعر الصرف أو سياسات تخفيض الأسعار.

وأخيراً من المهم العمل على تأسيس المناخ استثماري لاقتصاد قوي يعمل حسب آلية السوق وإعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية والخدمية، وإعداد سياسة نقدية استراتيجية تعمل على استقرار سعر الصرف والحد من ارتفاع معدلات التضخم ما فوق 2% وبذلك يتم استقرار المناخ الاستثمار وزيادة نموه المشاريع القائمة وتطويرها وجذب مشاريع جديدة للوصول لمرحلة بناء الاقتصاد السوري الجديد.