المعدن الأغلى على الإطلاق، تتحارب الدول لأجله، وويتنافس المتنافسون للحصول عليه. لا يصدأ ولا تنخفض قيمته مع مرور الزمن. استخدمه الملوك قديمًا لتزيين عروشهم، واستخدمته النساء للحلي، واستخدمه العلماء لصناعة الشرائح الإلكترونية لما له من خصائص فريدة. إنه معدن الذهب. مما يفسر لنا سعي الدول جاهدةً للمحافظة بكافة الطرق الممكنة عليه، وتخزين أكبر كميةً ممكنةً من سبائك الذهب الخالص في مستودعاتها وخزائنها. وهذا ما دفع العديد من الدول لتشديد الإجراءات حول خروج هذا المعدن الثمين من أراضيها. ومنها هولندا فعملت على تحديد كمية الذهب المسموح السفر بها من هولندا.

كمية الذهب المسموح السفر بها من هولندا

أدركت هولندا أهمية المحافظة على مخزون الذهب لديها. نتيجةً لذلك اتخذت إجراءات عديدة لضمان ذلك. ومنها تحديد كمية الذهب المسموح السفر بها من هولندا. فألزمت المسافرين بقوانين تمنع المغادر للأراضي الهولندية من اصطحاب أكثر من ما يعادل قيمة عشرة آلاف دولار أمريكي. وذلك حسب سعر الذهب بالعملة المحلية. وفي حال تجاوزت قيمة كمية الذهب للمسافر لعشرة آلاف دولار، يجب عليه أخذ موافقة مكتب الجمارك الهولندي الموجود في المطار. هذا بما يتعلق بالسفر جوًا. بينما في حالة السفر برًا، فالكمية المسموحة فقط ما تعادل أربعمئة دولار أميركي.

احتياطي هولندا من الذهب الخالص

يوجد في هولندا وبالتحديد في مدينة أمستردام تحت الأرض أكبر مخزن لتخزين الذهب على الأراضي الهولندية. ولن تستطيع الدخول إليه بسهولة، لما له أهمية كبيرة في الأمن الاقتصادي الهولندي. فهنا يخبئ ما يعادل ثلث ما يملكه البنك المركزي الهولندي من الذهب. حوالي تقريبًا خمسة عشر ألف سبيكة من الذهب الخالص. والذي تقدر قيمته بحوالي ستة مليارات يورو ونصف. مع العلم أن كل سبيكة تزن نحو اثنا عشرة كيلو ونصف ويصل سعرها الى نصف مليون يورو.

احتياطي البنك المركزي الهولندي

يقع البنك المركزي الهولندي في مدينة أمستردام، والذي أنشئ قبل حوالي المئتي سنة، بتاريخ 25 آذار عام 1814م. ويعتبر جزءًا لا يتجزأ من النظام الأوروبي للبنوك. فمنذ بدايات القرن السادس عشر، دأبت حكومات هولندا المتعاقبة، على شراء أكبر كمية من الذهب. وذلك كمحاولة منها لدعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز قدرته على تحمل النكسات التي قد تصيبه. وكما يمتلك البنك المركزي الهولندي أكثر من 600 طن من الذهب الخالص، بقيمة تصل الى ستة وعشرين مليار يورو. بالإضافة الى ذلك تصنف هولندا من بين الدول العشرة الأوائل تخزينًا للذهب. واذا أخذنا بعين الاعتبار مساحة هولندا الجغرافيا فهي تعد مرتبةً جيدةً جدًا.
حيث أن مساحة هولندا لا تتجاوز الـ 51 ألف كم2. ثم أن هذه المساحة لا تساوي نصف مساحة أي مدينه أوروبية كبيرة كباريس مثلًا. أخيرًا تتوزع ممتلكات البنك المركزي الهولندي من الذهب في كبرى بنوك أميركا، وكندا، وإنكلترا. ويمكنك زيارة الموقع الرسمي للبنك المركزي الهولندي لمتابعة أخر أخباره من هنا.

الأسباب الرئيسية لسعي هولندا الدائم لاقتناء الذهب

هنالك عدة أسباب جعلت من اقتناء الذهب الخالص في مقدمة أولويات السياسة الاقتصادية للحكومات الهولندية  المتعاقبة. سوف نستعرض سويةً أهم هذه الأسباب:

  • ارتباط قيمة العملة المحلية بما تمتلكه الدولة من احتياطي الذهب.
  • دعم الاقتصاد الوطني في مواجهة أي نكسات اقتصادية.
  • تخفيف المخاطر والشعور بالأمان الاقتصادي.
  • تخفيف آثار مخاطر التضخم الاقتصادي.
  • التنافس بين الدول الكبرى عالميًا في تخزين الذهب.

حقيقة ارتباط الذهب بالعملة المحلية

في الحقيقة كان بزمنٍ ليس ببعيد الذهب مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بقيمة العملة المحلية. وهذا ما يفسر قلق هولندا واتخاذ اجراءات تحدد كمية الذهب المسموح السفر بها من هولندا. ولكن في العام 1971م قررت الولايات المتحدة الأمريكية فك ارتباط الذهب بالدولار الأمريكي. وبالتالي أصبح هذا الارتباط معنويًا فقط وليس بشكل فعلي على أرض الواقع . وأصبح ما يحدد قيمة العملة المحلية فيما إذا كانت قويةً أو ضعيفةً فقط، وفقط الثقة بقوة هذه العملة أو لا. ولكن هذا لا ينفي كون احتياط الدولة ومخزونها الإستراتيجي من الذهب من أقوى العوامل في قوة اقتصاد هذا البلد. ولا ننسَ ابدًا ما صرح به رئيس البنك المركزي الهولندي حين قال: “لو أنهار النظام بأكمله، مخزون الذهب لدينا سيجعلنا نقف من جديد”.

وفي الختام، بعد التعرف على كمية الذهب المسموح السفر بها من هولندا. والتعرف على احتياط هولندا من الذهب، والأسباب المتعلقة بالسعي الدائم والدؤوب لتخزين أكبر كميه ممكنة من الذهب. لا يسعنا القول سوى أن احتياطي الذهب الذي تمتلكه أي دولة في العالم يحدد قوة هذه الدولة في كافة النواحي وخاصةً الاقتصادية. وقدرتها على تجاوز المحن والصعاب التي قد تواجه أي اقتصاد في العالم.