تعدّ دودة القز من أهمّ وأفضل الحشرات المنتجة والنافعة في كوكب الأرض، لما تمتلكه من قدرات وخصائص فريدة من نوعها تميّزت بها عن باقي أنواع الحشرات. ويطلق اسم دودة القز على اليرقة المنتجة للحرير، حيث تتغذى اليرقات على أوراق نبات التوت أو البرتقال أو الخس، مع العلم تنتج اليرقات التي تتغذّى على أوراق التوت أجود وأفضل أنواع الحرير عالميًا، تنتمي إلى فصيلة اللّافقاريات من الحشرات المستأنسة التي تحتاج إلى رعاية مباشرة من الإنسان. وتعدّ الصين الموطن الأصلي لدودة القزّ، حيث تصدرها إلى مختلف دول العالم. وعلى الرغم من فوائد دودة القز إلا أنها تسبب بعض الأضرار. وها نحن ذا سنتعرف على فوائد وأضرار دودة القز من خلال المقال التالي.

شكل دودة القز

تتميز الدودة البالغة عن غيرها من أنواع فصيلتها بلونها الأبيض المائل للصُفرة والمنقّط ببعض الأسود، بالإضافة أنها تمتلك جسمًا سميكًا مشعرًا، ويصل متوسّط طولها إلى 7.5 سم، وتمتلك ما يسمى بغدد الحرير وهي غدد لعابيّة مسؤولة عن خروج خيوط الحرير من فمها.

فوائد دودة القز

تتجلى الفائدة الكبيرة لدودة القزّ في إنتاج الحرير الطبيعيّ. حيث إنّ الحرير الذي تنتجه هذه الديدان من أفضل وأجود أنواع الحرير عالميًّا. ويعتبر مادّة أوليّة وأساسيّة للكثير من الصناعات منها: صناعة الألبسة، والأقمشة، وبعض الصناعات الطبيّة حيث استخدم الأطبّاء خيوط الحرير الدقيقة في خياطة الجروح. كما يوجد لهذا الحرير نوعان رئيسان هما:

  • حرير مزروع: تنتجه دودة القز عندما تتغذّى على ورق التوت.
  • حرير برّي: تنتجه دودة القزّ عندما تتغذّى على أوراق البلّوط.

لذلك نجد اهتمامًا كبيرًا لبعض الدول بتربية دودة القز، وذلك من خلال تشجيع المزارعين والمشاريع الصغيرة. الأمر الذي يعود بالفائدة بكثرة الإنتاج بالنسبة للصناعات المعتمدة على الحرير، باعتباره من المشاريع البسيطة التي تحقق نسبة ربح، وترفع مستوى الدخل الاقتصادي.

تربية دودة القز لإنتاج الحرير

تتميز دودة القز بدورة حياتها القصيرة نسبيًا، وتعدّد مراحل نموها. لذلك يفصل غالبية المربون الديدان في سن الشباب عن الديدان المتقدمة في السن مع خضوعها للمراقبة. ومن أهمّ الأمور التي يجب اتباعها عند تربية دودة القز لإنتاج الحرير بشكل جيّد، نذكر ما يلي:

  • توفير بيئة جيّدة التهوية، بحيث تمنع مرور الفئران أو العصافير أو الحشرات.
  • الحفاظ على درجة حرارة مناسبة لكلّ من الديدان الشابة والمتقدّمة بالعمر.
  • ضرورة التربية في بيئة تبريد مناسبة مع توفير الحرارة والرطوبة بشكل ملائم .
  • يعتمد مكان التربية على عدد ديدان القز المُراد تربيتها، ولكن من الضروري أن يكون ذو مساحة جيدة للحفاظ على أوراق التوت.

أضرار دودة القز

تتلخص أضرار دودة القز بالأمراض التي تسببها، حيث تنقسم هذه إلى أمراض معدية وأمراض غير معدية. ولكن أخطر هذه الأمراض هي الأمراض المعدية لأنّها سريعة الانتشار وتسببها كائنات حيّة دقيقة (البَكتريا أو الفطريات أو فَيروسات أو البروتوزرا)، حيث كانت هذه الأمراض سَببًا لتراجع إنتاج الحرير في بعض الدّول. ولكن هناك أبحاث خاصّة بأمراض دودة القزّ لاكتشاف وتطوير أفضل طرق الوقاية والعلاج. ومن الجدير بالذكر قد تكون دودة القزّ سَببًا في إصابة الإنسان بأنواع معينة من السرطان، ولكن هذا نادر جدًا.

أمراض دودة القز

مرض الببرين

وهو من أخطر الأمراض التي تصيب ديدان القز، حيث شَكَّل وباءً فتاكًا سنة 1845 إذ قضى على مزارع تربية الديدان، مما سبب انخفاض إنتاج الحرير عالميًا. ومن أهم أعراضه ظهور بقع سوداء تشبه الفلفل، ومنها اشتق اسم هذا المرض Peprine من كلمة Peper اللاتينيّة والتي تعني الفلفل باللغة العربيّة. وتسبب هذه البقع الموت غالبًا وذلك بسبب النمو غير المنتظم. ويعتبر المصدر الرئيسي للعدوى هو براز اليرقات المصابة، وذلك لاحتوائها على الجراثيم المسببة للمرض التي تلوث الغذاء.

مرض المسكردين

يعد من أمراض ديدان القز  الذي انتشر في عدّة دول. وينشأ هذا المرض عن إصابة اليرقات بفطر يتكاثر داخل وخارج جسمها. وهناك عدّة أنواع من هذا الفطر منها المسكردين الأبيض، والأسود، والأخضر، والأصفر. تختلف أعراضه باختلاف نوع الفطر، حيث تظهر بقع زيتية باهتة على جسم اليرقة المصابة بالمسكردين الأبيض، أما اليرقة المصابة بالمسكردين الأخضر، فتظهر بقع جافة كبيرة سوداء اللون على جسمها، واليرقة المصابة بالمسكردين الأصفر يتكون على قع سوداء كرأس الدبوس جسمها، في حين يتميز المسكردين الأسود بوجود بقع زيتية مبللة حافتها سوداء على جسم اليرقة.

تصاب بالعدوى اليرقة السليمة بعد موت اليرقة المريضة فعند احتكاك اليرقات السليمة باليرقة الميتة تنتقل جراثيم الفطر إليها. وغالبًا ما يسبب هذا المرض الموت لها. وقد تصيب جراثيم هذا الفطر الفراشات وتسبب لها الموت. هذا فضلًا عن إصابة البيض الذي تخرج منه يرقات مصابة وبذلك ينتشر المرض بسرعة.

مرض الجراسيري

وهو من الأمراض التي تصيب اليرقات، بسبب فيروس يختبئ داخل أجسام بلوريّة عديدة الأوجه. يدخل إلى دم اليرقة المصابة وفي سوائل خلايا أنسجتها. ويعرف مرض الجراسيري أيضًا بمرض الاصفرار، باعتبار يلون جسم اليرقة المصابة بالأصفر، هذا فضلًا عن انتفاخ جسمها وانكماشه، ليظهر الاصفرار بين حلقات الجسم. كما ينتشر الاصفرار على الحلقة نَفسها مما يُسبّب تحلّل الأنسجة الداخليّة، وبالتالي يُصبح جسم اليرقة المُصابة رخوًا. ومن أعراضه الامتناع عن الغذاء والحركة والإسهال والنزف وتمزّق الجلد لمجرد لمسها.

تحدث العدوى بسبب تغذية اليرقة السليمة على أوراق التوت الحاوية على الفيروس المُختبئ في البلّورات، حيث ينطلق الفيروس عندما تذوب البلّورات في العُصارة القلويّة للأمعاء. كما تحدث العدوى عند ملامسة اليرقات السّليمة مع اليرقات المُصابة أو من أدوات التربية التي تحوي على سوائل من أجسام اليرقات المُصابة.

وعلى الرغم من أضرار دودة القز إلّا أنّها تبقى من أهمّ الحشرات المُنتجة وأكثرُها منفعةً للبشريّة. وباعتبار أن الوقاية أفضل من ألفِ علاج، فيمكننا توفير طُرق للوقاية من هذه الأمراض لتجنب حدوثها، ومنع الازدحام بين ديدان القزّ لتقليل انتشار العدوى مع مراعاة النظافة التّامة، وتوفير أوراق توت سليمة تُقدّم لنا أفضل وأجود أنواع الحرير.