تعد ضريبة القيمة الضافة في الخليج العربي والتي تمثل المحور الأساسي لهذا المقال ضريبةً حديثة العهد. وذلك إذا ما قورنت مع غيرها من دول العالم التي تفرض هذه الضريبة. حيث أنه في ظل التحول الاقتصادي الذي تعيشه دول الخليج فرضت حكوماتها ضريبة القيمة المضافة على عدد من السلع والخدمات. وبناءً على ذلك بدأت في معظمها وتباعًا باعتماد ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%. وذلك في السعودية والإمارات في عام 2018م. ولاحقًا فرضتها البحرين في عام 2019م، وتبعتها سلطنة عُمان في عام 2023م. وبالرغم من انخفاض نسبة ضريبة القيمة المضافة في الخليج العربي إلا أنها شكلت رافدًا إضافيًا لميزانية كل دولة. ومن الجدير بالذكر أن الكويت وقطر أخرتا فرض ضريبة القيمة المضافة. ويمكن القول إن هذه الضريبة جاءت عاملًا هامًا في دعم النمو الاقتصادي والناتج القومي لكل دولةٍ على حدى. كونها أسهمت في تشجيع الاستثمارات الأجنبية. وذلك بسب انخفاض نسبتها، مما انعكس بدوره على الدخل العام لتلك الدول.

النظام الضريبي العالمي الجديد

توصلت مجموعة الدول الصناعية في العالم. والتي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة البريطانية وألمانيا وفرنسا وإيطاليا خلال عام 2023م إلى اتفاق. حيث ينص على فرض ضريبة عبر الحدود في عصر النفاذ الرقمي العالمي. ومن الجدير بالذكر أن الشركات متعددة الجنسيات والكبرى وبالأخص التكنولوجية والعملاقة اتجهت نحو الدول الأقل في الضرائب. وذلك نتيجةً لتدني نسبة الضرائب المفروضة وبالأخص ضريبة القيمة المضافة التي تعتمدها أكثر دول العالم. وهذا ما يجعل أرباح تلك الشركات تتدفق باتجاه الدول المستقبلة لها.

ولذلك تصبح بعيدةً عن اقتصاد دولتها التي نشأت وتطورت فيها، وتحمل جنسيتها. كما هو الحال في شركتي أمازون وغوغل التي تعد كلًا منها من أهم الشركات الرقمية الكبرى في العالم. مع الأخذ بالعلم أن هذا الاتفاق جاء بعد جائحة كورونا والهدف منه تحقيق نمو اقتصادي أقوى ومستدام. كما أن هذا الاتفاق يخفف من الآثار السلبية لانتشار فيروس كورونا عالميًا على القطاعات الاقتصادية. ولاسيما في الدول الصناعية التي كانت أكثر المتضررين من الفيروس.

ضريبة القيمة المضافة في الدول العربية

يقتصر استخدام ضريبة القيمة المضافة في دول الوطن العربي على 15 دولة عربية فقط. حيث كانت أعلاها في المغرب العربي 20% تلاها تونس والجزائر بنسبة 19%. في حين بلغت في السودان 17%، وفي موريتانية والأردن وفلسطين كانت 16%. بينما بلغت ضريبة القيمة المضافة في السعودية 15% و14% في مصر. أما في لبنان كانت 11%، وفي جزر القمر وجيبوتي 10%. في حين كانت أدناها في الإمارات والبحرين وسلطنة عُمان 5% فقط.

مع الأخذ بالعلم تفرض هذه الدول ضريبة القيمة المضافة على السلع لسد العجز المالي وأداء واجبات الدولة في أفضل حال. في حين لا نراها في بقية الدول العربية التي تستخدم نوعًا أخر من الضرائب وهو ضريبة الدخل. حيث تستخدمها دول مثل العراق وسوريا وليبيا، إذ تفرضها على دخل المواطن الشهري. ومن الجدير بالذكر أن باقي دول الخليج العربي قطر والكويت لا توجد فيهما أي ضرائب. إنما هي مجرد اتفاقيات مع دول مجلس التعاون الخليجي.

ضريبة القيمة المضافة في السعودية

تعد ضريبة القيمة المضافة في السعودية ضريبة غير مباشر تفرض على جميع السلع والخدمات المقدمة. حيث يتم تحصيل هذه الضريبة عن طريق عمليات البيع والشراء في مختلف المجالات. وذلك بحيث لا تؤثر الفروق الاقتصادية أو الاجتماعية على عملية تحديدها أو تحصيلها. ومن الجدير بالذكر أنها فرضت في بداية عام 2018م بنسبة 5%. ولا حقًا لذلك حدّثت السعودية قيمة الضريبة إلى 15% في عام 2023م. حيث كان الهدف من ذلك الحفاظ على اقتصاد السعودية من تأثيرات فيروس كورونا. بالإضافة إلى مجاراة الاقتصاد العالمي محاولةً بذلك مساواة هذه الضريبة مع غيرها من الدول. ويتم احتساب ضريبة القيمة المضافة في السعودية على المواد الغذائية والنقل المحلي. إضافةً لذلك العقارات بما فيها المباني التجارية والسكنية والتعليم والرعاية الصحية الخاصة. كما ويخضع قطاع النفط والمشتقات النفطية والغاز لهذه الضريبة وتوريد المعادن المعدة للاستثمار. ومن الجدير بالذكر تخضع الاتصالات والخدمات الإلكترونية والمالية لهذه الضريبة. وبالمقابل تعفى الخدمات الحكومية من ضريبة القيمة المضافة.

ضريبة القيمة المضافة في الإمارات العربية المتحدة

تتولى الحكومات المحلية في الإمارات العربية تقديم العديد من الخدمات العامة لمواطنيها. حيث تقدم لهم المستشفيات والطرقات والمدارس الحكومية والمنتزهات والشرطة. مع العلم تغطى تكلفة هذه الخدمات من الميزانيات الحكومية. وبالتالي تمثل ضريبة القيمة المضافة التي فرضتها الإمارات على السلع والخدمات المختلفة مصدر دخل جديد لها. ومن الجدير ذكره بدأت الإمارات بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% بداية عام 2018م. مع الأخذ بالعلم تعتبر هذه الضريبة جزءًا من الاستراتيجية الوطنية لإنعاش الاقتصاد المحلي وتنميته. إضافةً لضمان استمرار أفضل الخدمات لمواطنيها. حيث جاء فرض وتطبيق ضريبة القيمة المضافة لتخفيف الاعتماد على قطاع النفط. وذلك بعد حدوث الانهيار في أسعاره عالميًا فهو يمثل مصدر دخل رئيسي للإمارات ودول الخليج العربي. وبالتالي أدركت الإمارات أهمية تنوع الدخل القومي وضرورة الاعتماد على أكثر من مصدر في ميزانيتها الحكومية. بحيث لا يتعرض اقتصادها للانهيار في حال تعرض سوق النفط العالمي لتراجع وانهيار أسعاره.

ضريبة القيمة المضافة في البحرين

بدأت البحرين بتطبيق ضريبة القيمة المضافة في بداية عام 2019م بنسبة 5% كغيرها من دول الخليج العربي. حيث شملت هذه الضريبة كافة السلع الأساسية باستثناء المعفاة منها، وتشمل عددًا كبيرًا من السلع والخدمات. ويمكن ذكر أهمها كالتعليم، والصحة، والعقارات التجارية والسكنية، والمواصلات المحلية، وصناعة البترول ومشتقاته. مع الأخذ بالعلم أن البحرين ثالث دول الخليج التي تطبيقًا لضريبة القيمة المضافة. ومن الجدير بالذكر أنها أقرت زيادة نسبتها إلى 10% بداية عام 2023م. وذلك محاولةً منها لتوفير السيولة المالية للبلاد، لتعزيز وتنويع الإيرادات المالية غير النفطية. على اعتبار أنها تعتمد أيضًا على النفط في دعم ميزانيتها الحكومية، وتعتبره مصدرًا رئيسيًا للدخل. مع العلم أن البحرين تطبق ضريبة القيمة المضافة بشكل غير مباشر على الإنفاق الاستهلاكي. حيث يتم تحصيل هذه الضريبة في كل مرحلة من مراحل التوريد. وبالتالي يتحمل المستهلك النهائي تكلفة ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات التي يحصل عليها.

ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان

أعلنت سلطنة عُمان عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في عام 2023م. وبذلك تصبح رابع دولة خليجية تطبق هذه الضريبة. حيث تفرضها على مبيعات معظم السلع والخدمات المشترات من قبل المستهلكين داخل السلطنة. ولكنها استثنت السلع الغذائية الأساسية من هذه الضريبة. أضف لذلك قامت برفع عدد السلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة من 93 سلعة إلى 488 سلعة. وذلك لأسباب أهمها تخفيف العبء عن كاهل مواطنيها. ومن الجدير ذكره أن الحكومة ستستخدم هذه الضريبة لدفع تكاليف الخدمات العامة من مستشفيات ومدارس وغيرها. مع العلم أن هذه الضريبة تهدف إلى إعادة التوازن المالي للدولة التي تأثرت بهبوط أسعار النفط وتداعيات كورونا. مع العلم أن سلطنة عُمان بدأت قد أخرت تطبيق هذه الضريبة منذ عام 2018م. حيث اعتمدتها عام 2023م في محاولة لتعزيز الإيرادات الحكومية. إضافةً إلى تقليص عجز الموازنة بسبب انخفاض أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا.

ضريبة القيمة المضافة في قطر

صممت قطر نظامها الضريبي ليتناسب مع أنشطة الشركات المالية والدولية. حيث تعد قطر أول دولة في العالم تقوم بتسهيل دفع الضرائب. وعلى الرغم من كونها دولة خليجية لم تلتزم بتطبيق وفرض ضريبة القيمة المضافة على مواطنيها. بما معناه لا توجد ضريبة على دخل رواتب الأفراد. وهذا يعني أن الموظفين يحصلون على أجورهم ورواتبهم دون اقتطاع أي ضرائب. الأمر الجدير بالذكر تفرض قطر ضريبة قيمة مضافة سنوية ثابتة على الشركات فقط بنسبة 10% من دخلها. مع العلم أنها ضريبة غير مباشرة تفرض على مراحل إنتاج البضائع أو على الخدمات وتدفعها الشركات. وبالتالي لا توجد ضرائب أخرى يتم فرضها على الأفراد. بما معناه أن قطر هي إحدى الدول القليلة حول العالم التي تفرض نسب ضرائب طفيفة. وهذا الأمر يجعل منها بيئة عمل جاذبة للوافدين من الأفراد والشركات الأجنبية الراغبين بالاستثمار.

ضريبة القيمة المضافة في الكويت

اعتمدت الكويت بشكلٍّ أساسي على العوائد النفطية الهائلة لتمويل ميزانيتها وبناء اقتصادها. حيث يمول النفط في الكويت جميع جوانب الحياة من مشاريع إنشائية ضخمة ورواتب. ومن الجدير ذكره لا توجد في الكويت ضرائب مباشرة على المواطنين. وإنما هي مجرد اتفاقيات مع دول مجلس التعاون الخليجي بما يخص فرض ضريبة القيمة المضافة. حيث أن الكويت لم تفرض هذه الضريبة مطلقًا على الأفراد. وإنما هناك ضرائب تفرض على الشركات بنحو 4.5% من صافي أرباحها. مع العلم أنّ الكويت لم تطبق ضريبة القيمة المضافة لعدم وجود بنية تحتية لتطبيق النظام الضريبي. إضافةً إلى محدودية الخبرات المحلية المتخصصة بالضريبة. وبالتالي تحتاج الكويت لتحديث منظومة الضرائب فيها إضافةً إلى وجود نظام ضريبي خاص بها. وذلك بتوفير البنية التحتية للضرائب المباشرة وغير المباشرة. ويجدر بالذكر ستصبح ضريب القيمة المضافة عند تطبيقها في الكويت رافدًا هامًا لميزانية الدولة.

يتضح أخيرًا في نهاية هذا المقال أهمية فرض ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج العربي. حيث تعتمد هذه الدول على النفط فقط في تمويل ميزانيتها الحكومية. وبالتالي يشكل فرض ضريبة القيمة المضافة مصدر دخل أساسي في هذه الدول.