تلعب الإدارة دورًا مهمًا في تعزيز الإنتاج. وعلى الرّغم من أنّ السياسات الاقتصاديّة تساعد على تأمين الجوّ الاقتصاديّ المحفّز لزيادة الاستثمار، إلّا أنّه من مسؤوليّة الإدارة اكتشاف فرص الاستثمار المبشرة، وتحديد الخطط الاستثماريّة الملائمة، وتحمل المخاطر الناجمة عن النشاط. علاوة على ذلك، فإنّ التطوّر العلميّ وحده يمكنه توليد فرص تجاريّة جديدة، ولكن استغلال هذه الفرص، وطرح التقنيّات الحديثة للأسواق، والتنمية المستمرة لمهارات العاملين يتوقف على كفاءة رجال الإدارة.

بالإضافة إلى ذلك، وفي ظل الأحوال البيئيّة المتغيّرة، فإن الإدارة تنميّ الإنتاجيّة بالاستثمار في برامج التّعليم لتطوير مهارات العاملين للتكيف مع التّبدلات، والتّطورات التكنولوجيّة السريعة التي تقتضي مهارات أكبر من العاملين. ويرى البعض أنّ زيادة الإنتاجيّة في المؤسّسة الصناعيّة يحتاج من الإدارة عقد تعويضات العاملين، بقدر مساهمتهم في العمليّة الإنتاجيّة، وليس بحسب وظائفهم العليا، أو بقدر انتمائهم وإخلاصهم للشركة. وفي مقالنا هذا سنتحدّث عن ماهيّة إدارة الإنتاج، وأهدافها، وأهمّيتها، والمسؤوليّات المترتّبة عليها.

ماهي إدارة الإنتاج

تُعرف الإدارة المستخدمة في تعزيز الإنتاج بأنّها الطّريقة التي يصنع بموجبها المنتج بشكلٍ تامّ، بحيث تُنظّم فيها العمليّة الإنتاجيّة من حيث الكلفة، والوقت، والمجهود المطلوب. بالإضافة إلى ذلك، تحدّد فيها المواد الخام، أو المواد الأوليّة الضروريّة لهذا الغرض. مع العلم أنّه يوجد هناك أكثر من أسلوب لإدارة الإنتاج، والعمليّات الخاصّة بكلّ من البضائع والمنتجات. على سبيل المثال: هناك نظام الإنتاج المتقطع، والذي يعالج فيه كلّ جزء بشكل مختلف عن الآخر، الأمر الذي يستلزم كثافة عمل عالية، كما هو الحال بالنسبة للمنتِج الذي يصنع كلّ قطعة بمفردها. وهناك نظام إنتاج مستمر، وهو النظام المعروف في المصانع الكبرى، ويكون فيه الإنتاج على شكل خطوات متّصلة متتالية بطريقة واحدة نتيجة استثمار عالي في الأصول الثابتة، والأدوات، والمواد الأوليّة وغيرها.

ومن الجدير بالذكر، أنّ الإدارة الإنتاجيّة تعدّ المجال الذي يتناول استراتيجيّة الإنتاج والعمليّات، حيث يقع على عاتقه مهمّة تخصيص كيف، وأين سيستكمل إنتاج السّلعة والخدمة. بالإضافة إلى تعيّين مستوى التّكامل في العمليّات الإنتاجيّة، وتوزيع المصادر الماديّة.

أهداف إدارة الإنتاج

ينبغي أن تؤخذ أهداف الإدارة من الأهداف العامّة للمؤسّسة، وذلك بغية تعزيز الإنتاج، والحصول على سلع محدّدة بمواصفات، وكميّات معيّنة في وقت محدّد، وبأكبر قدر من الكفاءة. ومن الجدير بالذكر، أنّ هذه الأهداف تنقسم إلى نوعين رئيسيّن هما:

  • الأهداف الكمية: تشمل هذه الأهداف تحقيق أكبر كميّة ممكنة من الإنتاج باستخدام محدود للموارد المتوّفرة. حيث أنّ الإفراط في استعمال عناصر الإنتاج يؤثر على أرباح المشروع، وتكلفة إنتاج الوحدة، و بالتّالي على السعر الذي يطرح به المنتج. وهذا بدوره يضعف قدرة المؤسّسة على المنافسة، و زيادة الكفاءة الإنتاجيّة الجزئيّة والكليّة لها. بالإضافة إلى ذلك، تتضمّن هذه الأهداف تطوير طرق الإنتاج. على سبيل المثال: إدخال المؤسّسة تحسينات على الجهاز الإنتاجيّ، مثل: دراسة حركات العامل، ترتيب الآلات، والمناصب لزيادة كفاءة الأداء، بالإضافة إلى تحقيق أهداف الخطة الإنتاجيّة بتطوير أداء العمّال. إذ يعتبر الصانع هو العامل الأساسيّ في عمليّة الإنتاج، والمسؤول الأول على إحراز أحسن النتائج بأقلّ التّكاليف.
  • الأهداف النوعية: تتمثل هذه الأهداف في تحسين طرق ووسائل الإنتاج بما يتلاءم مع التّطورات الحديثة، وتطبيق مواصفات الجودة وتحسينها. الأمر الذي يدفع المستهلك إلى اختيار السّلعة، والإقدام على شرائها. بالإضافة إلى رفع الرّوح المعنويّة للأفراد، وإعطاء دوافع للعاملين بهدف تحقيق معدّل محدّد من الإنتاج بتكاليف أقلّ.

مسؤوليات إدارة الإنتاج

يمكن القول إن دور الإدارة في تعزيز الإنتاج يحمل أربع مسؤوليّات أساسيّة. وهذه المسؤوليات هي أن تُنتج البضائع، أو الخدمات المرغوبة إنتاجًا تتحقق فيه الشؤون التالية:

  • متطلبات الكميات: الكميّات اللّازم إنتاجها من السلع أو الخدمات.
  • متطلبات النوعية: نوعيّة الإنتاج المادي، أو الخدميّ المطلوبة.
  • التوقيت: إنجاز الإنتاج في الأوقات المحددة لذلك.
  • الطريق الاقتصادي: اختيار أفضل طريق اقتصادي لأنهاء المسؤوليات المطلوبة، وتطبيقه.

ولاشك أنّ مستلزمات الكميّات النوعيّة، وتواريخ الإتمام تعكس طلبات المستفيدين أيّ المستهلكين المشترين لهذه البضائع، أو الخدمات. ولتأمين هذه الطلبات يجب على إدارة الإنتاج أن تلتزم بقاعدة تخطيط فعالية الإنتاج قبل التاريخ الذي ستظهر فيه الطّلبات فعليًّا. وذلك لأسباب عديدة أهمّها: أنّه إذا لم تتواجد العناصر اللازمة للإنتاج لدى إدارة الإنتاج في الوقت الذي يقدّم فيه الطلب لكميات محدّدة. فمن غير المتوّقع أن يكون العنصر المطلوب محضّرًا في وقت التّسليم الذي يرغب فيه المشتري. لأنّ الوقت اللّازم للحصول على المواد، والأبنية، واليد العاملة، والتجهيزات غالبًا ما يتخطّى لدرجة كبيرة زمن التّسليم المقبول في العادة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك سبب آخر يجبر إدارة الإنتاج على الالتزام بقاعدة تخطيط فعالية الإنتاج. ألا وهو أنّ الإدارة التي تتلقّى عناصر الإنتاج وتستعملها فقط في الوقت الذي تكون فيه العناصر لازمة لإنهاء طلبات المستهلك الزبون، ستجد نفسها في أغلب الأحيان تنتج وتشتري في قياسات، وكميات غير اقتصاديّة، وتطبّق تقلبات كبيرة في الطّاقة الإنتاجية الضروريّة في أيّ لحظة زمنيّة. وهذا الأمر بلا شك سيوّلد كلف زائدة.

نتيجة لذلك، فإن كل إدارة إنتاج يجب عليها تطبيق تخطيط الإنتاج. وهذا التخطيط يضم تحويل تكهّن الطّلب على المنتجات أو الخدمات التي تقدّمها الإدارة التسويقيّة، إلى ضروريّات إنتاج متساوية في حال عدم وجود تغيير بين مخزون أول فترة ومخزون آخر فترة. وإلى لوازم هذه المتطلبات الإنتاجية من مكوّنات الإنتاج المختلفة.

دورة الإدارة في تعزيز الإنتاج

بعد معرفة دور الإدارة في تعزيز الإنتاج، دعونا نتعرّف على أهميّة إدارة الإنتاج والعمليّات، والتي تتمثل في كونها:

  • تساعد في وضع المهام المطلوبة لكل عمليّة من عمليّات الإنتاج. نتيجة لذلك، تطوير العمليّة الإنتاجيّة، ومرونة أدائها.
  • تعمل على تأمين كلّ الاحتياجات اللّازمة لعمليّة الإنتاج، مما يمنع تأخر العمليّة الإنتاجيّة أو عرقلتها.
  • تساعد في تقييم سير العمليّة الإنتاجيّة، للحصول على توصيات تساعد في زيادة كفاءة الشّركة والعمّال.
  • تعمل على وضع خطط مستقبليّة تساهم في زيادة الإنتاج.
  • تساهم في تعيين المصارف التي تُنفق فيها الموارد المالية بشكل دقيق. نتيجة لذلك، عدم تضييع الأموال في مصارف غير مؤهلة.
  • تعمل على تحسين فعالية العاملين، وتأمين الكفاءات الضروريّة لزيادة القدرة الإنتاجيّة للشركة.
  • تساعد في خفض الكلفة الماليّة للمخرجات. وذلك عن طريق تأمين وسائل تربط ما بين الميزانيّة المعروضة، والجودة المطلوبة.
  • لها دور مهم في تنمية الوسائل التكنولوجيّة بشكل يخدم مصلحة الشركة والعاملين فيها.

في الختام يمكن القول إنّ تحقيق زيادة الإنتاجيّة هو المحدّد الأساسيّ لمستوى أفضل من المعيشة. فالدول التي تحقق نسبة عالية منها، نجد فيها مستوى متطور من المعيشة مقارنة بالدول الأخرى. فقد أصبحت الإنتاجيّة العمود الفقري للتطور الاقتصاديّ الوطنيّ لأيّ بلد.