علاقة العنف في إخفاق التّنمية البشرية المستدامة في الدّول العربيّة

 العنف ظاهرة قديمة عُرفت منذ العُصور القديمة. ولكنّها أضحت أكثر شيوعًا في عصرنا، وخير دليل على ذلك تداولها في الوسائل الاعلاميّة التي تتكلّم على مواضيع خاصة بالعنف مثالاً على ذلك العنف الأسري، العنف الاقتصاديّ، العُنف اللّفظي، العنف الاجتماعيّ…

فما هو التّعريف المُفصّل للعنف، وما أثره على تأخّر عمليّة التنّمية البشرية في الدّول العربيّة ؟ وهل من حلول لتخفيف وطأة العنف؟

ما هو العنف

العنف هو سلوك يؤذي الآخرين سواء أكان العنف جسدّيًا أم نفسيًّا، أم لفظيًّا.

كما أنّ للعنف نتائج سلبيّة  تنعكس على نفسيّة الفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.

أشكال العنف في الدّول العربيّة

يتمظهرُ العنف في المجتمعات العربيّة وفق أشكال عديدة تتجلّى وفق ما يلي:

  • العنف المباشر الذي بدوره ينقسمُ إلى قسمين:
  • العنف اللّفظي ( ألفاظ جارحة، نبرة عالية، صراخ قويّ…).عنف الجسديّ ( ضرب- تعذيب- استخدام السّلاح).
  • العنف  غير المباشر الذي يُقصد به اللامبالاة والتّراخي والكسل والاهمال تجاه الآخرين(أفراد الأسرة،زملاء العمل، الأصدقاء…)

أسباب العنف في المجتمعات العربيّة

هناك العديد من العوامل المسببّة للعنف وتتجلّى هذه الأسباب على الشّكل الآتي:

  • العامل الذّاتيّ:  الذي  يرتبطُ ارتباط وثيقًا في شخصيّة الأفراد في المجتمعات العربيّة.

وهذا العامل الذّاتي يتأثّرُ أيضًا بعوامل خارجيّة تنعكس على نفسيّة الأفراد؛ منها:

  • الشّعور بالاحباط جرّاء الحروب والأزمات الاقتصاديّة.
  • عدم القدرّة على الاستقلالية التامة والتّحرر وبشكل خاص لدى الفتيات،وهذه النّزعة تبدأ منذ الصّغر وتزداد في مرحلة  المراهقة، وهذه النّزعة تُرفض في غالب الأحيان من الأهل والمجتمع.
  • عقدة النّقص والشّعور بالحرمان العاطفي .
  • العامل الخارجيّ: وُيقصد به الأسرة وصولا إلى المجتمع. وهذا العامل قد يُسبّب انتشار العنف  في الدّول العربيّة  وذلك لأسباب عديدة منها:
  • التّفكك الأسريّ، مّما يؤثر على سلوك الأفراد، مع العلم أنَّ الدّول العربيّة تهتّم كثيرًا بالعائلة، وهذا التّفكك قد يُحدثُ خللاً مما يؤدي إلى عنف.
  • المجتمعات العربيّة تحاول تبنّي سياسية اللّوم، وتَبتعِدُ عن دورها الأساسي ألا وهو التركيز على دور  الموجّه والمرشد، فالفرد لا يَسْلَمُ من التّعنيف اللّفظي حين يُخطئ، ممّا قد يجعل الأفراد أكثر عدوانيّة تجاه بعضهم البعض.
  • التّفاوت الطّبقي في المجتمعات العربيّة،الذي  يؤدي إلى نشوء خلافات وعنف بين الأفراد.
  • الإعلام: يُساهم الإعلام بِشكلٍ كبير في انتشار العنف ذلك لأنّه يُبالغُ في تصويره ويَعتبرهُ سلوكًا مثيرًا للتشّويق، وذلكَ من خلال انتشار العديد من البرامج والأفلام والمسلسلات؛ حتّى أضحى هذا النّوع مطلوبًا ومرغوبًا لدى الأفراد.
  • الفقر والبطالة: يُؤثّر الفقر والبطالة سلبًا على المجتمع ويزيدان من العدوانيّة والعنف، ذلك لأنّ الفقير يشعر بدونيّة، لذلك يُحاول تَعنيف الآخرين لعلّه يُقلّلُ من وطأة اليأس والحزن القلق.

الآثار السلبيّة للعنف التي تُعيق التنّمية البشريّة المستدامة في الدّول العربيّة

  • ازدياد في عدد الوَفَيات، حتّى أنّ نسبتها قد تزيد عن نسبة في المئة سنويًّا . وهذا الأمر يؤدْي الدّول العربية إلى  تكاليف إضافيّة بغية  المعالجة الصّحيّة.
  • ظهور أمراض نفسيّة (العزلة-عدم تَقبّل الذات…)، وهذا الأمر يَجعلُ  هؤلاء الأفراد أشخاصًا غير فاعلين، وهذا الأمر يحدُّ من القدرة الانتاجية للدّول العربيّة.
  • انعدام المسؤوليّة بين أفراد الأسرة وتَفكّك روابطها.
  • تزعزع الأمن الاجتماعي الذي قد يؤدّي إلى حروب أهليّة، وهذه الحروب تُعيق  تطوّر التنمية البشريّة بشكل سريع ومتوازنٍ.

كيف نُحارب ظاهرة العنف في الدّول العربيّة

لتّخلّص من ظاهرة العنف لا بُدَ من اتبّاع الخطوات الآتية

  • فرض العدالة الاجتماعيّة بين جميع المناطق في الدّول العربيّة، هذا الأمر يحدُّ من وطأة الفقر الذي قد يؤدي إلى عنف وعدوانيّة لدى الطبقات الاجتماعيّة الأكثر فقرًا. وذلك من خلال توفير الخدمات الأساسيّة بالتّساوي في جميع المناطق( كهرباء- تعليم- طبابة…). ومساعدة الأفراد الحصول على عمل كريم  مناسب لقدراتهم الفكريّة والانتاجيّة.
  • خلق تنمية تربويّة فاعلة، والابتعاد من التّعليم التّلقيني، وتَخصيصُ حِصص تُعلّم أهميّة المحبّة والرّحمة والابتعاد من العنف والعدوانيّة، واستخدام المنطق والحوار لحلّ المشاكل.
  • خلق إعلاميّ فاعلٍ هدفه التّوعية والتّثقيف وبناء أسرة سليمة بعيدة من العنف.

في ختام المقال نؤكّد ضرورة ترسيخ الحقوق الاجتماعيّة  والتركيز على أهميّتها في الدّول العربيّة، حتّى يتمكّنَ الأفراد الابتعاد من العنف، ونشر ثقافة  المحبّة والرّحمة بين الأفراد.