إن الإقدام على أي مشروع جديد سيتخلله العديد من العقبات والتحديات، وكذلك الأمر بالنسبة لتربية النحل. فإن هذا المجال رغم بساطته نظريًا إلا أنه يلاقي العديد من التحديات التي تستلزم الصبر والقدرة المميزة لتجاوزها، وصولًا للعسل المُنتج. في مقالنا هذا سنتحدث عن هذه التحديات، وسنطرح لها حلولًا منطقية، متأملين أن نساعدك ولو بدفعة صغيرة للدخول في هذا المجال، ولكن أولًا دعنا نلقي نظرة عن تربية النحل.

مشروع تربية النحل

يقوم مشروع تربية النحل على أساس توفير المسكن والبيئة المناسبين للنحل، من أجل استخلاص العسل منهم وما يوجد من منتجات قد تفيد. ويمكن أن يُقام المشروع في أي بيئة أو وسط ولكن بشرط أن يحوي العناصر الأساسية للخلية، كالزهور وما إلى ذلك.

تعرَّف الإنسان على العسل منذ قديم الزمان، وحاول أن يتحصَّل عليه من النحل المقاوِم، لذا فالعملية كانت صعبة ويتخللها لسعات عديدة. إلى أن اُكتشِفَ دور الدخان في ضبط النحل وطوروا أقنعة واقية وذلك بحلول القرن السابع عشر. ومنذ ذلك الوقت إلى القرن التاسع عشر اُكتشِفت أساسيات تربية النحل كدراسة مملكة النحل وتقنية التزاوج الفضولي. كل ذلك أدى لازدهار تربية النحل في العالم.

تحديات مشروع تربية النحل

تختلف التحديات التي تواجه مشاريع تربية النحل باختلاف الدولة المقصودة. سنتكلم هنا عن أبرز التحديات المُشاهدة في تربية النحل، مركزين على مشاكل وطننا العربي:

المبيدات الحشرية

إن للمبيدات تأثير قاتل على النحل. فإذا اُستخدم عشوائيًا دون حسيبٍ أو رقيب سيفتك بالنحل ويقتله. وسترى أكوام النحل الميت في الخلية.

الآفات المعدية

يصيب النحل العديد من الآفات التي تضم:

  • الأمراض الفيروسية: يمكن أن يصيب النحل أنواعًا مختلفة من الفيروسات. ويُعتبر مرض تكيّس الحضنة أول مرض فيروسي مُسجَل في الأدب العلمي وذلك في عام 1913. وسجل أكثر من 20 نمط فيروسي آخر تباعًا خلال السنوات المُنصرمة. وتشمل أشهر هذه الأنماط، فيروس الجناح المشوه (DWV)، وفيروس خلية الملكة السوداء (BQCV)، بالإضافة لفيروسات الشلل. ولكن معظم الإصابات الفيروسية ليست بالخطيرة، وإذا كانت الأمور الصحية للخلية جيدة فستمر الإصابة دون أي عراقيل غالبًا.
  • الأمراض الطفيلية: إذا أردنا التحدث عن الطفيليات فلا يوجد أشهر من سوس الفاروا، الذي ينتشر في كل مكان ويقضي على أعشاش النحل أينما حلَّ. وهو عبارة طفيلي صغير الحجم يتراوح لونه بين الأحمر والبُني. ويتغذى على النحل واليرقات في الخلية السداسية. إذا استمرت الإصابة بهذا الطفيلي، فمن الممكن أن يكون مصير الخلية الهلاك. 
  • مرض النوزيما: وهو مرض تسببه إحدى الآفات التي يُسمى بالمُسقِمة النحليّة. يهاجم الملكة والعاملات من النحل، ويعيق قدرتهن على الطيران، وبالتالي تتأثر جودة العمل لكل الخلية.

الأحوال الجوية

تعاني المناطق العربية من التجفاف الذي يؤثر بشكل مباشر على تربية النحل. هذا فضلًا عن ظاهرة الاحتباس الحراري والتي تعد مشكلة عالمية تؤثر على إنتاج العسل في كل مكان.

النحل المستورد

يشكل استيراد العسل عائقًا كبيرًا أمام النحالين العرب، باعتبار أن هذا العسل المستورد من تركيا والصين ودول أمريكا الجنوبية وإلى أخره، سيكون أرخص من العسل الوطني ولكن لا يكافئ جودته وهنا تكمن المشكلة.

المعدات

تتميز المعدات في الدول العربية بالقِدم وعدم الكفاءة، وهذا ما يجعل النحالين غير قادرين على منافسة نظائرهم في الدول المُنافسة.

اليد العاملة الشابة

إن هذا المجال فقير بالشباب، وذلك لاعتباره من الأعمال المملة والتي لا تناسب جيلهم.

الحلول المطروحة لتحديات مشروع تربية النحل

يوجد نقاط يجب اتِّباعها في سبيل الحد من التحديات التي تواجه مشروع تربية النحل:

  • المبيدات الحشرية: يجب الحرص على اتِّباع ما يلي عند استخدام المبيدات:
    • محاولة تجنُّب استخدام المبيدات الحشرية في موسم تزهير النباتات. ففي هذا الوقت يجمع النحل الرحيق من هذه الأزهار.
    • إن كان ولابدّ، فمن الأفضل اللجوء للمبيدات ذات الضرر الضيئل أو المعدوم على النحل، مثل مبيد “بريمو”.
    • محاولة تطبيق المبيدات ليلًا أو في الصباح الباكر، أي في الوقت الذي يكون فيه النحل موجود في الخلية.
    • إغلاق الخلية بإحكام عند رش المبيدات.
  • الأمراض المُعدية: إن للأمراض المعدية توصيات واحدة، تشمل:
    • تجنُّب نقل الإطارات التي يبدو أنها تحمل المرض للخلايا الأخرى.
    • نقل النحل إلى خلايا جديدة في حال التأكد من الإصابة.
    • تنظيف الإطارات بشكل مستمر، ورشها بالكحول.
    • تقديم الغذاء عالي الجودة للنحل.
    • تبديل الإطارات القديمة، باستمرار وبشكل سنوي.
    • استخدام مصيدة الفاروا، أو يمكن اللجوء للأدوية الكيميائية المُطهرة للديدان.
    • يمكن تجنب الإصابة بمرض النوزيما عبر تقديم غذاء مُركَز سهل الهضم.
  • مشاكل اليد العاملة والعسل المُستورد: من الأفضل هنا أن تقدم الحكومات المعنية يد العون، عبر:
    • توفير تسويق جيد للعسل المحلي، مما يجعله منافسًا للعسل القادم من الخارج.
    • دعم قطاع تربية النحل، من أجل تشجيع الشباب على الإقدام إليه.
    • توفير المعدات الحديثة للمزارعين.
    • توفير غطاء نباتي جيد.

التحديات التي تواجه المبتدئين

إن البدء بأي مشروع، سيُصادف المشاكل والعقبات، وها نحن سنتحدث عن تلك المُتعلقة بتربية النحل:

  • مصادر المعلومات: مثله مثل أي نشاط آخر، فإن نشاط تربية النحل يلزمه مصدرًا للمعلومات يكون موثوق. وذلك لتجميع قدر كافي من المعرفة قبل البدء بأي خطوة. لذا بالنسبة لتربية النحل فإن هناك قِلة بالمصادر المُعتمدة، وذلك لأن الخبرات غالبًا ما تكون متوارثة.
  • اختيار أول خلية: بعد تحصيل المعرفة الكافية، تظهر العقبة التالية وهي نوع خلية النحل. قد تسمع بمئات الأنواع المُنصوح بها، هنا يجب أن تكون حازم وتتخذ قرراك دون تردد.
  • مكان الخلية: إذا كان لديك بستان مليء بالأزهار فلن يكون اختيار المكان صعب. ولكن في حالة ندرة الربوع الخضراء هنا تكمن المشكلة، وستكون مهمتك البحث لأميال عن المكان الأنسب لتربية النحل.
  • صحة خلية النحل: يجب مراقبة الصحة العامة للخلية باستمرار، فبقدر سهولة تربية النحل، بقدر ما تحتاج الخلية للمراقبة المستمرة، بهدف تجنب العدوى بالأمراض الفيروسية والطفيلية آنفة الذكر، والتي قد تفتك بمعظم أفراد الخلية.
  • العرض والطلب: إذا كنت تربي النحل للتجارة، فستكون أمامك عقبة إضافية وهي عرض عسلك في السوق بالطريقة المُثلى. وذلك يتطلب قدرة تسويق جيدة، لكي يدخل عسلك مجال المنافسة.

وفي الختام، نريد أن نؤكد أن تحديات تربية النحل رغم هول اسمها، ستمر دون أية عراقيل إذا أحسنا التصرف والتدبير. لذلك حدد هدفك وابدأ بمشروعك المثمر والممتع.