يعد الفصل ما بين الإنتاج والتسويق من أهم المفاهيم التي يجب أن تركز عليها المؤسسات التجارية، حيث يعتبر التسويق والإنتاج مفهومين مختلفين. كما يمكن وصفهما بأنهما نظام إدارة للمؤسسة. فنجد الشركات ذات الطابع التسويقي والشركات ذات الطابع الإنتاجي. لذلك تعد الخطوة الأولى للمؤسسة لبناء كيانها هو تحديد طابعها، هل هو تسويقي أم إنتاجي؟
تستند المؤسسات الإنتاجية في إدارتها على الإنتاج الضخم الذي يغطي حاجة السوق، لذلك من الممكن أن يتعرض هذا النوع من المؤسسات للخسارة الكبيرة في حال تغيرت رغبة وميول السوق. بينما تعد الحملات الإعلانية هي السلاح الفعال للمؤسسات التسويقية، حيث أنها تعتمد الدعاية والإعلان لإبراز منتجاتها. وبغض النظر عن جودة المنتج إلا أن الحملة الإعلانية قد تكون عامل جذب لعدد كبير من العملاء. وفي هذا المقال سنقدم بعض أساسيات الفصل ما بين التسويق والإنتاج.

مفهوم التسويق 

يحمل التسويق أكثر من معنى حيث ينظر إليه من وجهات نظر مختلفة، فمن حيث أنواع السلع أو الخدمات، يوجد سوق المنتجات الزراعية، وسوق السيارات، وسوق الكيماويات، وسوق الأجهزة الكهربائية وغيرها. أما من حيث رواد السوق، يوجد السوق الاستهلاكية والسوق الصناعية، ومن حيث مكان وجود السوق، فهناك سوق محلي وسوق عالمي.
وعمومًا يعرف التسويق على أنه مجموعة النشاطات التي تعتمد على حنكة وذكاء المسوق، بحيث يكون قادرًا على التنبؤ بميول ورغبات العملاء، بحيث يعمل على توفيرها لهم بأسلوب جميل ومرتب، متبعًا أفكارًا وخططًا مدروسةً وذلك لكي ينمي الولاء لدى العميل ويحقق أهداف المؤسسة بالحصول على الربح، وجذب أكبر عدد ممكن من العملاء والمحافظة عليهم، وكذلك بناء سمعة طيبة للمؤسسة.

مفهوم الإنتاج 

يعد الإنتاج بمفهومه العام عمليةً تحتاج إلى ثلاثة عناصر لإتمامها وهي المدخلات، والمخرجات، والموارد. حيث تطبق سلسلة من الخطوات تساهم في تحويل المواد الخام إلى منتجات يستفيد منها الأفراد في المجتمع. ويعرف الإنتاج بأنه صناعة شيء معين أو خلقه باستخدام أشياء أخرى. حيث يعتمد الإنتاج على مجموعة من الأدوات والوسائل المختلفة من أجل تحقيق الهدف الرئيسي وهو الحصول على المنتج المطلوب. أي أن الإنتاج خطوة مهمة في سلسلة عمليات الحصول على المنتج أو الخدمة وبيعه للمستهلك.

أهداف التسويق

تتمحور أهداف التسويق حول الزبون، وهنا يمكننا الفصل ما بين الإنتاج والتسويق، حيث تكرس عملية التسويق لإقناع الزبون وجذبه بالدرجة الأولى. ويمكن تلخيص أهداف التسويق بما يلي:

  • إشباع حاجات ورغبات المستهلك والحصول على رضاه من خلال دراسة سلوكه والعوامل المؤثرة في عملية اتخاذ قرار الشراء لديه.
  • الحفاظ على المستهلك وإقناعه بأن السلعة أو الخدمة التي تقدمها المؤسسة هي الأفضل والأقدر على إشباع حاجاته ورغباته.
  • وضع خطة تسويقية للحصول على ربح قليل في البداية لتحقيق الربح الكبير والأوفر في المستقبل، وكذلك مراعاة القناعة والرضا للمستهلك لأنه أساس نجاح المؤسسة.
  • التنبؤ بالطلب والمبيعات من خلال معرفة رغبات وحاجات المستهلكين.
  • دراسة القدرات والإمكانيات لدى المؤسسة.
  • الحفاظ على القدرة التنافسية للمؤسسة وتقويتها.

أهداف الإنتاج

تتمثل أهمية الانتاج على مستوى الأفراد في المجتمع أو الشركات بالتالي:

  • العمل على تلبية أساسيات الحياة للإنسان كالطعام والمسكن والملابس.
  • تأمين المستلزمات التي يحتاجها الانسان في حياته اليومية كالأدوات التي يستخدمها لتسهيل حياته.
  • رفع مستوى الأفراد العاملين في المؤسسة والعمل على تطوير خبراتهم وتنمية مهاراتهم في مجال الإنتاج والصناعة.
  • تأمين كوادر عاملة تتمتع بالخبرة والمؤهلات اللازمة للدخول في عملية الإنتاج، وذلك لضمان نجاحها.
  • زيادة المردود المادي للشركات المنتجة وأيضًا زيادة خبراتها في مجالات الإنتاج والمبيعات.
  • تحقيق الدعم والنمو الاقتصادي للبلد المنتج، حيث أن الإنتاج يزيد من قدرة وإمكانية البلد المنتج على التطور والرفاهية وإشباع الاحتياجات المحلية دون الحاجة للاستيراد وحتى القدرة على التصدير.
  • تأمين فرص عمل جديدة في حال نجاح العملية الإنتاجية.

الفصل ما بين التسويق والإنتاج

يختلف التسويق عن الإنتاج في بعض الركائز الأساسية والتي تعتبر نقطة الفصل بين المفهومين، ومن أهم عوامل الفصل:

الفصل ما بين الإنتاج والتسويق من خلال الهدف الأساسي

يتجه التركيز الأساسي لمؤسسة ذات طابع إنتاجي على زيادة إنتاجها إلى أقصى حد. حيث تعتبر المؤسسة ناجحةً عندما تصنع أكبر قدر ممكن من المنتجات وبأرخص الأسعار. بينما تركز المؤسسات ذات الطابع التسويقي على المستهلك بشكل أساسي، حيث تستجيب المؤسسات ذات الطابع التسويقي إلى الإنتاج حسب مطالب المستهلكين الأساسية في السوق.

الفصل ما بين الإنتاج والتسويق من خلال نهج العملاء

يبرز الفصل ما بين الإنتاج والتسويق في نهج العملاء من خلال التركيز على احتياجات العميل. حيث أن الشركات ذات الطابع الإنتاجي لا تعطي اهتمامًا كبيرًا لاحتياجات عملائها، إنما تركز بالدرجة الأولى على إنتاج الحد الأقصى من المنتجات، وفي حال كان العملاء غير راضيين عن منتجاتها، تبحث عن مجموعة جديدة من العملاء بدلًا من تغيير منتجها. بينما تركز المؤسسات ذات الطابع التسويقي على احتياجات عملائها بالدرجة الأولى، حيث أنها قد توقف إنتاج المنتجات القديمة وتبدأ بإصدار منتجات جديدة بناءً على احتياجات المستهلكين ورغباتهم.

الفصل ما بين الإنتاج والتسويق من خلال الدعاية والإعلان

لا تعطي المؤسسات ذات الطابع الإنتاجي أهميةً كبيرةً للحملات الإعلانية، حيث أنها تكتفي برضا عملائها المحددين عن منتجاتها وخدماتها ومقدرتهم على تحمل تكاليف شرائها، فتعمل على الإنتاج بكثافة، إنما تعتمد المؤسسات ذات الطابع التسويقي على الحملات الإعلانية بشكل أساسي، حيث أنها ومن خلال هذه الإعلانات تحاول إقناع العميل بأهمية منتجاتها وفعاليتها لشرائها دون منتجات المنافسين الآخرين.

الفصل ما بين الإنتاج والتسويق من خلال تاريخ النشأة

ظهر التوجه الإنتاجي للمؤسسات في بداية القرن العشرين حيث كانت المنتجات نادرةً، ونسب المبيعات عاليةً، وهذا ما جعل مجال الإعلان والتسويق غير ضروري، حيث كانت الطريقة الوحيدة لتحقيق الربح هي تصنيع الكثير من المنتجات بأقل تكلفة ممكنة. وخلال الستينيات ظهر التوجه التسويقي حيث كانت العديد من الشركات تصنع نفس أنواع المنتجات، وكان بإمكان العملاء الاختيار بينهم، لذلك لجأت الشركات إلى تمييز نفسها عن منافسيها من خلال العلامات التجارية والإعلان لتحقيق الشهرة لمنتجاتها، لتحقيق أكبر نسب مبيعات بين المنافسين.

في ختام المقال، نجد أن الفصل ما بين الإنتاج والتسويق واضح، حيث أن لكل منهما سياسة معينة يتبعها مع عملائه. ولا بد أن لكل منهما إيجابياته وسلبياته. ويبقى القرار الأخير للعميل في تحديد تعاملاته وفق أسس معينة تناسبه.