الوقت هو الحياة، وهو فضاء الاتصال بالرب وبالعبد والذات والمحيط، لذلك فإن استثمار الوقت وتنظيمه ضرورة في
هذه الحياة، ومن الناس الرابحون والخاسرون، فمن استغل وقته في طاعة الله هو الفائز، ومن يضيعه فقد خسر. فماذا نقصد باستثمار الوقت وإدارته؟

مفهوم استثمار الوقت وتنظيمه

يمكن تعريف استثمار الوقت على أنه الاستخدام الحكيم لكل ثانية من يومك، لأهمية استثمار الوقت في حياة الإنسان،
وطبعًا فإن الأمر يتعلق بمجموعة من التقنيات والخطوات، والحيل العقلية والنفسية التي تمكنك من استثمار الوقت استثمارا جيدا.

أضرار إضاعة الوقت

إن أخطر مصيبة تتعرض لها الأمم والأفراد هو محنة إضاعة الوقت مما يعني خسارة في الأرواح. لأن كل خسارة يتم
تعويضها إلا الوقت الذي يقضيه، يتم استعادة المال، واستعادة الهيبة، واستعادة المرأة، واستعادة السيارة، إلا أن الوقت قد مضى.

قال الحسن البصري: يا ابن آدم، إنما أنت أيام إذا مضى يوم مضى بعضك، وإذا مضى بعضك مضى كُلك.كما أن قلب الإنسان ينبض ويقول له: “الحياة بضع دقائق وثواني”

إن عدم استثمار الوقت وتنظيمه وإدارته والتخطيط له يعني الفشل الحقيقي في الحياة، وخسارة أثمن عملة يملكها الإنسان.

أسباب ضياع الوقت

الجهل بقيمة الوقت

الغالبية العظمى لا تعرف القيمة الحقيقية للوقت، وهذا هو السبب في أنك غالبًا ما تراه ضائعًا، على الرغم من أننا
نكرره كثيرًا: الوقت هو الحياة، الوقت مضى، الوقت مثل السيف إذا لم تقطعه قطعك.

عدم تحديد الهدف في الحياة

من أهم سبل استثمار الوقت وتنظيمه تحديد هدف في الحياة، والعمل على تحقيقه، لكن قلة من الناس يعرفون هدفهم
في الحياة، وعدد أقل يعرفون ويخططون لتحقيق تلك الأهداف، والعديد من أولئك الذين يخططون يتعثرون ويفشلون في تحقيق ما يريدون!

وقد كان جمال الدين القاسمي، رحمه الله ، يمشي أمام مقهى، فيراهم يلعبون ويمرحون، فيصرخ: لو أن  هؤلاء الناس
يبيعون لي وقتهم، ليس لدي وقت للنوم أو الأكل”

عدم الاهتمام بالوقت

أولئك الذين يفحصون أحوال المسلمين اليوم سيجدون أن من بين أسباب فشلهم في قيادة الإنسانية إلى ما هو مفيد للعالم والآخرة – عدم اهتمامهم بالوقت أو سوء التخطيط لتشغيله، أو إضاعته لتحقيق أهداف لا تتناسب مع ما وصفه الله تعالى. 

ويعتقد المفكرون أن من أسباب تفوق العالم المتقدم، هو التخطيط الجيد لاستغلال الوقت لتحقيق أهدافهم من الشر أو الخير، وهم يربون أطفالهم على ذلك، ويغرسون فيهم حب التخطيط والتنظيم والاستعداد.

إغفال المنهج الديني في تنظيم الوقت

اهتم المنهج الديني كثيرًا بفكرة استثمار الوقت وتنظيمه. إن من بين ما يسألنا الله تعالى عنه يوم القيامة فيما أضعنا وقتنا، وفيما استثمرناه، ولم صرفنا وقتنا على ما لا ينفع. يعلم الجميع أنه ميت، لكن قلة تعتقد أنه مسؤول عن الوقت الذي قضاه عندما يلتقي بالله القدير. 

حيل العقل للحفاظ على الوقت

ربما تساءلت عن مفهوم الحيلة التي يلعبها عقلك لتجنب فعل ما تخطط له. سنقدم لك أدناه شرحًا لهذه الخدعة وستكتشف بنفسك أن هذا هو ما يحدث بالفعل.

يعمل العقل دائمًا على توفير الراحة لجسمنا، لأنه يقنعك دائمًا بضرورة إراحة جسمك عندما يكون تحت تأثير ضغط معين، لذلك عندما تدرس أو تعمل وتبدأ في الشعور بالتعب، فإن عقلك سريعًا يخدعك. ويبدأ في الخروج بأفكار قد تشتت انتباهك. لماذا ا؟ 

لمجرد أنه لا يحب الضغط، فهو يدفعك دائمًا للتخلي عن الاحتياجات المهمة ليومك والراحة وإضاعة الوقت بحجة أنه لا يزال لديك الكثير من الوقت أو أن الموعد النهائي لتسليم مشروع أو إكمال مهمة هو لا يزال طويلا.

إذا كنت ترغب في التغلب على هذه الحيلة الذهنية، واستثمار الوقت وتنظيمه فعليك أولاً أن ترى يومك بكل تفاصيله، حيث نوصيك بترك دفتر صغير في جيبك يوضح يومك والمهام التي تريد إنجازها. لاحظ الوقت المستغرق لإكمال كل منها. عزيزي القارئ، عندما تقرأ هذه الجملة، سيقنعك عقلك بأنه ليس لديك دفتر ملاحظات أو أننا ما زلنا في منتصف اليوم وسنبدأ بالتأكيد غدًا! احذر من خدعة العقل وابدأ على الفور.

في الختام نقول إنه من الضروري جدا أن يتعلم الإنسان استثمار الوقت وتنظيمه، لأن هذا هو السبيل الوحيد والحقيقي للنجاح في الحياة، والفوز في الدارين، لذلك عليك الحذر الشديد من إضاعة وقتك.