إن كنت مهتمًا بدخول عالم التجارة والاقتصاد، أو إن كنت تهدف لمعرفة المزيد حول العوامل المؤثرة بالأسواق، سيتعين عليك معرفة العديد من المصطلحات الاقتصادية، كمعنى المرونة في الاقتصاد، الطلب، العرْض، والتسعير. وأهمها مصطلح “مرونة الطلب”.

يعتبر فهم معنى مرونة الطلب أمرًا في غاية الأهميّة إن كنت صناعيًا أو منتِجًا لسلعة معينة، أو مهتمًا بمراقبة حركة الأسعار في الأسواق بشكل عام ليساعدك في تسعير سلعك بشكل دقيق يعود عليك بالأرباح، أو فهم طريقة التسعير والعوامل المؤثرة فيها. ماهي مرونة الطلب؟ وما أنواعها؟

مفهوم مرونة الطلب

مرونة الطلب هي مصطلح في علم الاقتصاد يتألف من جزئين، “مرونة” وتعني استجابة المتغير التابع، للمتغيرات المؤثرة فيه. و”الطلب”، يعني الرغبة في شراء السلع الموجودة في سوق معين وفي وقت معين. أما عن “مرونة الطلب” فهي تعني مقياس التغير في الكمية المطلوبة لمنتج معين استجابة لتغير عامل معين من عوامل السوق، مثل: السعر أو الدخل أو أسعار المنتجات البديلة أو المكملة، أو حتى أذواق المستهلكين. وفي سياق آخر هي النسبة المئوية لتغير الكمية المطلوبة مقسومة على النسبة المئوية لتغير عامل مؤثر آخر.

أنواع مرونة الطلب

يتأثر الطلب على سلعة معينة بعدة عوامل، نذكر منها: سعر السلعة، مستوى الدخل، أسعار السلع المنافسة، أذواق المستهلكين، التوزيع الجغرافي، حالة التبادل التجاري، المناخ والطقس.

وبالتالي، ووفقًا للتعريف الذي ذكرناه سابقًا، ستتعدد أنواع مرونة الطلب. لكن أكثر العوامل تأثيرًا بمرونة الطلب هي: سعر السلعة، سعر السلع المنافسة، والدخل، وأذواق المستهلكين. وبالتالي سنقسمها إلى أربعة أنواع رئيسة هي: مرونة الطلب السعرية، مرونة الطلب المتقاطعة، مرونة الطلب المرتبطة بالدخل، ومرونة الطلب التعزيزية. إضافةً إلى عدة تصنيفات وأنواع أخرى. سنذكرها بالتفصيل، فيما يلي:

مرونة الطلب السعرية

أي المتغير هنا هو السعر. وسواء تغير صعودًا أو نزولًا، فإن ذلك سيؤثر على الكمية المطلوبة للمنتج. إذاً، يستخدم هذا المقياس لدراسة التغير في الكمية المطلوبة عندما يحدث تغير في السعر. ويعبر عنه بالمعادلة الرياضية التالية:

مرونة الطلب السعرية (PED)= التغير النسبي في الكمية المطلوبة ÷ التغير النسبي في السعر.

فإذا كان الناتج أكبر من الواحد، فهذا يعني بأن التغير في السعر صعودًا يؤدي لانخفاض الطلب، وهذا ما نلاحظه في السلع الكمالية أو الترفيهية. وفي حال كان ناتج المعادلة أصغر من الواحد، فهذا يعني أن تغير السعر لا يؤثر بشكل كبير على كمية الطلب، ونراه في السلع الضرورية والأساسية. وفي كان حال الناتج مساويًا للواحد، فهذا يعني أن التغير في السعر سيصحبه تغير في الكمية المطلوبة مناسب لهذا التغير في السعر. وعندها تدعى بمرونة الطلب المتكافئة.

مرونة الطلب المتقاطعة

والمتغير هنا هو أسعار السلع البديلة أو المنافسة، ونرى هذا النوع من التغيرات في الأسواق المليئة بالمنتجات والشركات المتنافسة. وبالتالي الكمية المطلوبة من سلعة معينة لا تعتمد فقط على توافر السلعة وسعرها وجودتها، بل على مواصفات السلع المنافسة أيضًا. حيث تعتبر مرونة الطلب التقاطعية مقياسًا حساسًا لتغير الكمية المطلوبة من سلعة معينة X عندما يتغير سعر سلعة أخرى Y. ولهذا تسمى مرونة الطلب المتقاطعة أو التقاطعية. ويعبر عنها بالمعادلة الرياضية التالية:

مرونة الطلب المتقاطعة (XED)= التغير النسبي في الكمية المطلوبة لسلعة (X)÷ التغير النسبي في سعر سلعة أخرى (Y).

وتدل هذه المعادلة على أن ارتفاع سعر سلعة معينة (X) سيؤدي لارتفاع الطلب على السلع البديلة (Y)، وخاصة في السلع الضرورية، وبالتالي سيعود بالنفع على المنافس.

مرونة الطلب المرتبطة بالدخل

والمتغير هنا هو دخل الأفراد في المجتمع. أي تعبر عن التغيّر الحاصل في الكمية المطلوبة لسعلة معينة عند تغيّر مستوى دخل الأفراد، مع الحفاظ على العوامل الأخرى ثابتة. ويعبر عنها بالمعادلة الرياضية:

مرونة الطلب الداخلية (YED)= التغيّر النسبي في الكمية المطلوبة ÷ التغيّر النسبي في دخل الأفراد.

حيث تستخدم هذه المعادلة في دراسة تصنيف السلع في الأسواق، ما بين سلع أساسية وضرورية، أو سلع ترفيهية كمالية. ومن الواضح أنه كلما تحسن مستوى دخل الأفراد في مجتمع ما، زادت الكمية المطلوبة من السلع الكمالية والترفيهية، حيث ينفق الأفراد الفائض من أموالهم في شراءها.

مرونة الطلب التعزيزية

والمتغير هنا هو أذواق المستهلكين، وهو شيء لا يمكن قياسه وإحصائه بالأرقام، لذا يقاس بمؤشرات قابلة لأن تقاس مثل الإعلان، ويعبر عنه بالمعادلة الرياضية التالية:

مرونة الطلب التعزيزية = التغير النسبي في الكمية المطلوبة ÷ التغير النسبي في تكاليف الإعلان للسعلة.

فإذا كان هناك تناسب طردي بين تكاليف الإعلان وكمية الطلب، فهذا يعني أن هناك نظرة إيجابية من المستهلكين للسلعة. أمّا في حال انعدام التناسب، فهذا يدل على نظرة المستهلكين السلبية للسلعة، بالتالي سيؤثر سلبًا على الكمية المطلوبة.

أنواع أخرى لمرونة الطلب

وسنعتمد في هذا التصنيف على معيار آخر، بناءً على مقدار التقلب في الكمية المطلوبة من سلعة ما، وعلى هذا الأساس سيصنف الطلب إلى مرن، غير مرن، أحادي. وفق الآتي:

الطلب المرن تماما

أي عندما يكون هناك تغير كبير وحاد في كمية الطلب لسلعة معينة وفقًا لتغير السعر. وفي هذه الحالة قد يؤدي الارتفاع الطفيف في سعر السلعة إلى انخفاض كمية الطلب إلى الصفر، أو الانخفاض الطفيف في السعر إلى زيادة كمية الطلب لأضعاف وأضعاف. وهي حالة نظرية قلما توجد في الأسواق. أما عند قراءة الرسم البياني، سنلاحظ أنه عندما يكون الخط أفقيًا تمامًا يكون الطلب مرنًا تمامًا.

الطلب الغير مرن تماما

ويعني انعدام التغير في الكمية المطلوبة تمامًا عند تغير سعر السلعة، أي مهما ارتفع أو انخفض سعر السلعة، فإن كمية الطلب لن تتأثر ولن تتغير. وهي أيضًا حالة نظرية بحتة قلما توجد في الأسواق. مثل السلع الأساسية كالملح مثلًا. ويعبر عنها بالرسم البياني بشكل خط عمودي مستقيم تمامًا. مع العلم أن ميل المنحنى هو الصفر.

لتوضيح الطلب المرن تمامًا وغير المرن تمامًا وعلى سبيل المثال، لو كان لديك عدد كبير من الأوراق النقدية من فئة 1 دولار وعرضتها للبيع مقابل 1.02 دولار للورقة الواحدة، فستشاهد عندها انخفاض كمية الطلب حتى انعدامها، لكن لو عرضتها للبيع مقابل 0.98 دولار فستلاحظ إقبالًا هائلًا على الشراء، أي ارتفاع كمية الطلب إلى مالانهاية. هل لاحظت تأثير التغير البسيط في السعر على كمية الطلب؟

الطلب المرن نسبيا

وهنا نلاحظ انخفاض واضح في كمية الطلب عند ارتفاع السعر، لكن بشكل غير متناسب. فعندما يتغير السعر يصحبه تغير أكبر في كمية الطلب. مثلًا، إذا ارتفع سعر السلعة بنسبة 10% ستنخفض كمية الطلب 15% على سبيل المثال لا الحصر. وطبعًا نرى هذا النوع بالأسواق وبكثرة. أما عن الرسم البياني لمنحنى كمية الطلب في هذا النوع، فسيكون الخط منحدرًا نحو الأسفل.

الطلب غير المرن نسبيا

وبعكس الطلب المرن نسبيًا، التغير في سعر السلعة يؤدي إلى تغير أصغر منه في كمية الطلب. مثلًا، يرتفع سعر المشروبات الغازية بنسبة 22%، بينما تنخفض كمية الطلب بنسبة 10% فقط، حيث يكون الرسم البياني هنا أكثر انحدارًا من الرسم البياني المعبر عن الطلب المرن نسبيًا.

الطلب المرن الأحادي

في هذا النوع نلاحظ تساوي التغير النسبي في الكمية المطلوبة مع التغير النسبي في السعر. أي عندما يرتفع السعر بنسبة 10% ستنخفض الكمية المطلوبة 10% أيضًا، وتكون قيمة الطلب المرن هنا تساوي الواحد، أما الرسم البياني فيأخذ شكل قطع زائد.

في الختام، وبعد أن تكلمنا بشرح واف عن مفهوم مرونة الطلب وأنواعه، وعن تأثير التغير في السعر على ارتفاع وانخفاض كمية الطلب، هل ستعيد النظر في أسعار سلعك وفق هذا المفهوم، لتزيد من كمية الطلب على منتجاتك وتدخل المنافسة بقوة؟